تقارير
من حرب غزة إلى التسوية اليمنية.. تحركات دولية موحدة لإعادة تشكيل خارطة المنطقة العربية
لا يفوت الأمريكيون يوما واحدا دون الخروج بتصريحات جديدة داعمة للتسوية السياسية اليمنية وكأن لا ملف سانحاً لأن تسجل من خلاله إدارة بايدن نوعاً من الحضور أو الإنجاز سوى الملف اليمني، ذلك الملمح العام الظاهر للعيان من وراء تحرك الدبلوماسية الأمريكية المكثف في الملف اليمني.
أما في الخفاء فإن لهم هدفاً آخر له علاقة بالترتيبات التي تسعى واشنطن لفرضها على مستوى الشرق الأوسط، وما يتعلق بتداعيات الحرب التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة، وواضح أن هذه التحركات المتواصلة تأتي في سياق واحد مع المنح التي حصلت عليها طهران في الفترة الأخيرة من أموال مجمدة خلافا للسماح لها بتصدير ما تريد من النفط إلى الأسواق العالمية دون التفات للقيود المفروضة أو العقوبات على صادراتها النفطية، ما يعني أن هنالك نسقاً واحداً يتحرك من خلاله البيت الأبيض وليس من المستغرب القول إن من ضمن أهداف التسوية السياسية اليمنية المنتظرة ترضية الحوثيين الذين برعوا ضمن المحور الإيراني في التكسب من وراء حرب غزة.
أما السعودية فالظاهر أنها تتشارك مع الولايات المتحدة في المخطط العام للمنطقة وفي التكتيكات التي من شأنها أن تحقق الهدف العام لكلا الدولتين ما يعني أن التسوية اليمنية خطوة ضرورية في المخطط الكبير الهادف لإعادة رسم خارطة المنطقة وتغيير الثقل الجغرافي فيها ابتداء من حرب غزة وليس انتهاءً بإنجاز اتفاق سياسي يمني.
فالهدف العام الاستراتيجي للرياض الذي تسعى لتحقيقه من وراء كل ما يحصل من حرب دموية وتحركات سياسية مكثفة هو مشاركة إسرائيل في طريق التجارة الدولية الجديد ممر التنمية القادم من الهند عبر الخليج وإسرائيل ثم أوروبا.
لكن المعضلة في هذا الممر الغربي الذي ينافس طريق الحرير الصيني غزة.. غزة الجغرافيا والسكان والقضية ما يعني أن هذه الحرب التي يشنها الاحتلال الصهيوني ومن خلفه الولايات المتحدة بكل ثقلها العسكري والسياسي الهدف منها تغيير موازين القوى الدولية وخارطة التجارة العالمية، والمؤلم أن الفلسطينيين في غزة وحدهم من يتصدون لهذا المخطط الكبير أما بعض القوى الإقليمية فإما متورطة في التماهي مع الموقف الغربي من الحرب أو تتاجر بها وتتربح من ورائها.