مقالات

بعد الحراك الأخير لقبائلها..كيف تُقرأ اليوم حضرموت؟

14/04/2025, 07:42:20

طالما حيَّرت هذه البلاد أهلها قبل غيرهم من الدارسين في هويتها والبحاثة المجتهدين في فهم ما هي حضرموت وماذا تريد؟

حضرموت، منذ الملك "الضليل" إمرؤ القيس، تائهةٌُ بين الدين والسياسة، والهويات المتعددة داخلها وخارجها.

 تبدو حضرموت للناظر إليها من الخارج "واحدة"، لكنها أكثر من حضرموت، عند قراءتها من داخلها.. الساحل غير الوادي، والوسط غير الكل، فلكلٍ فيها "حضرموته الخاصة"، التي لا تلتقي بالضرورة مع حضرموتات الآخرين.

 لطالما حلمت حضرموت بدولة يمنية وطنية جامعة، لكنها، كما يقول الكثير من أبنائها، لم تجد نفسها جزءاً أصيلاً من "دولة"، سواء في الماضي البعيد أو العصر الحديث، ولعل هذا ما قد يفسر أسباب انكفائها على نفسها، وانشغال أبنائها بدراسة علوم الدين واللغة والشعر والأدب والفنون.

منذ عشرات، وربما مئات السنين، هاجر الآلاف من أبناء حضرموت إلى جنوب شرق آسيا لطلب الرزق، فبرعوا في التجارة، ونجحوا في تبليغ رسالة الإسلام إلى شعوب تلك البلدان، مقترنة بسلوكياتٍ صالحة وقيمٍ أصيلة وتقاليد عريقةٍ لا يزالون يحتفظون بها إلى اليوم.

وعند اكتشاف النفط، وإنتاجه في دول الجزيرة والخليج، انتقل آلافٌ آخرون إليها، واستقر بهم المقام هناك إلى أن أصبح بعضهم رجال أعمال أثرياء كبار يُشار إليهم بالبنان.

ثم خرجت موجةٌ ثالثة من المهاجرين الحضارم بعد العام 1967، بعضهم لأسبابٍ سياسية، وانتشروا في مختلف أصقاع المعمورة لدرجة أن قيل إن "الشمس لا تشرق على أرض إلاَّ وفيها حضرمي"، وبسبب مهاراتهم وقدرتهم على التأثير في المجتمعات، التي اندمجوا بها، رأينا أكثر من وزير خارجية ومسؤولين كبار ونواباً في عدد من دول جنوب آسيا وحتى إفريقيا، وذلك من أصولٍ حضرمية. 

لكن "الحنين" إلى حضرموت ظل مؤرقاً وعنصر تفاعل متزايد مع أهلهم في الداخل اجتماعياً وسياسياً على نحوٍ ما نلمسه اليوم في وعي الحضارم بهويتهم، وفي سعيهم إلى نيل حقوقهم المشروعة في الثروة والسلطة.

لم تجد حضرموت نفسها في شراكة حقيقية عادلة سواء مع دولة "اليمن الديمقراطي"، السابقة في جنوب اليمن، بعد استقلاله عن بريطانيا العام 1967، ولا مع اليمن الموحّد بعد العام 1990، ولا هي أيضاً قادرة على بناء دولتها بدون الجنوب أو الشمال، ولا معهما أيضاً، ولا حتى لوحدها بعد كارثة الحرب التي عصفت باليمن كله منذ العام 2015 حتى الآن. 

إذاً، فحضرموت في حيرةٍ من أمرها، وتتساءل إلام تنتظر استعادة دولة لا يمكن استعادتها في ظل التمزق الذي تشهده البلاد، وبدون شروطها ومعالجة مظلوميتها؟ ولماذا تتأخر عن بناء إقليمها الاتحادي الذي توافق عليه الجميع في مؤتمر الحوار الوطني، خصوصاً وهي تمتلك كل مقوِّمات النهوض، من أرض زراعية ومياه وفيرة وثروات طبيعية ومعدنية واعدة؟

جغرافياً، تقع حضرموت بين شرق اليمن وغربه بمساحة تبلغ 139 كم٢، وبقدرٍ من سكان هذه المساحة الشاسعة البالغ تعدادهم أكثر من مليون نسمة، يتوزعون على نحو أكثر من 30 مديرية، هي الأكبر من أي محافظة أخرى. 

لهذا، كثيراً ما حلمت حضرموت باستغلال ثرواتها، الأمر الذى لا يمكن أن يتحقق إلاَّ في وجود "دولة" مستقرة لم تجدها حضرموت، ولم تستطع أن تعمل على إيجاد هذه الدولة داخلها بمعزلٍ عن اليمن والجوار الإقليمي المحيط بها.

يرى بعض الحضارم أنه يمكن لحضرموت أن تأخذ بزمام المبادرة، وتصبح نموذجاً لبقية الأقاليم الاتحادية المتفق عليها في مؤتمر الحوار الوطني 2012، بل وأن تشكل رافعة سياسية لأي حلٍ أو مشروع وطني جامع في المستقبل.

نعم، يمكن لحضرموت أن تفعل كل ذلك، فهي تمثل شوكة الميزان بين الجميع، حيث لا "وحدة" إلاّ بها، ولا قيمة لأي "انفصال" من دونها، لكن غالبية الناس في عموم حضرموت تقريباً لا يريدون الوحدة بطابعها "المركزي" السابق، ولا الانفصال تحت قيادة "قبيلة" واحدة من خارج حضرموت، بل يؤثرون تأسيس إقليمهم الخاص، ولو في "الإطار النظري" للدولة الاتحادية، ويصرون على "النديَّة" الكاملة معهم دون تبعية لأي "مشروع صغير" في جنوب البلاد أو شمالها، وهذا حقهم دون جدال.

مقالات

الحرب والسلام في اليمن.. من يضع النهاية الأخيرة للصراع؟

في حراكٍ سياسيٍ لليمنيين، ملحوظٍ في أكثر من عاصمةٍ عربية وغربية، لما بقي من الدولة، والقوى والنخب السياسية المبعثرة في الداخل والشتات، يسعى البعض إلى استغلال الضغط الهائل الذي وفرته الحملة العسكرية الأمريكية على "جماعة الحوثيين" أملاً في إقناعها بالتخلي عن تحالفها مع إيران، والقبول بالعودة إلى الداخل

مقالات

أحمد قايد الصايدي كعالم ومفكر

الدكتور أحمد قايد الصايدي رجلٌ عصامي، بنى نفسَه بناءً مُحكَمًا ومتينًا. منذ الصبا رحل من قريته (البرحي)؛ إحدى قرى عزلة بيت الصايدي بمحافظة إب، التي تلقى فيها تعليمَه الأولي، ثم رحل عنها بداية العام 1954 إلى المستعمرة عدن، ودرس فيها تعليمه الأساسي، الابتدائي والإعدادي، وواصل تعليمَه الثانوي في مصر وسوريا بداية الستينيات.

مقالات

صوت أمل.. لا يُطفئه الزمن

تختزل الفنانة أمل كعدل الفكرة الأعمق حول الفن بكلمات بسيطة وتلقائية. لا تترك لك شيئاً لتقوله ، أكثر مما لمسته بخفة أنيقة، وكأنها تلخص جوهر الفن وفكرته الرفيعة:

مقالات

مجلس القيادة الرئاسي والأسئلة التاريخية (3/2)

السبب الثالث: نستطيع القول إنه إذا كان مجلس القيادة الرئاسي قد تشكل من أغلبية أعضاء كانوا يقفون في الواقع على رأس تشكيلات عسكرية في المناطق المحسوبة على الشرعية، ضف إلى ذلك أنه احتوى مجلس القيادة على عضوية طارق وعيدروس، اللذين كانا يمارسان فعلهما السياسي والعسكري خارج سلطة الرئيس هادي، ثم أصبحا - على إثر مؤتمر الرياض - عضوين في مجلس القيادة الرئاسي، الذي أصبح رأس سلطة الشرعية المعترف بها دوليًا.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.