مقالات

ليسوا جمهوريين!

08/12/2020, 13:20:47
بقلم : محمد صلاح
المصدر : غرفة الأخبار

"إن الحرية ليست هي وجود سيّد حاكم عادل، بل عدم وجود سيّد على الإطلاق".. الفيلسوف الروماني شيشرون.

كان مجيء النظام الجمهوري في اليمن بعد مخاض شاق وعسير، كان يتم فيه اصطياد رجال الحركة الوطنية، مثل الغزلان، والوعول، من قبل عكفة الإمامة.

خرج سبتمبر، الذي أضاء اليمن بنور الجمهورية، بعد أن ارتوت الذات اليمنية من روح سبأ، وقتبان، ومعين، وحضرموت، وحمير، بعد أن غمرتها أشعة أبي محمد الحسن الهمداني، ونشوان بن سعيد الحميري، واستظلت تحت ظلال ابن الأمير، والمقبلي، والشوكاني. 

اليمن، وما يجري فيها، ليس من حق جماعة، ولا منطقة، ولا فئة، ولا مذهب، ولا حزب ...الخ، تقرير مصيره، مستقبل اليمن هو أمر يهم كل اليمنيين، ويجب أن ينخرطوا جميعا في الحديث حوله، ويحددوا طريق المستقبل، ويسهموا في رسمه، مثلما هو واجب الجميع مواجهة الانقلاب، وانحراف التدخل الأجنبي.

هناك محاولات تجتهد في خلق تابوهات ومحرمات حول اتخاذ المواقف، التي تهمّ مصير اليمنيين، منها عدم الخوض، والتصدّي لأطماع التحالف في اليمن، وتريد أن تجزئ الشعور الوطني، وتعيدنا إلى مربّعات الهويات الضيقة، التي هي الهدف الجوهري لانقلاب الإمامة، وأطماع شقيقتنا الشقيّة، والإمارات العربية، وقد "ردد المفكرون السياسيون، مرات لا حصر لها، أن الجمهورية يجب أن تأخذ حذرها من المعتدين الخارجيين، الذين يريدون نزع استقلالها، ومن أولئك المتغطرسين الذين يبغون التحكم في القوانين وفرض إرادتهم وجعل المواطنين خدماً لهم". [ماوريتسيو فيرولي الفكر الجمهوري]

يقولون عن أنفسهم جمهوريين، وهم مع تأبيد الحاكم، وتوريث السلطة، والجمهورية في جوهرها ضد التأبيد والوراثة، وفي الوقت ذاته يخرجون لإدانة ثورة 11 فبراير وشبابها، وأنصارها الذين كانوا في قلب العمل الجمهوري، وفي مقدمة استعادة الجمهورية لروحها المتوثبة، التي رفضت تأبيد الحاكم، وتوريث السلطة. 

لم تضرب الجمهورية وتطعن الطعنة النجلاء إلا من بقاء الحاكم في السلطة 33 عاما، ولو كان الحاكم جمهوريا أو مخلصا للجمهورية، التي رفعته وجعلت منه زعيما وقائدا، ما ارتكس، وانقلب وتحالف مع الإمامة لينتقم من الشعب، الذي أراد التغيير!

علينا أن نحذر اليوم ممن يرفعون شعار الجمهورية، وهم في الوقت ذاته يقدمون المصالح الضيقة على مصلحة الوطن.

ففي "ظل القومية الجمهورية تندمج الأمة السياسية والثقافية لخدمة مجتمعٍ إقليمي يضم مواطنين، ينصاعون للقوانين نفسها، ويشتركون في القيم والمُثُل نفسها، المتمثلة في الفضيلة وحب الوطن". [أنتوني سميث الأسس الثقافية للأمم] 

فالمصلحة العامة والحفاظ عليها وتقديمها، على المصالح العائلية، والمذهبية، والحزبية، والمناطقية..الخ تعد أهم المرتكزات التي تقوم عليها فكرة الجمهورية.

أولئك الذين يرفعون راية الجمهورية، وهم في الوقت ذاته يريدون وضع السلطة في قبضة جماعة، أو أسرة، ويمجدون حكاماً ظلوا قابضين على السلطة لعقود طويلة هم أبعد ما يكون عن الانتماء للجمهورية. فالجمهورية تتعارض "في المقام الأول، مع السلطة التي لا كابح ولا نظام لها، ومع كل من يمارسها بتلك الطريقة، وتتعارض أيضا مع السلطة التي تتمثل في هيمنة شخص واحد أو مجموعة أو أكثر تبغي فرض مصلحتها فوق المصلحة العامة. [ماوريتسيو فيرولي الفكر الجمهوري]

الجمهورية جاءت لتفك قبضة الاحتكار على السلطة، وتضرب أسس الحكم المطلق.

نعم لقد كان "مفهوم الجمهورية مشوشا وغير واضح لدى الحكام، الذين تعاقبوا على السلطة، سواء طالت فترة بقائهم في الحكم أو قلّت. فقد كان النزوع إلى التأبيد والاستمرارية في الحكم نزوعا شاملا. [د. عبد العزيز المقالح مقابلة صحفية]

وما يجري الآن يوجب الحذر من أي كاتب يحاول النيل من الوحدة، ومن تجربة التعددية السياسية، والديمقراطية، وتحميلها وزر ما جرى، ويجري، في البلد، فالوحدة هي من تصون وتحمي النظام الجمهوري على المستوى القريب، والبعيد، كما أن التعددية السياسية هي الرئة التي يتنفس منها الوطن، وكلما ضاقت التعددية تعرض الجسد اليمني للخطر. 

ولنا في أحداث العقدين الماضيين عظة وعبرة لكل من يدّعي غيرته على الجمهورية.

إن مشكلتنا الحقيقية تعود بجذورها إلى طريقة النظام الحاكم، الذي أدار البلد بروح عائلية وملكية، تتنافى مع روح الجمهورية وقيمها ومُثلها، والتي يسعى اليوم هادي إلى تمريرها بحُجة الحرب التي يخوضها البلد.

مقالات

غزَّة أولاً

حرب الإبادة على غزة، وصمود شعبها، فيه تقرير مصير أمَّتِنَا العربية، ومستقبل سيادتها على أرضها.

مقالات

"خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء" (2)

في أول اجتماعٍ حزبي كنا خمسة أو ستة أعضاء، ولم يكن بينهم أحد من قريتي، لكن خوفي كان قد تبخّر، وكان المسؤول الحزبي شخصاً في غاية اللطف، يقول كلامًا بسيطًا عن الظلم والعدالة وعن الحزب، وكنت قد بدأت أستلطفه.

مقالات

الحوثي.. وحشية بلا هوادة تفتت النسيج اليمني

لم يعد بيننا وبين الحوثي مساحة يمكن البناء عليها. لا رابط نقي يمكن ترميمه، ولا أرضية أخلاقية تصلح لحوار. ما فعله بهذه البلاد تجاوز حدود الخلاف، هوى بها إلى درك من الوحشية والتفكك، مزّق النسيج الاجتماعي، وحوّل الروابط إلى رماد. ارتكب مجازر لم توثقها كل الكاميرات، وقتل الآلاف بدم بارد. مارس انتهاك الكرامات، وسحق الحقوق، وزرع الخوف داخل كل بيت. من السجون خرجت صرخات لا تجد من يصغي، ومن البيوت خرج الناجون بلا ذاكرة، محملين بألم لا يُحتمل. لا يمكن توصيف الحوثي كجماعة مسلحة فقط، هو منظومة متكاملة لصناعة الرعب.

مقالات

فؤاد الحِميري: فبراير الذي لا يموت

عندما تتأمل قصائد وكتابات وأشعار فقيد الوطن وأديب فبراير، الأستاذ الثائر فؤاد الحِميري، تجد أنها جميعًا تصب في ينابيع مبادئ الحرية والكرامة ومقاومة الظلم. هذه المبادئ هي ذاتها الأهداف السامية لثورة 11 فبراير، ثورة الشباب السلمية اليمنية، التي كان الحِميري أحد أبرز شبابها وشاعرها الملهم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.