مقالات

نتانياهو وكابوس الدولة الفلسطينية

24/11/2025, 09:42:31

عشية التصويت على القرار الأميركي في مجلس الأمن الدولي استمات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في تأكيده على استحالة أن تكون هناك دولةٌ للفلسطينيين على أرضهم المحتلة.

ويوم الخميس الماضي كرر قوله إنه "لا دولة فلسطينية" مكرراً "باختصار، هذا لن يحدث " إلاَّ "في حال أن يكون للفلسطينيين نظامٌ كالسويد" ووصلت ثرثراته إلى حد القول إن معبر (رفح) مع الجانب المصري "لن يكون مفتوحاً أمام الفلسطينيين إلاّ للمغادرة والخروج النهائي فقط" داعياً مصر إلى فتح حدودها لمغادرة سكان القطاع.

وبموازاة هذا واصلت قواته غاراتها لتحصد أرواح العشرات من الفلسطينيين في قطاع غزة المطحون والممزق فوق وتحت الأرض بزعم تدمير الكثير من أنفاق حركة حماس، مطالباً القوات الدولية المقترحة بتولي مهمة "الأمن والسلام" في غزة لنزع سلاح حماس، وذلك على افتراض أنه سوف يكون هناك كيا إسمه حماسٌ أو فلسطينيون على أرض القطاع التي تم تقطيع أوصالها وتقسيمها إلى جزءٍ خلف "الخط الأصفر" سوف يتم العمل عليه وفق خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، وآخر معزولٍ ومحاصر من كل اتجاه، براً وبحراً وجوا.

وعلى الجانب الآخر من المشهد، يواصل نتانياهو اعتداءاته على جنوب لبنان بحجة منع حزب الله من اعادة تنظيم نفسه، ولا يتوقف عن انتهاكاته لسيادة سوريا، الأمر الذي وصل حد قيام نتانياهو، مع وزير حربه وأركان جيشه، بزيارة أمام الكاميرات لجزء من أراضي الجنوب السوري المحتلة، وكأنه يزور أرضاً محررة لا مغتصبة، مؤكداً أنه سوف يحقق الأمن لإسرائيل على حدودها الشمالية سواء من خلال اتفاقٍ أمني مع سوريا، قال إن شروطه سوف تكون كثيرة ومعقدة أو بدون اتفاق، أو كاتفاق هشٍ لوقف إطلاق النار كذلك الذي تم التوصل إليه مع لبنان.

نتانياهو لم يكن عسكرياً كسابقيه في الحكم الذين وصلوا إلى السلطة في إسرائيل بعد خوضهم العديد من الحروب عرفوا من خلالها ما تعنيه الحرب، وأعني هنا خصوصاً إسحاق رابين الذي دفع حياته، في بداية مسار كان مفترضاً للسلام، ثمناً لتوقيعه اتفاق (أوسلو) بشأن مبادئ للسلام تم إبرامه بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في الـ 13 من سبتمبر/أيلول من العام 1993، برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، ومن قبله اتفاق (كامب ديفيد) العام 1978، الموقع عليه من قبل الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل، الذي كان لا يقل أجراماً وتطرفاً، مناحيم بيغن، ومن بعد هذا الاتفاق (معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية) الموقعة بين مصر وإسرائيل في الٌ 26 مارس 1979

نتانياهو لا ينتمي إلى هذه المدرسة من المحاربين الاسرائيليين الذين يرون أن الحرب هي من أجل صنع السلام، وذلك كرئيس الوزراء الأسبق (إيهود باراك) أو كوزير الدفاع الراحل (عيزرا وايزمان) وإنما يمكن تصنيفه بأنه واحدٌ من أكثر قادة إسرائيل تطرفاً على غرار (أرييل شارون) ومن على شاكلته، رغم فارق العمر والتكوين المعرفي والتجربة السياسية لدى كلا الجانبين.

عندما يقول نتنياهو إنه سوف يواصل الحرب "على كل الجبهات" فهو يعني حروباً صغيرة مع أذرع إيران أو حتى مع إيران نفسها لدرء حربٍ أوسع وأكبر يكون شعارها (تحرير فلسطين) أو إجبار إسرائيل على القبول بـ "حل الدولتين" الذي يجاهر نتانياهو أنه كرس جل حياته من اجل ألاَّ يكون هذا الملف موضوعاً على الطاولة حتى في أي نقاش حول (التطبيع) الذي تشترط دولٌ عربية وازنةٌ كالسعودية ومصر أن يكون متلازماً ومتوازياً مع القبول بتنفيذ حل الدولتين.

نحن إذاً أمام (حالةٍ) من الغرور والغطرسة والهستيريا لا يمكن تفسيرها إلاّ بأن الرجل يعاني من رُهابٍ أو فوبيا اسمها (الدولة الفلسطينية) يحتاج معه نتانياهو إلى عزله من موقعه اولاً بقرار إسرائيلي داخلي، قضائي أو سياسي، ثم إلى علاجٍ وإعادة تأهيل نفسي وسياسي حتى لا يبدو أمام الشباب الإسرائيلي قدوة ونموذجاً أو بطلاً قومياً كما يحلم، لا كما تراه الغالبية منهم.

مقالات

أزمة الثقة في اليمن: من انقسام الداخل إلى استغلال الخارج (٤)

مثّل انتقال السلطة في إبريل 2022 من الرئيس عبدربه منصور هادي – الذي حمل مشروع الدولة الاتحادية – إلى مجلس القيادة الرئاسي المكوّن من ثمانية أعضاء، محطة مفصلية في مسار الأزمة اليمنية. فقد جاء القرار بدون إرادة وطنية، بل استجابة لضغوط إقليمية ورعاية مباشرة من الرياض وأبوظبي، مع تأييد عربي ودولي حرص على تأكيد وحدة الكيان الوطني واستمرارية الشرعية الدستورية، وذلك تحت غطاء ضغوط الواقع العسكري والسياسي، ومحاولة لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة وتوحيد الجهود في مواجهة الانقلاب.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.