مقالات
أيُّ مستقبل للحوثيين بعد حرب إسرائيل وإيران؟
بتهديداتهم المتكررة وغير الواقعية أو العملية، لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا، وحتى التلويح باستهداف بعض دول الجوار، يضع الحوثيون أنفسهم في مواقف لا يُحسدون عليها، ليس فقط من جهة ردود فعل تلك القوى الدولية في حال تكررت مغامراتهم باستهدافها مباشرة أو من خلال التعرض لسفنها في خطوط الملاحة المارة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ولكن أيضاً لكون تلك التهديدات باتت تُثير السخرية والتندّر لدى كثير من الأوساط في تلك الدول.
هدد الحوثيون بالرد في حال تدخلت الولايات المتحدة في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، لكن كل ما فعلوه هو إطلاق صاروخ باتجاه إسرائيل، تم اعتراضه وإسقاطه قبل اقترابه من الأجواء الإسرائيلية، كما هي العادة، باستثناء صاروخ وحيد أحدث "حفرة" بالقرب من مطار بن غوريون، وكان ثمن الرد عليه دماراً هائلاً ألحقته المقاتلات الإسرائيلية بموانئ الحديدة وعدد من المنشآت المدنية الحيوية في مناطق سيطرة الحوثيين.
قبل ذلك، كانت جماعة الحوثيين قد أعلنت فرض حظر جوي على مطار بن غوريون، وحذّرت السفن من الاقتراب من ميناء حيفا ذي الأهمية الحيوية القصوى لإسرائيل.
كما أعلنت الجماعة الحوثية أنها اشتبكت مع حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" في البحر الأحمر ثلاث مرات خلال يوم واحد، لكن الحاملة الأمريكية عادت إلى الولايات المتحدة بعد أن حققت أهدافها.
وفي واحدة من مبالغات الجماعة، كان الحوثيون قد أصدروا قراراً يقضي بتصنيف الولايات المتحدة وبريطانيا كدولتين معاديتين لليمن.
الأغرب من ذلك، هي دعوة الجماعة، أواخر إبريل 2019، إلى محاكمة الأمريكي دونالد ترمب في الحديدة، ونشرت صحيفة "الثورة" التي يديرها الحوثيون في صنعاء إعلاناً قضائياً غريباً دعا فيه "المتهمين" للحضور إلى مقر المحكمة في محافظة الحديدة (غربي اليمن)، وأمهلهم مدة شهر، وإلا فسيُصار إلى محاكمتهم كـ"فارّين من وجه العدالة".
وكان الحوثيون قد أعلنوا، في العام نفسه، عن بدء جلسات محاكمة ترمب و62 يمنياً وأجنبياً بتهمة "اغتيال" رئيس ما يُعرف بالمجلس السياسي، صالح الصماد، ومرافقيه.
لكن ما هو أسوأ من الزوابع، أن يصر الحوثيون على استهداف إسرائيل على خلفية حربها الوحشية في قطاع غزة، وفي ضوء النتائج التي أفرزتها الحرب بين إيران وإسرائيل، والترتيبات الواسعة في سوريا ولبنان والعراق، وذلك ليأتي الرد الإسرائيلي مدمراً، ولا يُلحق ضرراً بالغاً بالحوثيين، بقدر ما يُلحق خسارةً باليمن لأهم منشآته المدنية الإستراتيجية البالغة الأهمية بالنسبة لليمن وشعبه، فيعود الحوثيون إلى توعد الولايات المتحدة وإسرائيل للتصدي لمقاتلاتهما الشبح إف-35.
ومن جانبه، قال وزير إسرائيل، إسرائيل كاتس، إن "التعامل مع الحوثيين سيكون كما جرى مع إيران"، في إشارة إلى إمكانية أن نشهد عمليات عسكرية واستخبارية أوسع نطاقاً من هجماتها السابقة على مناطق سيطرة الحوثيين، خصوصاً في صنعاء أو الحديدة وغيرهما.