مقالات

إشكالية الماضي والتاريخ والسلالة والأقيال

10/08/2022, 17:12:35
بقلم : فهمي محمد

المجتمعات العربية بشكل عام والمجتمع اليمني بشكل خاص أكثر المجتمعات الإنسانية «تدثراً» بثياب الماضي التي تسربل حاضرنهم على الدوام. هذا إذا لم يكن الماضي هو روح الحاضر الذي يرسم ملامح المستقبل في بلد تعطلت فيه صيرورة التقدم والتاريخ، رغم التضحيات الجسام، في سبيل ثلاث ثورات ووحدة خاضت جميعاً معركة الخلاص التاريخي.

التاريخ في اليمن وإن كان حاضراً على الدوام كسجل زمني يدون الأحداث والوقائع التاريخية، إلا أنه حتى اليوم لم يقدم نفسه حليفا لليمنيين في مسألة التقدم، بعكس ما ذهب إليه المفكر على امليل حين قال في كتابه (السلطة السياسية والسلطة الثقافية)، إن التاريخ يقدم نفسه دائماً حليفا للشعوب المتطلعة نحو التقدم! 

هذا لا يعني أن حاضر اليمنيين مع سلبية التاريخ التي تناولها الباحث الكبير قادري أحمد حيدر في كتابه (الحضور التاريخي وخصوصيته في اليمن)، تكذب مقولة المفكر على امليل في مسألة إيجابية حضور التاريخ مع الشعوب المتطلعة نحو المستقبل ، بل يعني أن الحضور التاريخي في اليمن هو حضور للماضي الذي يلتهم الحاضر على الدوام، وليس حضور التاريخ كصيرورة ناجعة نحو التقدم الذي يصنع المستقبل، كما يقصد بذلك المفكر على امليل في كلامه، ما يعني أن ما ذهب إليه الباحث الكبير قادري أحمد حيدر يتسق تماماً في المعنى مع ما ذهب إليه المفكر على امليل.

على حد وصف أحد الفلاسفة الألمان يكون التاريخ هو "حاصل الممكنات التي تحققت في أي مجتمع" ومع عدم تحقيق مثل هذه الممكنات العصرية نحو التقدم السياسي والاجتماعي كما هو حالنا في اليمن يتعطل التاريخ من حركته الصيرورية الحليفة للشعوب نحو المستقبل، ويتحول إلى ماض ممتد في حاضر الأجيال المتعاقبة.

مع هذا الامتداد السلبي أو الاستلابي في عملية التحول، يصبح الحاضر مجرد زمان ومكان «رجعي» نابذ لفكرة التغيير وثقافة الحداثة على المستوى السياسي والاجتماعي، وحتى الثقافي والاقتصادي،

ما يعني في النتيجة النهائية أن المجتمعات الإنسانية التي يكون حاضرها مجرد امتداد سلبي للماضي تعيش حالة من تقهقر التاريخ وهو ما نعيشه اليوم في اليمن، بعد أحداث الانقلاب والحرب، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة الحوثية.

عطفاً على ذلك ماذا يعني حالنا اليوم بعد أن أقر دستور الوحدة اليمنية مسألة التعددية السياسية والديمقراطية والمواطنة والتداول السلمي للسلطة، وبعد ذلك مخرجات الحوار الوطني والدولة الاتحادية، ثم نعود مع انقلاب (21 سبتمبر) إلى الحديث عن يوم الولاية والغدير والخمس وآل البيت وأحفاد بلال؟

وفي المقابل نتحدث عن الاقيال والقبيلة اليمنية وضرورة حضورها، وغير ذلك من أحداث الماضي السحيق ونماذجة التاريخية المشوهة، وصراعاته السياسية الممزقة للمجتمع، وكأننا اليوم نعيش زمن الإمام على ومعاوية وقريش والمهاجرين والأنصار والمكاربة!!!

ثم ماذا يعني أن يشطر الجميع وجوههم بوعي أو بدون وعي نحو البحث والتنقيب في الماضي السحيق ويديرون ظهرهم للمستقبل؟ إذا لم نكن نعيش حالة من تقهقر التاريخ الاكثر خطورة في تاريخنا، أو أننا نحن اليمنيين نقهقر التاريخ على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي، مع أن مشكلتنا بمقياس العصر والفكر السياسي الحديث، تقول إن اليمنيين محتاجون فقط دولة نظام وقانون، ونظاما سياسيا ديمقراطيا ووطنا للعيش الكريم. وهذه الحلول أنتجها الآخرون من حولنا عندما تعاطوا إيجابياً مع التاريخ كصيرورة نحو التقدم الذي يصنع المستقبل، وليس عن طريق استدعاء الماضي السحيق وتصدير نماذجه السياسية والاجتماعية والثقافية نحو المستقبل كما هو حالنا، وسوف يستمر مع دعاة العودة إلى ماضي السلالة والاقيال في اليمن، ذلك على سبيل المثال وليس الحصر.

مقالات

دستور طارق!

ربما ليس علينا الآن تذكير اليمنيين بطارق صالح، مدرب قناصة الحوثي والقائد الميداني ذي الوجه الشاحب الذي كان يقاتل، بإخلاص، كتفاً بكتف مع مجرم الحرب أبو علي الحاكم تحت قيادة عبدالملك الحوثي.

مقالات

وسائل التواصل الاجتماعي .. كيف شوَّهت صورة اليمن أمام العالم؟

بعد أن لم يعد لدى اليمن برلمانٌ واحدٌ ينعقد بانتظامٍ لمناقشة أحوال البلاد وقضاياها المصيرية، ولا صحافة تتمتع بقدرٍ معقولٍ من الحرية والاستقلالية، لا بأس من أن تصبح بعض المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي ساحةً لتناول تلك المسائل والهموم.

مقالات

طارق صالح: من عبء على الحوثي إلى عبء على الشرعية

حين استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء عام 2014، بدت الحاجة إلى أدوات صالح العسكرية والبيروقراطية ضرورة مرحلية. كان كمن يفتح لهم أبواب القلعة التي سيتحول لاحقًا إلى أسير داخلها. بقيت الحاجة لصالح إلى أن نجحت العصابة الحوثية في تجريده من أوراقه، وإلحاق أدواته بها، وإعادة تكييف أتباعه داخل الجهاز الإداري والعسكري للدولة، وربط مصالحهم بها مباشرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.