مقالات

وقفات في ذكرى تأسيس الإصلاح

14/09/2020, 11:09:10
المصدر : خاص

يمكن القول إن الإصلاح هو أكثر الأحزاب اليمينية إثارة للجدل، هذا الحزب الذي يضم قطاعًا كبيرًا من اليمنيين من أقصى اليمين حتى أقصى اليسار، ويتمتع بحيوية كبيرة وحراك داخلي متعدد التوجهات، وحتى مع كونه يُعرف دومًا بالحزب المحافظ، إلا أن بنيته التركيبية تتجاوز هذا التنميط التسطيحي وتكشف عن خصوبة عالية داخل القطاعات الشعبية المنتمية للحزب. 

تكمن قوة حزب الإصلاح في احتوائه على كتلة كبيرة من الطبقة الوسطى في اليمن، وهؤلاء هم الذخيرة الحية للتنظيم والقوة المركزية لنشاطاته المتعددة، غير أن الحزب الفتيّ يعاني من ترهل على مستوى قيادات الصف الأول، الأمر الذي خلق ما يشبه الفجوة بين الطبقات التنظيمية وولّد حالة من التململ الكبير والصامت داخل الحزب. 

هذه الرتابة التي يتسم بها الحزب في هرمه الإداري الأعلى لا تتناسب مع حيوية الطبقة الوسطى داخل التنظيم، الأمر الذي جعل الحزب أقل فاعلية مما يجب أن يكون عليه، وأضعف من قدرة التنظيم على التحرك بخفة أكبر، بعيدا عن التفكير الحذر والشايخ الذي تتصرف به القيادة تجاه كثير من الأحداث وطريقة إدارة مواقف التنظيم إزاءها. 

على سبيل المثال: كثير من شباب التنظيم ليسوا راضيين عن طبيعة علاقة الحزب مع المملكة وطريقة تعامله مع الإمارات، ويشعرون أن حزبهم يرهن وجوده بشكل كامل مع السعودية في الوقت الذي تعمل المملكة على تحجيم حضورهم والحرب الصامتة ضدهم منذ سنوات، فيما الحزب لا يكف عن التعبير عن ولائه المطلق لها، دون أن يكون لهذه السياسة أي أثر في خفض منسوب العداء الذي تحمله المملكة للتنظيم. 


يتحرك حزب الإصلاح وهو مثقل بالمخاوف المصيرية، ويتخذ مواقفه جميعًا من منطلق هواجس البقاء. إن شعور الحزب بالتهديد الدائم، هو ما يجعله يتعايش مع ذلك، فهو يفكر دوماً انطلاقًا من مخاوف الاجتثاث، وبناءً على هذا يتجنب الحزب سياسة المواجهة الندية مع الخصوم والأعداء. 

لقد تمكن خصوم الإصلاح من جعله يتصرف بطريقة دفاعية دائمة وكأنه متهم في ساحة محكمة وعليه دومًا نفي التهمة عن نفسه ومدافعة الخصم الذي يتربص به ويعمل ما بوسعه للإيقاع به. 

العيش داخل حلبة صراع يضعك فيها الخصم داخل دائرة ردة الفعل، هو أمر يسلبك القدرة على الفعل وينسيك مكامن قوتك وما يتوجب عليك فعله انطلاقًا من أهدافك الذاتية وبعيدا عن أجواء المدافعة الدائمة للخصم والانشغال به. 

فيما يخص السلطة مثلًا: 

يتعامل الإصلاح مع السلطة كما لو أنها تهمة تُلاحقه، يتوارى خجلاً عند أي حديث خاص بالمناصب والتعينات، كأنه محتال يخشى انكشاف أمره، بالطبع، لدى الإصلاح رغبة بالسلطة، ويريد انتزاع حصته بما يتناسب مع وزنه، ويقاتل لأجل ذلك، لكنها رغبة خائفة، رغبة بها وخوف مبالغ به إزاء تصدير نفسه كطرف أساسي في الحكم، دونما خجل ولا مواربة.

لم يتمكن الإصلاح من فرض ذاته كحزب له الحق في المشاركة بالسلطة مثل بقية الأحزاب وبما يتناسب مع وزنه. وحتى مع كونه عمليًّا أحد أقطاب المعادلة السياسية في البلاد، لكن علاقته بفكرة الحكم والسلطة ما تزال محفوفة بالتوجس الدائم، وتلك مشكلة جذرية تتعلق بعلاقة تيارات الإسلام السياسي بالسلطة منذ زمن وعدم تمكنهم من كسر هذا الجو الخانق رغم العقود الطويلة التي قضوها في تذبذبهم بين السلطة والمعارضة. 

باختصار: على الإصلاح أن يدافع عن حقه في الحكم بوضوح، دونما توجس من تربص الآخرين به أو التصرف بشكل متخفي وأخذ حقوقه بطريقة ذليلة ومرتجفة. 

يحتاج الإصلاح للتخلي عن ثقافة "السرّية والكتمان" في تعامله مع مسألة الحكم، أنت حزب تعمل في ميدان سياسي في وضح النهار وعليك أن تقاتل لتحقيق وجودك وترجمة قوتك لنفوذ سياسي مشروع، عليك أن تدرك هذا، فلست عصابة مافيا، كي تتصرف كجماعة ملاحقة، وتنتهج سلوكا مشبوها، ثم تسعى للتغطية على سلوكك للإفلات من العقاب.

مقالات

ما بعد غزة وما بعد إيران

في إعلان الحرب على غزة حَدَّدَ نتنياهو الهدف الرائس: القضاء على حماس، وعودة الرهائن. كان القضاء على حماس مَطلوبًا، إلا أنَّ الهدف مِنْ وَراء ذلك هو القضاء على غزة بحرب إبادة يشنها عبر القصف المتواصل، والحصار القاتل. وَمَنْ لم يُقْتَل بالقصف والتجويع تَقتلهُ «المساعدة الإنسانية»: الإسرائيلية الأمريكية!

مقالات

حرب إيران وإسرائيل.. حقائق صادمة ومفارقات متضاربة

بصرف النظر عن نتائج الضربات الجوية الماحقة التي شنتها القوات الأميركية على معظم منشآت إيران النووية، وما إذا كانت سوف تغير من مجريات الصراع في المنطقة، إلاَّ أن أكثر ما استرعى انتباه ودهشة المراقبين، قبل ذلك، هو سلسلةُ المفاجآت اليومية التي كشفت عنها الحرب الإيرانية- الإسرائيلية المباشرة. أولها أن الصواريخ البالستية والمسيَّرات التي زودت بها إيران أذرعها في العراق وسوريا ولبنان واليمن لم تكن، في أفضل حال، سوى أدواتٍ لتجريب أسلحتها ذات الفاعلية العسكرية الكبيرة، على غرار ما شهدناه في مواجهتها الراهنة مع إسرائيل. لكن المؤسف أن تلك التجارب لم تفد إيران، ولم تلحق أي ضررٍ بإسرائيل، بل كلفت بلدان تلك الأذرع استباحة أراضيها من قبل جيوشٍ عالميةٍ كبرى يستحيل كسرها، وأدت إلى سلب إرادة شعوب، وانتهاك سيادة دولٍ لم يكن بالإمكان التعدي عليها لولا التدخلات الإيرانية في شؤونها، فضلًا عن تدمير بناها التحتية الأساسية، وعودتها عقودًا من الزمن إلى الخلف يصعب تعويضها.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.