مقالات
إيران وغزة.. نهاية أم بداية نهاية
سواءْ اتفقنا أو اختلفنا مع ما جرى طوال ساعات يوم أمس الأثنين الـ 13 من شهر أكتوبر/ تشرين أول الجاري، من تبادلٍ للأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة حماس، وسط مشاهد مؤلمة ومؤثرة، فإن ما حدث يعني نقطة تحولٍ بالغة الأهمية، رغم كل الصعوبات التي اعترضت سبيل الوصول ألىهذه النتيجة، بل والثمن الباهظ الذي دفعه سكان قطاع غزة وشعوب المنطقة كافة.
مع ما فيه من مبالغات، قدم الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، وحليفه المنتشي، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو جردة حسابٍ طويلة أرادا أن يقولا إن أهم نتائجها، اغلاق ملف إيران النووي ولو لبضع سنوات وتكسير أضلاع وكلائها في لبنان وسوريا واليمن والعراق، ومحاصرتها بطوق العزلة الداخلية والخارجية والتصنيف الإرهابي ومشنقة العقوبات الاقتصادية التي التفت على أعناقها، وقبل ذلك قتل رموزها وملاحقة من بقي منها في البلدان التي لا تزال تعمل من داخلها.
تلك أمورٌ لا تحتمل المكابرة والإنكار بل يمكن أن يصبح مدعاة للسخرية، وسوف يثير الأشفاق أكثر الادعاء بأن غزة "انتصرت" وكسرت إرادة إسرائيل والولايات المتحدة والغرب، فعشرات الألوف من الضحايا وجبال الأنقاض والخرائب التي خلفتها الحرب الإسرائيلية في معظم أنحاء قطاع غزة ومشاهد الفاقة والجوع تدحض كل تلك المزاعم
غير أن إيران، التي لا ترى في خطة ترمب بشأن غزة والمنطقة أكثر من "عمل مفخخ" لتصفية القضية الفلسطينية، وجر المنطقة إلى ملعب التطبيع مع إسرائيل لن تقبل الاعتراف بالهزيمة أو بالاستسلام، وسوف تحاول العمل مع بقايا أذرعها على وضع العصي في عجلات التغيير لتمنع الوصول إلى تسويات وحلولٍ سياسية تحقيق الحد الأدني من الاستقرار والأمن في كامل المنطقة، ففي مواجهة التهديدات الاسرائيلية بإمكان العودة إلى جولة أخرى من الحرب المباشرة مع طهران، لا ينفك القادة الإيرانيون عن الادعاء بأنهم لم يستخدموا حلال حرب الأيام الاثنين عشر الماضية مع اسرائيل سوى 12 من قدراتهم العسكرية، وهذا أمرْ مشكوكٌ في صحته إلى حدٍ بعيد.
وبينما قال الرئيس الأميركي إن "الحرب انتهت" وأنه أطلق فجر تاريخ جديد في المنطقة يكرر نتانياهو أن الحرب لم تنته بعد، وأن بلاده لا تزال تواجه تحديات كبيرة مع جبهات مختلفة في عموم المنطقة في أشاره واضحة إلى إيران ومن يدور في فلكها.
خطة ترمب ووثيقة مؤتمر قمة شرم الشيخ لا تعنيان أن الطريق إلى شرق أوسطٍ جديدٍ ومزدهر بات مفروشاً بالورود، لكن الأهم أنهما وضعتا المنطقة على أعتاب مرحلةٍ جديدة لها أحلامها وتحدياتها، ولو يكن لهما من انجازٍ لهما سوى وقف الحرب التي غذَّتها إيران في غزة وأماكن أخرى من حولها، واستبعدت من المشهد القائم الآن في المنطقة طهران واليمين المتطرف في إسرائيل، ووضعت المزيد علامات الاستفهام أمام مستقبل نتنياهو لكان هذا وحده يكفي.