مقالات

اليمنيون في الشتات .. تغريبة النفط  (4-3)

18/11/2024, 12:28:45

مع اكتمال الثلث الأول من القرن العشرين الماضي، شكَّل ظهور النفط في شبه الجزيرة العربية والخليج العام 1933 نقطة تحولٍ حاسمة في مسار التجربة الإنسانية لدول ومجتمعات هذه المنطقة بما فيها اليمن الأقل والأحدث إنتاجاً .. لم يشرع اليمن في إنتاج النفط سوى في العام 1986 بواسطة شركة (هنت) الأميركية، وذلك في حقول محافظة مارب شرقي البلاد . 

توجَّه عشرات الآلاف من اليمنيين إلى السعودية ودول الخليج العربية الأخرى للعمل هناك، وتضاعفت أعدادهم عاماً بعد آخر، خصوصاً في مرحلة إنشاء البني التحتية لتلك البلدان، ومثلت عائدات هؤلاء من العمل هناك أكبر رافدٍ لخزينة الدولة اليمنية ليصل احتياطي اليمن من العملات الأجنبية في ذروة الطفرة النفطية العام 1974 إلى مستويات قياسية بلغت وفق بعض التقديرات الرسمية إلى نحو عشرين مليار دولار أمريكي. 

ساهم كل ذلك في تسريع وتائر التنمية سواء من خلال الخطة الخمسية الأولى أو بواسطة هيئات التعاون الأهلي للتطوير، فتم بناء المئات من المدارس والمعاهد، وتوسعت كليات جامعة صنعاء، وجرى شق وتعبيد آلاف الكيلومترات من الطرق، إلى غير ذلك من المستشفيات والمراكز الصحية، وشهدت البلاد تحسناً في غير ذلك من الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء وشبكة الاتصالات وخلاف ذلك.  

ولكن هذا كله لم يكن بلا ثمن، فقد كانت هناك في المقابل تأثيرات سلبية على الوضع الاقتصادي، خصوصاً على القطاع الزراعي.. حدث كل ذلك بعد أن تحسنت القدرة الشرائية لمعظم السكان بفعل عوائد المغتربين، وعرفت البلاد زيادة في استهلاك كل المواد غير المنتجة محلياً والمستوردة من الخارج.  

غير أن هجران عشرات الآلاف من المزارعين الشبان لحقولهم ومزارعهم أدى إلى تراجع الانتاج المحلي من المحاصيل الزراعية، بل واندثر الكثير من المدرجات الصالحة للزراعة بفعل الأمطار والسيول، وغياب صيانتها، كما تقلص حجم الثروة الحيوانيّة، وانخفض مستوى الإنتاج السمكي . 

أما على المستوى الاجتماعي، فقد ساعد توفر السيولة النقدية مع خفض تكاليف المهور إلى زيادة كبيرة في حالات الزواج في أوساط الشباب المغتربين الذين سرعان ما كان الكثير منهم يعود بعد زفافه بأشهرٍ أو أسابيع إلى مغترباته في السعودية وبلدان الخليج العربية لاستئناف السعي في العمل وكسب الأرزاق. 

لا يوجد أبلغ قول، تعبيراً، عن لوعة وشجن الزوجات الشابات اللواتي تركهن أزواجهن، منصرفين إلى مغترباتهم، وذلك من كلمات تلك الأغنية التي كانت تتردد بصوت الفنان (أيوب طارش) قائلة:  

" إرجع لحولك كم دعاك تسقّيه  

ورد الربيع من له سواك يجنيه  

والزرع أخضر والجهيش بالاحجان  

في غيبتك ذيب الفلاة حايم  

على المواشي والبتول نايم  

وانته على الغربة تعيش هايم  

سعيد وغيرك مبتلي بالأحزان  

ما شاش مكتوبك ولا الـصداره  

قصدي تعود حتى ولو زياره  

قا دمعي ترّك في الخدود أماره  

والوحدة زادت في القليب أشـجان  

غبني على عمري جرى سنينه  

أما الفؤاد قا زاد به حنينه  

ليتك تعود تشفيه من أنينه  

وينجلي همّي ونصلح الشان" 

كانت سهولة انتقال المغتربين بين اليمن ودول الجوار النفطية مغرية للذهاب والعودة، بل ولاستقرار البعض منهم، ولكن دون ضمانات حقيقية لحقوقهم في ظل ما كان يعرف بـ (نظام الكفيل) ولقد شهدنا كيف كان وجود اليمنيين عرضة لخطر التقلبات السياسية، حيث لم تتردد دول الاغتراب النفطية عن طرد نحو مليوني مغترب يمني بعد غزو الكويت العام 1982 اضطر معه أغلب المغتربين إلى العودة بعد سنوات طوال لا يلوي على شيءٍ من تعب العمر وكد السنين، وواجهت دولة الوحدة اليمنية الوليدة حينذاك أعباء وتحديات اقتصادية جمة لتوفير أماكن إيواء لكثيرين منهم، فضلاً عن صعوبة كبيرة لتأمين مصادر عيش بديلة لهم .

مقالات

عجائب الحروب مع الأعداء

تتبدّى لنا غرابة التفكير العربي في الوقت الراهن من حيث تقديم عدو وتأخير آخر، مع أن كليهما عدوان سافران واضحان بعداوتهما بلا هوادة.

مقالات

الوصول إلى الحوثي عبر الحرس الثوري

على مدى العقود الثلاثة الماضية، أظهرت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران قدرة مدهشة على الجمع بين التنسيق والتعاون والتنافس، خصوصًا في ملفات أفغانستان والعراق. لم تتردد واشنطن في نسج خيوط تعاون غير مباشر مع طهران أثناء غزو العراق وبعد سقوط نظام صدام، وتطور التعاون لاحقًا إلى مستوى من التحالف والشراكة في قمع المكوّن السني، ومنع سقوط الحكومة العراقية الموالية لكلٍّ من الولايات المتحدة وإيران، تحت ذريعة الحرب على تنظيم القاعدة، ولاحقًا داعش.

مقالات

أفول إيران.. بقاء الحوثي!

معركة كسر العظم التي تدور الآن بين الكيان الصهيوني وإيرن، تعيد الحوثي إلى المشهد، ليس فقط بالمشاركة المنسقة في المعركة إلى جانب طهران، بل باعتباره ذراعها المركزي لمواجهة الغرب

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.