مقالات

الحوثيون في الاستراتيجية الإيرانية: تحول في ميزان الأدوار لا استبدال لحزب الله

20/10/2025, 13:02:17

تمثل تصريحات القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد باكبور، مرحلة جديدة لإعادة تموضع إيران داخل ما تسميه طهران "محور المقاومة". يأتي هذا التموضع في سياق تصاعد الضغط الدولي على أذرعها التقليدية في لبنان والعراق، وبعد سقوط نظام الأسد في سوريا، وتراجع هامش المناورة لدى حزب الله نتيجة انكشاف جبهته الشمالية مع إسرائيل، وتصاعد خطر حرب واسعة في الجنوب اللبناني.

الرسالة التي وجهها باكبور بمناسبة مقتل محمد عبد الكريم الغماري ليست مجرد تعزية بروتوكولية، بل هي إعلان ولاء متبادل وتجديد للميثاق بين الحرس الثوري والحوثيين. هذا الحدث يعكس تحول الجماعة في اليمن إلى ركيزة أكثر مركزية في الاستراتيجية الإيرانية، خاصة مع تنامي قدرتها على تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، وإرباك خطوط الطاقة، واستهداف إسرائيل بصواريخ بعيدة المدى. هذه القدرات تمنح طهران ورقة ضغط متقدمة على واشنطن وتل أبيب دون أن تتحمل تكاليف الاستنزاف المباشر.

اللافت أن رسالة باكبور جاءت متزامنة مع تعيين يوسف المداني رئيساً لهيئة الأركان خلفاً للغماري الصريع. فالمداني، الذي يعد من أبرز القيادات الميدانية المتدربة في معسكرات الحرس الثوري، يمثل حلقة الوصل المباشر بين طهران وصعدة منذ سنوات، بل يمكن وصفه داخل الأجهزة الإيرانية بـ"النسخة اليمنية" من قاسم سليماني من حيث الكفاءة العملياتية والميدانية.

هذا التزامن بين التعزية الإيرانية وتثبيت المداني في منصبه يؤكد حرص طهران على ضمان استمرارية خط الاتصال العسكري مع الحوثيين دون انقطاع، وكأنها تعلن رسمياً أن مشروع "المقاومة اليمنية" قد تحول إلى مؤسسة قائمة بذاتها ضمن هيكل الحرس الثوري الممتد إقليمياً.

أما عن السؤال المحوري: هل ستغير إيران مركز ثقلها من حزب الله إلى الحوثيين؟

الإجابة الدقيقة تكمن في أن الأمر ليس "إحلالاً" بقدر ما هو "تحول في ميزان الأدوار". إيران تدرك أن حزب الله بلغ ذروة التشبع السياسي والعسكري، وأن أي حرب واسعة مع إسرائيل قد تستنزف قوته الردعية داخلياً، وفي المقابل، يمثل الحوثيون مشروعاً صاعداً لم يُستنزف بعد، ويعملون في بيئة إقليمية أكثر مرونة تسمح لهم بالتمدد من البحر الأحمر حتى خليج عدن. وهذا الأمر ليس تناقضاً بين الأذرع الإيرانية في المنطقة، ولكن تكاملاً وتوزيعاً لمناطق العمليات العسكرية المرسومة من قبل إيران.

من هذا المنطلق، يمكن القول إن طهران دخلت مرحلة "تعويم الحوثيين" كقوة إقليمية بديلة قادرة على تنفيذ مهام كانت موكلة سابقاً إلى حزب الله، مثل الردع غير المباشر ضد إسرائيل، وتهديد الممرات البحرية، واستنزاف الحلفاء العرب لواشنطن في المنطقة.

هذه المرحلة الجديدة ستشهد حتماً تصاعداً في مستوى التنسيق العسكري والاستخباراتي بين الطرفين، وسيحول اليمن إلى منصة استراتيجية مفتوحة لإيران، خاصة مع صعود يوسف المداني كالذراع الإيرانية الأكثر موثوقية في صنعاء وصعدة.

مقالات

نتنياهو والالتفاف على خطة ترامب

لا أحد يعلم ما الذي يريده بعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، من الإصرار على الاستمرار في اختلاق الذرائع لاستئناف الحرب على غزة، رغم قبوله باتفاق وقف إطلاق النار المبرم بمقتضى خطةٍ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ورؤية قمة القاهرة لإحلال السلام.

مقالات

السفر رفقة علي عنبة على ضوء القمر

علي عنبة كان الأجمل صوتًا والأكثر قبولًا بين كل فئات المجتمع، فشاركهم أفراحهم وأتراحهم، فقد كان منشدًا دينيًا مبدعًا أيضًا، ويمتلك كل عناصر الفن الأوبرالي والأوكسترالي.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.