مقالات

القضية الفلسطينية بين الإجراءات والقيم الإنسانية

15/04/2025, 11:17:40
بقلم : زهير علي

أمر مجحف وغير منطقي أن نرى ما يجري في فلسطين بمعايير الحروب العادية، ونتعامل معها ومع أطرافها على هذا الأساس.

فهل نحتاج للتذكير بأن هناك احتلالًا استيطانيًا إحلاليًا، قام من خلاله الاستعمار الغربي بجلب المهاجرين اليهود من أوروبا بالدرجة الأولى، ثم من بقية الدول، ليسكنوا أرضًا ليست فارغة، بل يسكنها شعبٌ أصيل منذ القدم؟! فتم إخراج أصحاب الأرض من ديارهم وأملاكهم، وقتل الكثير منهم، وتشريد وتهجير معظمهم!

وبالمقابل، ظهر أفراد وجماعات يحاولون فقط مضايقة هذا المحتل، كي يؤكدوا وجودهم، ويبرهنوا أن هذه الأرض لم تكن يومًا خالية، بل مأهولة بأهلها. ومن خلال تمسّكهم بحقهم في الحياة والأرض، فإنهم يُعبّرون عن تشبثهم بإنسانيتهم، ليس لأنفسهم فحسب، بل للعالم أجمع.

هؤلاء ليسوا أشخاصًا غير عقلانيين لا يبالون بأنفسهم، كما يصوّرهم البعض، ذلك البعض الذي يضع العقلانية في تعارض مع الإنسانية، نتيجة تبنيه عقلانية إجرائية أداتية، وفقًا لتعبير مدرسة فرانكفورت.

الفلسطينيون يتمسكون بإنسانيتهم من خلال إيمانهم بالقيم والعدالة التي ينشدونها، وعبر تمسّكهم بذاكرتهم وكرامتهم وحقوقهم. وربما لم يُحسنوا التقدير في ظنهم بالعالم من حولهم، لكنهم، رغم ذلك، يحاولون استغلال أي فرصة لاستعادة حقوقهم، أو جزء منها، واستعادة معاني العدالة والعقل لنا جميعًا، في عالم يسير نحو اللاعقلانية، ويُقدّس القوة ويجعلها معيارًا للحق.

وما يقومون به في مواجهة المحتل، وفي أقصى حالات طموحهم، لا يهدف إلى الانتصار وفقًا لمعايير الحروب التقليدية، بل يتصرفون كحركات مقاومة تسعى إلى إلحاق الخسائر بالمحتل، كي تذكّره بوجودهم، أو تجعله غير آمن ولا مستقر، طالما أن الظلم مستمر.

إنهم يواجهون المحتل بالحجارة، ثم بالعمليات البسيطة، ثم بالقذائف، كما تفعل جميع حركات المقاومة.

والمشكلة هنا تكمن في الحديث عن هذه الحالة والتفكير فيها بمنطق الحرب بين طرفين. وتتضاعف المشكلة عند تجاهل كل انتهاكات المحتل لقواعد الحرب، إذ إننا أمام إبادة وتهجير غير مسبوقين، وتحطيم لكل أعراف الحروب والقوانين الدولية وحقوق الإنسان.

ويحدث هذا في عصر الإعلام والمؤسسات الدولية! ومع ذلك، هناك من يصبّ اهتمامه على إجراءات هامشية، لا تلقي بالًا لحدث غير معقول ولا يمكن تبريره، حتى لو افترضنا أن هناك جزءًا من الشعب اختطف مليوني إنسان!

فلا يمكن للعقل، ولا للقانون، ولا للقيم، أن يقبل بإبادتهم أو تهجيرهم جميعًا!

لا أستطيع أن أتفهم أي مبررات تُطرح.

فهل بعضنا مصابون بالعمى الأيديولوجي حين يقدّمون مبررات للإبادة ويناقشونها؟ أم أننا أمام حالة تحاول امتصاص الصدمة، والحفاظ النفسي على “معقولية” العالم أو النظام الدولي، من خلال اختلاق مبررات “عقلانية” لكل هذا الموت اللامعقول؟!

لكن، التبرير للإبادة لن يحافظ على ما تبقى من إنسانية في أصحاب هذه التبريرات، بل يحطم العقل والإنسان فينا جميعًا.

لا بأس من بعض الملاحظات السياسية التي يطرحها كثيرون، لكن من المعيب والمخزي الاستمرار في تكرارها في سياق كهذا.

فالتركيز عليها يُحوّل هذه “الإجراءات” والمبررات إلى موقف من القضية، أو قد يشير إلى التستر على موقف غير إنساني، في الوقت الذي يُفترض فيه أن يُعبّر الإنسان السوي عن موقف واضح، يكون هو العنوان فوق كل التحليلات الجانبية.

ويبدو أن النزعة اللاعقلانية، التي تُقدّس القوة وتضعها محلّ قيم الحق والعدالة، هي المحرك الأساسي لقادة هذا الرأي الإجرائي، وتلقفه أتباعهم، وبعض النفوس التي تحاول امتصاص صدمة أول عملية إبادة تُرتكب أمام الإعلام، ويشاهدها الناس مباشرة… دون أن يُحرّك العالم ساكنًا!

مقالات

دستور طارق!

ربما ليس علينا الآن تذكير اليمنيين بطارق صالح، مدرب قناصة الحوثي والقائد الميداني ذي الوجه الشاحب الذي كان يقاتل، بإخلاص، كتفاً بكتف مع مجرم الحرب أبو علي الحاكم تحت قيادة عبدالملك الحوثي.

مقالات

وسائل التواصل الاجتماعي .. كيف شوَّهت صورة اليمن أمام العالم؟

بعد أن لم يعد لدى اليمن برلمانٌ واحدٌ ينعقد بانتظامٍ لمناقشة أحوال البلاد وقضاياها المصيرية، ولا صحافة تتمتع بقدرٍ معقولٍ من الحرية والاستقلالية، لا بأس من أن تصبح بعض المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي ساحةً لتناول تلك المسائل والهموم.

مقالات

طارق صالح: من عبء على الحوثي إلى عبء على الشرعية

حين استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء عام 2014، بدت الحاجة إلى أدوات صالح العسكرية والبيروقراطية ضرورة مرحلية. كان كمن يفتح لهم أبواب القلعة التي سيتحول لاحقًا إلى أسير داخلها. بقيت الحاجة لصالح إلى أن نجحت العصابة الحوثية في تجريده من أوراقه، وإلحاق أدواته بها، وإعادة تكييف أتباعه داخل الجهاز الإداري والعسكري للدولة، وربط مصالحهم بها مباشرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.