مقالات

نوستالجيا

27/03/2023, 10:21:17

كلما أوغل المرء في أغوار العمر وعميقه ازداد تفلسُفاً، وكلما ازداد تفلسُفاً ازداد تساؤلاً، وكلما ازداد تساؤلاً ازداد بصيرة - ربما - أو ازداد حيرة!

حين كنا صغاراً - بعمر الورد والسنابل - كانت أوتار القلب لا تعزف سوى لحن البهجة. وكانت حدقة العين لا ترى سوى لون الخُضرة. وكانت تلافيف الذاكرة لا تختزن سوى كون واحد هو الطفولة.

وحين كبرنا - وكبرت معنا وفينا أحلامنا وآلامنا - ضاقت مدارات الرؤية بحدائق الطفولة الجميلة، وغابت عن شفق الرؤيا كل أطياف اللهو البريء الضحوك، وكل أقواس الحلم الوردي الطروب.

كان للطفولة لون الياسمين ورائحة البحر وطعم الدهشة وموسيقى السماء. كانت صباحاتها وردية ولياليها بنفسجية، بل كانت شتلة من قوس قزح يمشي مرِحاً أو يطير مُجنّحاً. وكانت تاريخاً منفلِتاً خارج حدود الزمكان.

كانت، وكانت، وكانت، ولا أقسى على الإنسان من أن تغدو أجمل مراحل عمره وأحلى أيام حياته فعلاً ماضياً ناقصاً. وأشدّ قسوة أن تكون عودة - ولو لُحيظات من تلك الأيام - مستحيلة بمعنى الكلمة!

ولا يشعر المرء بوطأة ثقيلة للحنين إلى زمن وأماكن الطفولة، إلاَّ حين تزداد متاعب الحياة ومصاعب الدنيا، ويشعر بازدياد ثقلها على كاهله.

وكلما اضطرمت نار الصراع مختلف الألوان في مشهد العُمر، واضطربت موازين القوى في ميزان الحياة، تتراءى له تلاوين شتى من أسباب الحُزن والكآبة، فازداد حنينه إلى أيام زمان الجميلة والبريئة والجليلة، وتعاظم شوقه الجارف إلى أيام وحياة الطفولة بكل ما تعنيه من براءة ومرح وضحك ولهو، آمناً مطمئناً من مخالب الزمان وأنياب المكان وسموم الدنيا وهموم الحياة.

يا لنكد هذا الرجل الستيني القابع قُبالتي في هذه اللحظة، يكتب مذكرات وثرثرات يجترّها من قعر بئر "النوستالجيا" بحبال من قشّ مهترئ وخيال من صمغ لزِق دبِق حامض!

مقالات

لا ضوء في آخر النفق!

عندما بدأت الحرب على اليمن في 26 مارس، بدون أي مقدّمات أو إرهاصات أو مؤشرات تدل على حرب وشيكة، حيث تزامنت هذه الحرب مع هروب عبد ربه منصور إلى سلطنة عُمان، وكان قرار الحرب سعودياً، ثم إماراتياً خالصاً، تحت مسمى "إعادة الشرعية"، التي في الأصل قامت السعودية بفتح كل الطرق لدخول الحوثيين إلى صنعاء وطرد الشرعية منها، وأن هذه الحرب لم تكن مرتجلة بل مخطط لها لإعادة اليمن إلى ما نحن عليه اليوم، من شتات وتمزّق.

مقالات

هنا بدأت رحلتي

أضواء خافتة تقسم الشارع بالتساوي بين الذاهبين والقادمين، قمر في السماء يوزع ضوءه بين سطوح المنازل وقناة الماء في ميدلبورغ، وأنا أجلس خلف ضوء دراجتي الهوائية، وخلف أمنيتي أن يستمر الطريق بلا نهاية.

مقالات

حديث لن يتوقف!

يومَ أعلن علي سالم البيض بيان الانفصال، في خضم حرب صيف 1994م، تنصَّلت جُل - إنْ لم يكن كل - قيادات وكوادر الحزب الاشتراكي عن مسؤوليتها تجاه هذا الإعلان المقيت، الذي لم تقوَ حُجَّته أمام كل ذي عقل بأنه كان اضطرارياً، كما حاول البعض الزعم به يومها، إذْ لم يجرؤ أحد على القول إنه يتفق مع مشروع الانفصال.

مقالات

أمير الشعر الحميني عبر كل العصور

"لا توجد كلمات غنائية أصيلة بدون ذرة من الجنون الداخلي". يطِلُ عبدالهادي السودي من بين هذه الكلمات، لكأنها كتبت فيه، وعن سيرته، وتفردهُ شاعراً، وعاشقاً، وصوفياً، وعلامة فارقة لِعصرهِ، وشاغلاً للأجيال من بعده.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.