تقارير

ما المخاطر المترتبة على إعلان الحوثيين آلية جديدة لدفع مرتبات القطاع العام؟

16/01/2025, 11:04:26

أصدر الحوثيون في ديسمبر 2024 ما أسموه بـ”قانون بشأن الآلية الاستثنائية المؤقتة لدعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة وحل مشكلة صغار المودعين”، الذي يهدف -وفقًا لهم- إلى معالجة مشكلة انقطاع مرتبات الموظفين العموميين وتحقيق العدالة في توزيع الدخل الشهري بين موظفي وحدات الخدمة العامة.

فكرة الآلية ومراميها:

تقوم فكرة الآلية على إنشاء حساب خاص في فرع البنك المركزي بصنعاء، الخاضع لسيطرة الحوثيين، ليكون وعاءً لجمع إيرادات مالية تحت تصرف وزارة المالية (التابعة لسلطة الحوثيين). ويتم توريد الإيرادات من حساب الحكومة العام بعد تغطية الالتزامات الشهرية الحتمية، إلى جانب نسبة مساهمة تفرض على جهات حكومية مختلفة بقرار من وزير المالية. وتشمل الموارد أيضًا تحويل موارد “صندوق المعلم”، الذي أنشأه الحوثيون سابقًا، إلى حساب الآلية الاستثنائية، بالإضافة إلى نسبة لا تتجاوز 20% من النفقات الشهرية لوحدات الخدمة العامة، ونسبة لا تتجاوز 10% من تكلفة البرامج الاستثمارية للقطاع العام، إلى جانب المبالغ المرتجعة من حساب الآلية.

ونص القرار على صرف مرتب كامل لبعض الوحدات الهامة مثل البرلمان والقضاء الخاضعين لسيطرة الحوثيين، ونصف مرتب شهريًا للوحدات التي لا تمتلك موارد ذاتية تغطي مرتبات العاملين فيها، ونصف مرتب كل ثلاثة أشهر للجهات ذات الموارد الذاتية التي تغطي مرتبات موظفيها ولديها نفقات تشغيلية تتجاوز مواردها.

كما ينص القانون على صرف المرتبات وفقًا للكشوفات المقرّة من وزارة الخدمة المدنية، وبناءً على كشوفات الانضباط الوظيفي، وتُعتبر ذمة الحكومة مبرّأة من أي مستحقات خارج هذه الآلية. ولا تُعد المبالغ الموردة من الجهات والوحدات الحكومية قروضًا على الحكومة، ويلغي القانون أي تشريعات تتعارض مع نصوصه.

وتعيد هذه الآلية إلى الأذهان قرار الحوثيين في 2017 بخصوص صرف المرتبات على هيئة بطائق سلعية، وهو القرار الذي فشل فشلًا ذريعًا.

تبعات الآلية ومخاطرها:

تعد هذه الآلية ارتجالية وغير قانونية، ولها العديد من المخاطر والتبعات، من بينها:

1. التلاعب بحقوق الموظفين:

تستهدف الآلية التلاعب بحقوق الموظفين العموميين عبر استبدال حقهم في المرتبات بقوائم جديدة أعدتها الجماعة، تخضع لشروطها ومزاجها. وتنص على تبرئة ذمة الحكومة من أي مستحقات خارج هذه القوائم.

2. إهدار مبادئ العدالة:

على الرغم من نص القانون على تحقيق العدالة، فإن الآلية تقسم الموظفين إلى ثلاث فئات، وتحدد صرف المرتبات بناءً على ذلك، في مخالفة واضحة لمبادئ العدالة. كما تربط الأجور بطبيعة المهمة التي يقدمها الموظف، بدلًا من اعتبارها حقًا مقابل خدمته في القطاع العام.

3. الاستيلاء على موارد القطاع العام:

تهدف الآلية إلى تمكين سلطة الحوثيين من السيطرة على موارد الشركات ومؤسسات القطاع الحكومي تحت ذريعة سداد المرتبات، دون الالتزام باعتبار هذه الموارد ديونًا على الحكومة.

4. إهمال قطاع التعليم:

لم تمنح الآلية اهتمامًا كافيًا للمعلمين والمعلمات، على الرغم من كونهم من أكثر الفئات حرمانًا من المرتبات. كما أن تحويل موارد “صندوق المعلم” لدعم الآلية يُعد تحايلاً على هذه الشريحة.

5. تمرير ضرائب جديدة:

فرضت الآلية ضريبة مقطوعة على السلع الكمالية، وضريبة دخل على المرتبات التي تتجاوز 25 ألف ريال يمني (ما يعادل 47 دولارًا).

6. فرض واقع جديد:

تسعى الجماعة إلى فرض واقع جديد فيما يخص مرتبات الموظفين العموميين، قائم على قوائم أعدّتها، تشمل عناصرهم الذين تم إحلالهم بدلًا من الموظفين المهجرين أو النازحين أو المنقطعين عن العمل بسبب تدهور الوضع المعيشي. وتأتي هذه الخطوة في سياق استعدادهم لأي مفاوضات جديدة تأخذ قضية انقطاع المرتبات بعين الاعتبار.

7. استغلال أموال المودعين:

حددت الجماعة سقفًا يبلغ 100,000 ريال للمودعين المستثمرين في أذون الخزانة، شريطة ألا يتجاوز مبلغ الوديعة 20 مليون ريال، مما يعني أن استرداد المبلغ الأصلي قد يستغرق حوالي 16 عامًا ونصف.

الخلاصة:

تتعارض هذه الآلية مع الدستور والقانون، ومع قواعد صرف المرتبات القائمة على العدالة والعمومية. ويبدو أنها جاءت نتيجة مخاوف الحوثيين من التبعات المحتملة لسقوط نظام بشار الأسد وانحسار النفوذ الإيراني في سوريا، بالإضافة إلى محاولة امتصاص الاحتقان الشعبي المتوقع تصاعده بعد انتهاء الحرب في غزة.

تستهدف الآلية التلاعب بحقوق الموظفين الحكوميين، والتمييز بينهم بناءً على أهمية المؤسسات التي يعملون فيها بالنسبة لمشروع الحوثيين. كما أنها تُستخدم كغطاء للاستيلاء على موارد الشركات والقطاع الحكومي. ومع ذلك، من المحتمل أن تواجه هذه الآلية الفشل، كما فشلت تجارب سابقة.

تقارير

بعد التشدد في التهم المنسوبة إليه.. ما وراء إطلاق سراح الشيخ الزايدي؟

قبل أيام، احتُجز أحد المشايخ القبليين الموالين لمليشيا الحوثي أثناء محاولته مغادرة البلاد من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، ثم أُطلِق سراحه لاحقًا، ليحتدم النقاش والجدل حول الحادثة وملابسات إطلاق سراح المحتجز.

تقارير

هل يُعكس تعافي الريال تحسُّنًا اقتصاديًا حقيقيًا، أم أنه خداعٌ ومضاربةٌ مكشوفة؟

شهد الشارعُ اليمني في الآونةِ الأخيرةِ تراجعًا ملحوظًا ومفاجئًا في سعرِ صرفِ الدولارِ مقابلَ الريال، حيثُ انخفضَ في مناطقِ الحكومةِ المعترفِ بها دوليًا إلى ما دون 2000 ريال، بعد أن لامسَ سابقًا حاجزَ 3000 ريالٍ يمنيٍّ للدولارِ الواحد.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.