مقالات

عن برنامج حيث الإنسان

01/04/2024, 11:02:35

منذ أول موسم للبرنامج، منذ الدهشة الأولى، صِحت بأعلى صمتي: أبووس راسك يا من اخترت العنوان....!

سأعترف قبل الكتابة: حاولت التربُص، هكذا دون نيّة محترمة، كنت حينها مكتظا بالغضب واللعنات المعتّقة من مشاهدة برامج "الخير"، وضعت الخير بين قوسين، لأني لم أجده في معظم  البرامج -إن لم تكن جميعها- فقط امتهان لكرامة الإنسان، وسحق لما تبقى من أجساد المتهمين بالحياة...!

"تلاميذ الشجر"، هكذا كان عنوان أول حلقة في أول موسم. المشهد الأول، الشمس بكل حضورها المطل على هذه البلاد البعيدة، تلميذ يمشي بحذائه المنهك من شوك المسافات، وحصى الجبال، وحمّى طموحه بمستقبل يحترمه...!

تحت شجرة سقتها الشمس، تمتد أغصان ظلها إلى كل دفتر بين يدي ربه، الصغير القابع في صف أول، وكل الصفوف معا، تتداخل الأصوات، ربما التقط أحدهم درسه الخاص به من زحمة النّبرات...!

شهور من العمل الجاد، تناسق وتناغم أحسسته رغم كل المشقة، ووعورة الطرقات، عشر دقائق أو أكثر بقليل هي مدة العرض في البرنامج، عشر دقائق فقط، وكانت المدرسة...!

ابتسامات أطفال، تناهيد راحة وأمان تنطلق من صدور الأهالي، لمعة دمع الرضا في وجوه المدرِّسين، بالونات احتفال، وشريط افتتاح، وكرامة يتقاسمها الجميع، هناك فقط "حيث الإنسان".

هل هو الفخ يا "بلقيس"؟!

مازلت مسكونا بالشك، لا ذنب لي غير ما ترسّخ في ذاكرتي من استياء فرضته البرامج الرمضانية...!

كانت الحلقة الثانية (رائدة المعجنات في تريم)، شاهدت ما فعله الدخان بتلك المرأة وهي تحاول الرزق من تنور الحطب، لم أكمل مطيبة المحلبية حتى اكتمل مخبز أنامل حواء، وابتسمت عيون تلك العزيزة...!

يبدو أن في الأمر إنّة، انتهى الموسم، لقد خذلني البرنامج، لا إنة يا "بلقيس"، يبدو أن "المكتوب باين من عنوانه" كما يُقال، إنه فقط "حيث الإنسان"..!

في كل موسم أحاول الكتابة، ألملم دمعي من كل حلقة، أبحث عن شكر أنيق وقبله اعتذار يتلو آية الكرسي، وهنا نحن في الموسم السادس، ولي معه حكاية من عشق مبين.

في سبتمبر 2022، كنت في تعز، التقيت أصدقائي الصم في جمعية "الطموح" لرعاية وتأهيل الصم، أسعدني طموحهم، أبهجتني محبّتهم، وأبكاني حديثهم عن معاناتهم في التعليم، عُدت إلى صنعاء، لا شيء غير منشورات فسبوكية أفعلها، وتواصل بلغة الإشارة، لكن "بلقيس" لا تخذل قومها، وكانت مدرسة "بلقيس" للصم في تعز تحفة حالمة ومجمّعا قادما في الوقت القريب...!

"حيث الإنسان" مجمّع للنازحين من الحرب، معمل للصناعات، بيت لعزيز قوم لن يذل، محل لطالب رزق حلال، مدرسة في أعلى الجبال، وطريق يؤدي إلى اليمن الجمهوري. 

مدارس للصم تبث ترددات الإشارة من سد مأرب حتى قلعة القاهرة.

ما يقرب من 180 مشروعا مستداما، وكرامة محفوظة.

قبل أن يرتد طرف اعتذاري، يراودني عن نفسه الشكر لكل إنسان في فريق العمل، شكرا وحبا للدهشة الموثّقة في لغة الإشارة، شكرا وحبا لكل من نفرت دمعة إنسانه، شكرا وحبا مؤسسة "توكل كرمان".

(فائدة نحوية) 

حيثُ: ظرف مكان مبنى على الضم في محل نصب

الإنسانْ: مبتدأ مرفوع وجوبا

والخبر هنا واضح وموجود، يا "بلقيس"

مقالات

غزَّة أولاً

حرب الإبادة على غزة، وصمود شعبها، فيه تقرير مصير أمَّتِنَا العربية، ومستقبل سيادتها على أرضها.

مقالات

"خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء" (2)

في أول اجتماعٍ حزبي كنا خمسة أو ستة أعضاء، ولم يكن بينهم أحد من قريتي، لكن خوفي كان قد تبخّر، وكان المسؤول الحزبي شخصاً في غاية اللطف، يقول كلامًا بسيطًا عن الظلم والعدالة وعن الحزب، وكنت قد بدأت أستلطفه.

مقالات

الحوثي.. وحشية بلا هوادة تفتت النسيج اليمني

لم يعد بيننا وبين الحوثي مساحة يمكن البناء عليها. لا رابط نقي يمكن ترميمه، ولا أرضية أخلاقية تصلح لحوار. ما فعله بهذه البلاد تجاوز حدود الخلاف، هوى بها إلى درك من الوحشية والتفكك، مزّق النسيج الاجتماعي، وحوّل الروابط إلى رماد. ارتكب مجازر لم توثقها كل الكاميرات، وقتل الآلاف بدم بارد. مارس انتهاك الكرامات، وسحق الحقوق، وزرع الخوف داخل كل بيت. من السجون خرجت صرخات لا تجد من يصغي، ومن البيوت خرج الناجون بلا ذاكرة، محملين بألم لا يُحتمل. لا يمكن توصيف الحوثي كجماعة مسلحة فقط، هو منظومة متكاملة لصناعة الرعب.

مقالات

فؤاد الحِميري: فبراير الذي لا يموت

عندما تتأمل قصائد وكتابات وأشعار فقيد الوطن وأديب فبراير، الأستاذ الثائر فؤاد الحِميري، تجد أنها جميعًا تصب في ينابيع مبادئ الحرية والكرامة ومقاومة الظلم. هذه المبادئ هي ذاتها الأهداف السامية لثورة 11 فبراير، ثورة الشباب السلمية اليمنية، التي كان الحِميري أحد أبرز شبابها وشاعرها الملهم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.