مقالات

ماذا بقي من الوحدة اليمنية؟

23/05/2024, 09:42:23

على ما يبدو في الظاهر أو العلن اليوم أن الكثير من اليمنيين قد كفروا بالوحدة اليمنية من الألف إلى الياء، بعد أن كانت أمنية وأغنية لطالما تغنَّت بها أجيال وأجيال من اليمنيين، سواء كانوا مواطنين أو قادة.

ولقد أنتج الخيال الوطني ملاحم وأناشيد ووطنيات بكل الأصوات العذبة، أو غير العذبة، للمطربين اليمنيين من كل اليمن شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وكتب الشعراء القصائد الخالدة، التي امتزجت في قلوب ووجدان كل اليمنيين، واختلطت بمشاعرهم وإيمانهم وصلواتهم.

وما يدور حالياً من كفر بالوحدة، سواء كان من أطراف سياسية تعمل لأجندات خارجية ومصالح داخلية، ما هو إلاَّ لأسباب ومسبباتها، ونتيجة الخيانات الأولى للوحدة من محاولات الضم والإلحاق، أو ما كان يُقال "عودة الفرع إلى الأصل"، وتصفية قادة لم يكن ذنبهم إلاَّ أنهم آمنوا بالوحدة حتى النّخاع.

وما من شك أن اليمنيين -وقد عانوا من مرارات الحرب والتمزّق، وقطع الطرق والحصار، وانهيار العملة والخدمات، وتحوّل متطلبات المعيشة اليومية إلى كابوس يؤرِّق كل ربّ أسرة يمنية، وانقطاع المرتبات والكهرباء، وغياب كل الخدمات الصحية، وتحول التعليم إلى أضحوكة ومسخرة- جميعاً يتطلعون إلى الأفضل، وأن موقفهم القادم سيكون مع العدالة والمواطنة المتساوية والديمقراطية، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بالوحدة.

والمثير للغرابة أن اليمنيين شعب غريب الأطوار، ومتقلب المزاج، ففي يوم 21 مايو كان الكثيرون من الشماليين يحتفلون بذكرى إعلان الانفصال عام 1994م مع الجنوبيين الداعين إلى الانفصال، وكان الكثير من الجنوبيين يحتفلون مع الشماليين يوم 22 مايو بذكرى الوحدة الخالدة.

إذا بحثنا في أعماق اليمنيين جميعاً سنجد أنهم جميعاً يتمنون الوحدة اليمنية الحقيقية بكل شروطها العادلة.

قد تكون الوحدة صعبة -وهي كذلك- لكن التشرذم والتمزّق والكنتونات ستكون أصعب على الجميع سواء بسواء.

قد تخبرنا الوقائع والواقع أننا اليوم أكثر ما نحن عليه انفصالاً، سواءً على مستوى الأرض، أو الوجدان، أو الضمير، ومع ذلك مازالت الوحدة اليمنية أغنيات جميلات رائعات خالدات في قلوب كل اليمنيين، وإن حاول البعض إنكار ذلك بكل لغات العالم.

الوحدة اليمنية قدر اليمنيين جميعاً من الله، والتمزّق اليمني قدر لعين آخر تدفع ثمنه دول الجوار الإقليمي أموالاً طائلة لعملاء وتجار حروب لا يكتفون، هذه سُنة الحياة التي يجب على اليمنيين التغلب عليها، والانتصار لوحدتهم ووحدة أراضيهم وبحارهم.

ولعلَّ قصيدة الوحدة الغنائية، التي بقيت يتيمة في ديوان الفيروزة ولم يلتفت إليها أحد من عمالقة الطرب اليمني، ولم يكن مقدراً لها أن تكون أغنيةً أو نشيداً تلخِّص كل ما يمكن أن يُقال أمس واليوم وغداً، هي:

يا شمالاً يحمـلُ الهمَّ بنا             مُطرقاً يُصغي إلى همِّ الجنوبِ

وهو سوف يمضي الليلُ من آفاقنا
لنلاقي الفجر في يوم قريبِ

وحدةُ الشطرين في أعراقنا             نغمٌ تعزفُه نبضُ القلوبِ

فهي في الزورة من أشواقنا               إنها لُقيا حبيبٍ بحبيب

وهي إيماءٌ إلى إشراقنا                 لن نلاقي بعدها وجهَ غروب

وبها تصرخُ في أعماقنا               ذمَّةُ التاريخ في صوتٍ رهيب

فإذا ظلَّتْ على أوراقنا                 كَلِماً تُذرا  على وجه الدروب

فستمضي النارُ في إحراقنا              أبداً توُقدُها كفُّ الغريب

وسيأتي العارُ في أخلاقنا                 وتلاقينا شماتاتُ الشعوب

رحم الله شاعر الوطنية والوحدة عبد الله عبد الوهاب نعمان، الذي نسج لشمس الوحدة ألويةً، ومدَّ جذورها في قلوب اليمنيين من خلال صوت العندليب أيوب طارش، وهي الأناشيد التي ستظل ترضع منها الأجيال مهمال طال الزمن، وتطاول أقزام الخليج على اليمن الكبير، واليمنيين والوحدة.

مقالات

عجائب الحروب مع الأعداء

تتبدّى لنا غرابة التفكير العربي في الوقت الراهن من حيث تقديم عدو وتأخير آخر، مع أن كليهما عدوان سافران واضحان بعداوتهما بلا هوادة.

مقالات

الوصول إلى الحوثي عبر الحرس الثوري

على مدى العقود الثلاثة الماضية، أظهرت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران قدرة مدهشة على الجمع بين التنسيق والتعاون والتنافس، خصوصًا في ملفات أفغانستان والعراق. لم تتردد واشنطن في نسج خيوط تعاون غير مباشر مع طهران أثناء غزو العراق وبعد سقوط نظام صدام، وتطور التعاون لاحقًا إلى مستوى من التحالف والشراكة في قمع المكوّن السني، ومنع سقوط الحكومة العراقية الموالية لكلٍّ من الولايات المتحدة وإيران، تحت ذريعة الحرب على تنظيم القاعدة، ولاحقًا داعش.

مقالات

أفول إيران.. بقاء الحوثي!

معركة كسر العظم التي تدور الآن بين الكيان الصهيوني وإيرن، تعيد الحوثي إلى المشهد، ليس فقط بالمشاركة المنسقة في المعركة إلى جانب طهران، بل باعتباره ذراعها المركزي لمواجهة الغرب

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.