مقالات
خطة ترمب وردُّ حماس
بموافقتها على خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لوقف الحرب في قطاع غزة يفترض أن تكون حركة حماس والفصائل الفلسطينية المتحالفة معها قد نزعت فتيلاً آخر لـ "جحيمٍ" محتملٍ توعدها به ترمب في حال قررت غير ذلك.
قطعاً، لم يكن هناك حلٌ مثاليٌ عبر التاريخ لصراع حياتيٍ ووجوديٍ كالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، إذ لابد من تبادلٍ للتنازلات "المؤلمة" سبيلاً للخروج دائرة الكوارث التي تتسبب فيها الحرب.
مبادئ أي تسويةٍ للصراعات قد تبدو براقةً وجاذبةً ومثيرةً للاهتمام والقبول بها، لكن ذلك لا يعني أن (الشيطان) لا يظهر عند النقاش في تفاصيلها، وقد رأينا الأمر يحدث في مئات الاتفاقات التي جرت لإنهاء الكثير من النزاعات حول العالم.
برغم ما لخطته "الطموحة" نظرياً من مناقب وما عليها من مثالب إلاّ أن الرئيس الأمريكي يواجه تحديات جمة في سبيل ترجمة هذه الخطة سواء قبلتها حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى على علّالتها أو لم تقبلها بمجملها أو بالتحفظ على بعض بنودها.
مشكلة الرئيس الأمريكي أنه جاء بعد (خراب البصرة) لطرح هذه المبادرة وكان بمقدوره أن يوقف الكارثة في غزة، حيث كان الحل أكثر يُسراً وسهولة منذ أول يوم لو أراد.
أول تلك التحديات أن كثيرين في العالم يعرفون ما وراء هذه الخطة المقترحة، وأول هذا محاولته إنقاذ مستقبل حليفه رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتانياهو ، وتجنيبه المزيد من الملاحقات القضائية والقانونية أمام المحاكم الإسرائيلية والدولية على كل الجرائم التي ارتكبتها قواته في حرب غزة.
ثاني تلك التحديات، أنه طرح هذه المبادرة في وقت أخذت الكثير من الدول الرئيسية في العالم، في أوروبا وغيرها، تعترف بحق الفلسطينيين في دولةٍ لهم على أرضهم المحتلة، وهذا ما كان غامضاً بوضوح في خطته المقترحة التي اعلن عنها في مؤتمره الصحفي إلى جانب نتانياهو في البيت الأبيض، وكأنما هما يعلنان حلاً من طرفٍ واحد.
روسيا الاتحادية مثلا اشترطت لقبول ودعم خطة ترامب أن تفضي إلى "حل الدولتين" الذي بات خياراً أمثل ولا بديل غيره بالنسبة للكثير من الدول التي ترى أن استمرار الحال على ما هو عليه خطرا على الأمن والسلم العالميين لا يقتصر على الشرق الأوسط وحده بل يتجاوزه إلى كل أنحاء الكرة الأرضية كما رأينا أمثلة على ذلك في التوترات الأمنية على خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن أو على مستوى التفاعلات الجيوسياسية في المجتمعات الغربية.
غزة وفلسطين أجمع ليستا في حاجة إلى مشروع (مارشالٍ) تنمويٍ جديد، بل إلى حلٍ شاملٍ دائمٍ ونهائيٍ يتضمن عدالةً انتقاليةّ جادة لمحاسبة كل مجرمي الحرب ومعاقبتهم أيٌّ كانوا، فما لحق بالشعب الفلسطيني طوال عقود من مجازر وحروب إبادة واحتلالٍ غاشمٍ وتشريدٍ ليس بالأمر الهيِّن أو الذي يمكن تجاوزه بمجرد مبادرة مهما حسنت نواياها.