مقالات

لحظة يا مساح

20/04/2024, 12:38:57

الأستاذ الصحفي والكاتب الشهير محمد المساح فارق الحياة بذبحة صدرية الليلة،
خبر فاجع وجنازة..

رحل واحد من أنبل من عرفتهم الصحافة اليمنية، رحل صاحب أشهر عمود صحفي يمني ساخر بسيط وعميق ”لحظـة يا زمـن“ في صحيفة "الثورة"، التي رأس تحريرها لفترة قصيرة نهاية القرن الماضي.

هل تخلى عنّا صاحب "لحظة يا زمن" بهذه البساطة، وبهذا الزمن المُر والظروف القاهرة؟!

الصحافة حزينة، والليل موحش يا أبانا الذي علمنا السخرية و"العرعرة"، وفضح الحرمية، وكشف اللصوص.
هل ذهبت أيها الأب المؤسس وتركت الأسئلة تتدلّى من سقف الجمجمة كخفافيش..

لمدة ساعة، أتتبّع الخبر هل عاد الرجل المشاكس قافرا إلى مستقره الأخير؛ تجنّبت سماعها. وعندما تأكدت، شعرت برجفة في القلب، ترددت في الروح كغيري من الزملاء في الوسط الصحفي، نعرف
كم أن الحياة تعشق "مساحها" الغاوي والمغوي، كم يطارحها هذا الصحفي الفذ، وكم تفوق عليها، وهزمها من جولات..

لم يكن محمد المساح مجرد كاتب وصحفي كان فنار وعلم.. كان فاكهانيا بارعا يقطف من قلبه كل صباح ما لذّ وطاب للقارئ من نصوص ساخرة رصينة نلتهمها دفعة واحدة، كان مقاتل الظروف الشرس، فمثله يغيب لكن لا ينطفئ هكذا بذبحة غادرة..

منازلته للحياة ستستمر، وسينتصر مهما طوقته وألمت به نوازل الدهر.. هكذا عوّدنا، وهكذا كنت أمنِّي النفس وأنا أحاول أن أتعامل مع الفاجعة..

قبل أن يختم الفصل الأخير من كتاب حياته الحافل هذه الليلة الكئيبة، كنت قد تابعته في لقاء مباشر، نهاية يناير، على شاشة قناة "بلقيس"، وكان كعادته يضحك بجنون الصعلوك الأول الشقي، وهو يستدل بالشاعر الكبير ناظم حكمت، أستعدت بعضا من لحظاتنا في مقر نقابة الصحفيين بصنعاء، وفي الحظة ذاتها باغتني شعور مؤلم أنه لا المساح في صنعاء ولا صنعاء في صنعاء، كل شيء تبدّل مع زوّار الليل ومليشياته..

تذكرت أنه ترك المدينة وعاد إلى الريف إلى قريته ”الردُع“ في منطقة العزاعز بالحجرية في تعز، منذ مطلع سنوات الحرب.
 
هناك التزم الصمت، وظل يربِّي  مواشيه؛ متخففا من أعباء صخب المدن المرهقة، ورفاقه المرهِقِين والمرهقَين..

غياب المساح ليس مجرد خبر  إعلان وفاة، أو لحظة عابرة، أو واحدة من الإماتات اليومية، التي نسمع عنها، ونقرأها ونوثّقها في الأخبار، هذا إعلان وفاة وموت زمن بأكمله، بمعانيه وأكابره ورموزه، وسجاياه ومناقبه..

”سقطت قلاع قبل هذا اليوم لكن الهواء اليوم حامض”، قال درويش.

هل سنعود إلى الوطن يوما ما، ونتصفّح صحيفة "الثورة" كما كنّا، ولم نجد تدوينة المساح وبروفايل كل واحد منّا صباحا هناك..

هذه اللحظة التي علينا أن نطلقها بصوت واحد: “لحظـة يـا زمـن“
لحظـة يـا مسـاح..
لحظة يا رفيق البسطاء، وصوت المنهكين، وتعويذة الفلاحين والكادحين، وضحكة الملائكة المدوية في الأرجاء، لحظة للتنهيدة، التي تصل منتصف الحلق، كما قال أحمد عدوان، ولا تغاد.. لحظة للدمعة العالقة في محجر العين.

مقالات

التصعيد العسكري المحتمل في اليمن عام 2025 بعد وقف إطلاق النار في غزة: سيناريوهات وتحديات( تقدير موقف)

مع إعلان وقف إطلاق النار في غزة في 19 يناير 2025، بعد أربعة عشر شهرا من الصراع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، شهدت المنطقة تحولاً في أولوياتها السياسية والعسكرية. هذا التطور لم يقتصر على وقف إطلاق النار بغزة ، بل امتد ليعيد رسم العلاقات الإقليمية والدولية، خصوصاً تجاه اليمن، الذي شهد تصعيداً حوثياً لافتاً خلال العدوان على غزة، حيث بررت الجماعة عملياتها بأنها( إسناد)المقاومة.

مقالات

مذكرات المشايخ والساسة

تبقى كتب السيرة الذاتية أكثر الكتب جاذبية للقراء في أنحاء المعمورة، ونقصد بها الكتب التي يكتبها الشعراء والأدباء والمفكرون والفلاسفة، وأرباب الكلام والأقلام، حيث تتلوّن كتاباتهم بشحنة وجدانية وشعورية عالية.

مقالات

اليمن وحقبة "ترمب" الجديدة

لا بُد أن العالم كله سيكون على موعدٍ مع رحلة صعبة مع الرئيس الأمريكي (دونالد ترمب)، خلال فترته الرئاسية الثانية، فالرجل أطلق -حتى قبل تنصيبه- جملةً من التحديات، وعلى الجميع داخل الولايات المتحدة وخارجها الاستعداد لمواجهتها.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.