تقارير
لا ماء ولا كهرباء.. أصوات نساء عدن تفجر وجع البيوت وتحرج الحكومة
بالتزامن مع التراجع الحاد في قيمة الريال اليمني، تشهد شوارع العاصمة المؤقتة عدن استمرارًا في الاحتجاجات النسائية التي تطالب بالحصول على أدنى مقومات الحياة، في مشهد يعكس تحوُّل الأزمة الاقتصادية إلى وجع يومي لا يُحتمل.
في العام الماضي 2024، تجاوز معدل التضخم حاجز الـ30%، ما جعل أسعار المواد الغذائية والوقود والخدمات الأساسية خارج متناول غالبية الأسر، وتتفاقم هذه المعاناة في ظل تناقص الدعم الدولي للعمل الإغاثي، وبدء العديد من المنظمات بإغلاق أو تقليص مشاريعها نتيجة نقص التمويل.
في المقابل، تعجز الحكومة اليمنية عن إيجاد حلول للانقسام المالي بين منطقتين اقتصاديتين، أو استئناف صادرات النفط، أو حتى إدارة الموارد العامة والوفاء بالتزاماتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
الألم داخل البيوت
يقول المحلل السياسي حسن مغلس إن الاحتجاجات النسائية في عدن لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، كون النساء خرجن وهن الأكثر تألمًا في البيوت، والأكثر احتكاكًا بالأطفال واحتياجاتهم وحاجات الطبخ.
وأضاف: الضغط الذي تتعرض له المرأة داخل البيت هو الذي دفعها للخروج في هذه الاحتجاجات، حيث باتت تفتقر لكل وسائل الحياة، لا ماء ولا كهرباء، وصحيح أن الزوج يساهم في البحث عن الرزق، لكن الألم داخل البيوت ألم غير عادي، والناس تعبوا.
وتابع: خروج النساء في الاحتجاجات يدل على وعيهن، رغم الاعتقال والقمع، حيث اعتُقلت يوم أمس امرأتان وتم الإفراج عنهما فيما بعد، لكن السؤال: لماذا تعتقل نساء لم يحملن السلاح ولا العتاد، وكل ما لديهن هو الصوت؟
وأردف: أخواتنا خرجن بصوت مؤلم يطالبن بالخدمات، لم يطالبن بتغيير النظام ولا الحكومة حتى يتم قمعهن واعتقالهن.
وزاد: هذه الاحتجاجات كان صداها كبيرًا وأخافت الدولة، لكننا نستغرب لماذا لم نسمع أي تجاوب لا من رئيس الوزراء ولا من رئيس مجلس القيادة، ولم يعقّب أحد على هؤلاء النسوة، وكأنهن غير موجودات، وما أُرسل إليهن فقط أجهزة قمع نسوية!
مؤشر خطير
يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية والإنسانية د. إيهاب القرشي إن ما يحدث من خروج للنساء في اليمن، سواء في عدن أو تعز أو غيرهما من المحافظات، وعلى مستويات متعددة، هو مؤشر كبير وخطير على الوضع الإنساني المتردي في البلاد، خاصة واليمن تعيش حالة حرب منذ 10 سنوات.
وأضاف: دائمًا في أي بلد من البلدان، عندما تحدث حروب أهلية أو حتى حروب خارجية، تتأثر الفئات الهشة في المجتمعات، وأهم هذه الفئات الهشة هي المرأة والطفل، ويجب على الرجل وعلى الدولة والحكومة ومنظمات المجتمع المدني والمجتمع الدولي أن يساند هذه الفئات.
وتابع: الذين يتحدثون عن الوضع الإنساني في اليمن يبدؤون باستعراض الفئات الهشة، وهي النساء والأطفال في المجتمع، ويسوقون لذلك ليحصلوا على ملايين الدولارات، ولكن في الأخير لا تنعكس على هؤلاء الناس.
وأردف: أيضًا توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة، يتأثر بانعدامها أو انخفاضها الفئات الهشة، وخاصة الأطفال ما دون الخامسة من العمر، والنساء الحوامل أو أثناء الولادة حيث يتعرضن للوفاة.
وزاد: التأثيرات الكبيرة في المجتمع تحدث على المرأة والطفل، وبالتالي يحدث التأثير المستقبلي للمجتمعات، ويتأثر مستقبل هذه المجتمعات بتأثر هاتين الشريحتين من المجتمع (المرأة والطفل).
خروج عفوي ومشروع
تقول الناشطة الحقوقية ضياء حسن إن هدفنا من الخروج في هذه الاحتجاجات ليس سياسيًا ولا لإسقاط نظام، وإنما خروج عفوي من أجل مطالب مشروعة تتمثل في توفير الخدمات الأساسية.
وأضافت: المرأة اليمنية تعرضت للضغط أكثر من بقية أفراد الأسرة، وتأثرت بشكل أكبر في ظل عدم توفر الاحتياجات الأساسية في منزلها، بسبب أن الرواتب ضعيفة ولا تفي بمتطلبات الحياة.
وتابعت: كنا نأمل من الحكومة أن تعمل على حلحلة الأوضاع ولو بالشيء اليسير، لأن الوضع أصبح في انهيار تام للخدمات، والعملة انهارت حيث ارتفع سعر الريال السعودي إلى أكثر من 700 ريال يمني خلال قرابة أسبوعين.
وأردفت: هناك انقطاع للرواتب منذ نحو شهرين، والمسؤولون والمتنفذون هم فقط من يتنعمون على حساب المواطنين والفئات المعدمة.