مقالات

القلم والمايك

01/11/2020, 06:56:05
المصدر : بلقيس

كلما أجرى أحدهم معي مقابلة حوارية مباشرة، أقع في حيص بيص (والعبارة من مُقتنيات متحف الضاد).  وحتى هذه اللحظة، أجدني أخبط خبط عشواء، كالأبله قُبالة الصحافي أو المذيع أو المُحاوِر، فاذا بي أتلعثم بين العبارات وأتبكّم بين الاجابات، ولا تنتهي المقابلة الاَّ وأنا غارق في مياهي، ومُقيَّد في حبالي!

عرضتُ مشكلتي هذي على غير صديق وزميل، فقال قائل إن ما أُعانيه طبيعي وسائد، فيما قال سواه إن المسألة تستدعي العلاج عند طبيب مختص بالأمراض النفسية. ولا أدري لماذا نخجل - نحن العرب والشرقيين - من عرض مشاكلنا على أطباء في هذا الاختصاص، بالرغم من طبيعة الحالة وضرورة الحاجة.

كما أن الأمر ذاته يحدث لي كلما هممت بإلقاء محاضرة أو قصيدة أو المشاركة في الحديث في إطار ندوة أو حلقة نقاشية. 

وحكى لي أديب كبير ذات مرة عن معاناته من الأعراض ذاتها.  وأخيراً، قررت عرض هذه المشكلة، ليس على طبيبٍ "نطاسي"، بل على بروفيسور قاموسي، هو "جوجل" كرّم الله شاشته وأدام بشاشته وطيّب حشاشته.

وقد وجدتُ ثمة تحليلات فكرية تتكئ على أسانيد علمية، تناقش هذي المسألة بتفصيلات مذهلة، وتخلص إلى أسباب هذه الحالة ووسائل معالجتها، في محاولة جادة للإجابة عن السؤال الأهم في الموضوع: كيف ينجح الكُتَّاب بالقلم، فيما يخسرون بالكلام أمام الجمهور؟

وفي هذا الشأن، اختلف عديد من النقاد والمثقفين والناشرين والجمهور الذين استعرضوا هذه الحالة. 

فقال الطرف الأول: إن عدم امتلاك الكاتب أو الأديب ناصية الكلام المباشر - برغم قدراته الثقافية - يخصم كثيراً من رصيده لدى الجمهور. وهم دعوا أولئك الذين يعانون من هذه الأعراض إلى خوض دورات خاصة لدى مختصين للحصول على ما يساعدهم على تجاوزها، باعتبار تواصله مع الجمهور يكشف مدى قدرته على امتلاك أدواته اللازمة لإيصال رسالته.

أما الطرف الآخر فقد تعاطف مع أمثالي، معتبرين هذه الحالة ليست معياراً للحكم على الكُتّاب والأدباء وسائر المثقفين وقياس مستواهم، كما أنه ليس شرطاً أن يجيد المبدع الكلام أمام الجمهور، فالمطلوب منه هو تفجير طاقته الإبداعية على الورق.

 واستشهدوا بشعراء كبار مثل: شوقي، والبياتي، لم يجرؤا يوماً على إلقاء قصائدهم أمام الناس!

واتفق الجميع على أن للجمهور رهبة، مثلما للكاميرا والشاشة رهبة مضاعفة، وأن هذه الرهبة من شأنها أن تقطع سلسال أفكار الكاتب والأديب، وإرباكه وجدانياً فتؤدي به، في غالب الأحيان، إلى التلعثم ونسيان الكلام، في الوقت الذي يكون هؤلاء أكثر براعة في التعامل مع الورقة والقلم، بل ويبدعون أعمالاً قد تكون علامات فارقة في الحياة الثقافية.

تأسيساً على ذلك، أجدني قد عقدت العزم على الابتعاد عن هذا الفضاء المباشر مع الناس والشاشة والمايكروفون والكاميرا، مكتفياً بالقلم والورقة في حوار الذات والأفكار، وكفى الله أمثالي شرَّ "الميديا".

 قلم يُنجيك.. ولا مايكروفون يُرديك!

مقالات

دستور طارق!

ربما ليس علينا الآن تذكير اليمنيين بطارق صالح، مدرب قناصة الحوثي والقائد الميداني ذي الوجه الشاحب الذي كان يقاتل، بإخلاص، كتفاً بكتف مع مجرم الحرب أبو علي الحاكم تحت قيادة عبدالملك الحوثي.

مقالات

وسائل التواصل الاجتماعي .. كيف شوَّهت صورة اليمن أمام العالم؟

بعد أن لم يعد لدى اليمن برلمانٌ واحدٌ ينعقد بانتظامٍ لمناقشة أحوال البلاد وقضاياها المصيرية، ولا صحافة تتمتع بقدرٍ معقولٍ من الحرية والاستقلالية، لا بأس من أن تصبح بعض المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي ساحةً لتناول تلك المسائل والهموم.

مقالات

طارق صالح: من عبء على الحوثي إلى عبء على الشرعية

حين استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء عام 2014، بدت الحاجة إلى أدوات صالح العسكرية والبيروقراطية ضرورة مرحلية. كان كمن يفتح لهم أبواب القلعة التي سيتحول لاحقًا إلى أسير داخلها. بقيت الحاجة لصالح إلى أن نجحت العصابة الحوثية في تجريده من أوراقه، وإلحاق أدواته بها، وإعادة تكييف أتباعه داخل الجهاز الإداري والعسكري للدولة، وربط مصالحهم بها مباشرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.