مقالات

الأوطان عندما تتشظَّى كقوارير...!!

07/08/2023, 16:53:31

ليس هناك وطنٌ تعرَّض للتشظّي والانقسامات كما هو حاصل مع اليمن أرضاً وإنساناً، والسبب لعنة الجغرافيا، ولعنة جيران الخيمتين والماعز، التي أصبحت دولاً قبل ثمانين عاماً.

حتى إن جهود السلام فيه وحوله تسير ببطء السلحفاة، والسنوات تمر سراعاً أمام نواظر اليمنيين كالبرق، وهذي السنوات هي جزء مهم من حيواتنا وحاضرنا ومستقبلنا، الذي أصبح مع الريح.

الجميل في اليمنيين أنهم لم يفقدوا إيمانهم بالسلام والمستقبل، وصامدون في وجه عدوان داخلي بشع لم يشهد التاريخ له مثيلاً من قبل، ولن يرى من بعد.

يجب أن نقول الحقيقة الناصعة لأنفسنا وللآخرين النائمين في العسل، سواء عسل السلام أو عسل التخلص من هذي المليشيا حسب ما رأينا خلال السنوات العجاف التي مرَّت، التغيير دوماً كان يأتي من الداخل ومن قوى الشعب، والناس جوعى ومحطمون تماماً بفعل جرائم المليشيا في كل شؤون الحياة.
الشعب محبط؛ لقد قدَّم تضحيات غالية في 2011م، وتم قلع نظام متوحش، ولكن ذلك النظام المخيف قبل أن يلفظ أنفاسه انتقلت روحه الشريرة إلى طائفة بشعة، بل وأبشع مما كان، بداعي الانتقام من شعب أراد الحياة فلقي الموت.

اليمن أصبح بأجنحة مقصوصة الريش، وفي مهب الريح، شمال يصارع الكهنوت وجنوب مقسَّم ككنتونات، ولكل واحد ولي أمر لا يحب الخير لليمن واليمنيين، ويستحيل على ما نرى أن تجتمع الإرادات من أجل قضية واحدة، وهي استعادة الدولة، فهذا أمر أصبح دونه خرط القتاد، وهيهات هيهات.

لم يعد يجمع بين اليمنيين الحقيقيين غير النشيد الوطني، الذي يتردد في الأعراس والمناسبات الثقافية، أما الأعلام والرايات فقد أصبحت شتَّى كما هو حال الكثير من القلوب اليمانية، التي أثبتت الأيام أن "الإيمان يمان والحكمة يمانية" قول باهت، وغير مطابق للواقع المرير.

اليمنيون -لا شك- يحبون وطنهم بطريقة غريبة جداً لم يشهد لها العالم مثيلاً، ولكن هذا الحب لا يستطيعون ترجمته إلى أفعال لأسباب كثيرة، ليس هنا مجال لشرحها وعرضها. اليمنيون عند يريدون التعبير عن حب الوطن فإنهم يعتقدون أن  المغادرة والهجرة إلى الشتات وبقاع العالم هو الحب للوطن بكل تفاصيله.

عندما تتشظَّى الأوطان يتشظَّى الإنسان، ولذلك يعيش اليمنيون حالات معقَّدة من التشظِّي والوجع واليأس بانصلاح أحوالهم في القريب المنظور؛ سواء بالسلام أو الحرب، حيث وصلت الأمور إلى مرحلة اللاحرب واللاسلم، وهو المأمول والرجاء عند تجار الحروب وأطرافها جميعاً بكافة مسمياتهم وأسمائهم على بشاعتها.

اليمنيون اليوم لم يعودوا يحلمون بالسلام من أجل أنفسهم، بل من أجل أولادهم والأجيال القادمة، أما أنفسهم فقد أصبح الكثيرون يعلنون للناس أنه يكفيهم أن يموتوا واليمن قد أصبح على ما يرام وبألف خير ومتعافيا من سلسلة طويلة من الحروب بأنواعها ومسمياتها.

خلال السنوات الماضية، مات الكثيرون من اليمنيين، المحبين للوطن بكل تفاصيله، وهم يأملون ويحلمون أن تنتهي الحرب بين عشية وضحاها كما قامت، ولكن بلا جدوى، لقد قبرناهم بأيدينا وشيعناهم بدموعنا، وها نحن ننتظر دورنا، بينما الأشرار يعيشون وتطول أعمارهم بشكل غريب، وتزيد أرصدتهم البنكية، ويجوبون العالم الذي يتفرج على اليمنيين بسخرية وتعاطف إلى حدٍ ما.

اليمن جغرافياً بلاد تضاريسها خُلقت للحروب والموت، ولكن الإنسان اليمني -وأقصد المواطن تحديداً- خُلق للحب والزراعة والعمل والعلم والسفر، ولعل ما نشهده هذه الأيام من ثورة في مجال المنتجات الزراعية داخل صنعاء وخارجها دليل على ذلك، طبعا كل ذلك ليس بفضل المليشيا، التي لا يهمها غير الجبايات والضرائب، وإنما بفضل عزيمة المزارع اليمني، الذي يفضل أن يعيش حياة الأجداد؛ مزارعاً أبياً وفياً للأرض والسماء الممطرة..!!

مقالات

رحلتي الجهنمية إلى عدن - ٢- (سيرة ذاتية -٢١-)

عند وصولنا آخر منحدر في "نقيل سُمارة" اصطدمت سيارتنا بسيارة بيجو قادمة من أسفل النقيل، ولا أذكر ما الذي حدث بعد ذلك. أذكر فقط أنني وجدت نفسي راقدًا فوق سرير في مستشفى بمدينة إب، وكل عضو من أعضاء جسدي يكاد يصرخ من شدة الألم.

مقالات

الهارب من الجحيم متهم في المخا

في المخا تُعامَل كلّ نفسٍ هاربةٍ من بطش الميليشيا كما لو أنها خيانةٌ تمشي على قدمين. وكأنّ النجاة من الجحيم أصبحت جرمًا يستوجب العقاب، لا حقًّا من حقوق الإنسان والوطن. بيدَ أنَّ من أبسط مقوّمات الانتماء أن يُتاح لليمني أن يعود إلى حضن أرضه، مهما تلطّخ ماضيه بظلال الخديعة

مقالات

مستقبل العمل الإنساني.. إلى أين؟

تتجه أنظار كثيرين حول العالم إلى العاصمة اليمنية صنعاء، حيث أعلنت جماعة الحوثيين الأسبوع الماضي عن تقديم 43 موظفاً في بعض وكالات الإغاثة الدولية، من أصل 59 تحتجزهم الجماعة، إلى المحاكمة بتهمة التجسس لصالح إسرائيل

مقالات

ما وراء حرب الإبادة في السودان

يشهد السودان حربَ إبادةٍ يحاول صُنّاعها تقليدَ ما يجري في غزة، حتى في الحصار والتجويع وقتل الأطفال. السودان متسع كقارة، وله جوار مع سبع دول، وقبلًا مع تسع دول.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.