تقارير

كيف ستتعامل البنوك في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي مع التطوّرات الجديدة؟

01/02/2025, 11:51:54

قبل أيام أعلنت الخزانة الأمريكية عقوبات على بنك "اليمن والكويت" في صنعاء، وهي العقوبات التي لفتت الأنظار إلى المخاطر التي تعمل في ظلها البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين.

يأتي قرار وزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على بنك "اليمن والكويت" تحت طائلة تسهيل معاملات المليشيا، وعدم الشفافية، وغيرها من الاتهامات.

- أوراق ضغط

يقول الباحث الاقتصادي رشيد الحداد: "العقوبات الأمريكية أتت في إطار أوراق الضغط التي اتخذتها إدارة الرئيس بايدن، وعلى النهج تمضي الإدارة الأمريكية الحالية".

وأضاف: "العقوبات الاقتصادية  
هي إحدى الأوراق التي تستخدمها الإدارة الأمريكية لإخضاع أو الضغط على أطراف دولية سواء كانت جماعات أو دولا تكِن لها العداء، أو تأتي بأعمال أو ممارسات لا ترغب بها الولايات المتحدة الأمريكية".

وأوضح: "منذ العام 1990 وحتى الأعوام الماضية، استخدمت العقوبات الاقتصادية لأكثر من 45 مرة؛ وفقا للإحصائيات".

وتابع: "العقوبات، التي أعلنتها إدارة بايدن على أحد البنوك في صنعاء، تأتي في إطار رفع مستوى التصعيد الاقتصادي ضد حكومة صنعاء وضد حركة أنصار الله (الحوثيين) على خلفية المساعدة في جبهة إسناد يمنية لغزة، وكان لها تأثير على كبير جدا فيما يتعلق بفرض حصار بحري على الكيان الإسرائيلي، ومنع السفن الإسرائيلية من المرور من البحر الأحمر".

ولفت: "هذه البنوك لديها مودعوها، ولديها مصالحها، ولديها أصولها، ولديها نشاطها في هذه المحافظات، التي تحتضن أكثر من 24 مليون نسمة، وأكثر من هذا العدد".

وزاد: "هذه المحافظات هي السوق الرئيسية للجمهورية اليمنية التي تعمل في إطارها هذه البنوك".

وذهب إلى القول: "من يتحمل المسؤولية هو من يقوم بالتحريض على البنوك اليمنية، ومن يستقوي بقرار التصنيف الأمريكي"، متهما الحكومة ومجلس القيادة بأنهما يستهدفان القطاع الخاص اليمني.

وأضاف: "هذا القرار لم يأتِ بطلب من حكومة عدن أو من الأطراف المُعادية للحوثيين، بل أتى بطلب من إسرائيل".

وأكد أن قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية "سيكون له تداعيات على كل الجمهورية اليمنية".

واعتبر أن "استهداف القطاع المصرفي استهدافا لما تبقى من حيوية للاقتصاد الوطني وسيدفع الثمن الشعب اليمني بشكل عام"، زاعما أن جماعة الحوثي "تستطيع كسر هذا القرار"، حسب تعبيره.

وأشار إلى أن "الأشهر القادمة ستكون مليئة بالمفاجآت فيما يتعلق بهذا الجانب (الاقتصادي)".

ويرى أن "جماعة الحوثي هي مسؤولة مسؤولية كاملة عن أي معاناة لليمنيين في إطار سيطرتها؛ لذلك ستتخذ إجراءات مضادة؛ ولن تكون الإجراءات اقتصادية، ولكن ستكون عسكرية"، حسب وصفه.

وسخِر من مطالبة البنوك بنقل مقراتها إلى عدن؛ متسائلا: "هل هناك دولة حقيقية في عدن؟ أين تلك الحكومة؟ هل هي موجودة في قصر معاشيق أم تحت حماية سعودية؟ من سيحمي هذه البنوك؟ هل تلك الحكومة قادرة على دفع تعويضات لهذه البنوك في ما يتعلق بالدين العام الداخلي؟"، مجيبا: "لا".

- مأزق شديد

يقول الصحفي الاقتصادي وفيق صالح: "وصلنا إلى هذه المرحلة بعد سلسلة من الانتهاكات طوال السنوات الماضية؛ بالإضافة إلى استخدام النظام البنكي اليمني في تمويل أنشطتها (جماعة الحوثي) المالية وعملياتها العسكرية في الداخل، وتجاوز العقوبات الدولية من خلال هذه المعاملات التي تتم عبر المصارف والبنوك اليمنية".

وأضاف: "وبالتالي القرار الأخير، الذي اتخذته الخزانة الأمريكية قبل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منصب الرئاسة، جاء بعد أن عمل بنك اليمن والكويت على تعاملات مالية مرتبطة بجماعة الحوثي، وهي مرتبطة بالبنك المركزي في صنعاء ومحافِظه هاشم إسماعيل، الذي صنفوه، قبل هذه الفترة، على قوائم الإرهاب".

وتابع: "اختراق بنك اليمن والكويت قرارات الخزانة الأمريكية والعقوبات التي وضعتها الوزارة الأمريكية في هذا الشأن جعله معرضا للعقوبات اللاحقة".

وأوضح: "هي أيضا رسالة لكافة البنوك والمصارف اليمنية في الداخل والخارج بأن أي تجاوز لقرارات الخزانة الأمريكية، أو العقوبات الدولية بخصوص تسهيل التعاملات المالية للحوثيين، سيعرّضهم للمخاطر".

وأشار إلى أن "قرار الرئيس الأمريكي بتصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية يأتي أيضا ليُغلق أي منافذ للتعامل أو تجاوز هذه القرارات".

وبيّن: "الآن الوضع البنكي والوضع المالي في مناطق الحوثيين في مأزق شديد وصعب جدا؛ خصوصا وأن أغلب هذه البنوك التجارية والمصارف الإسلامية ترتبط أنشطتها بالتعاملات الخارجية، وهي تخضع لسلطة وإدارة البنك المركزي في صنعاء المصنّف على لائحة الإرهاب".

ولفت إلى أن "أي تعامل الآن بعد سريان القرار، الذي سيسري بعد 30 يوما من قرار التصنيف، سيعرِّض كافة البنوك لمخاطر العقوبات للدولية".

وأكد أن "مليشيا الحوثي هي من أوصلت القطاع المصرفي إلى هذا الوضع المتأزم، قائلا: "منذ بداية الحرب اتخذت العديد من الإجراءات والانتهاكات في حق القطاع المصرفي والمالي، بدءا من عملية نهب أرصدت البنوك في البنك المركزي، والاستيلاء على فوائد استثماراتها في أذون الخزانة، ثم بعد ذلك شرَّعت قانون منع الفوائد".

واستطرد: "قبل ذلك، كانت قد شنّت حملات على البنوك، وبالتالي وجدت البنوك نفسها في كماشة، لا هي قادرة على تحرير نفسها من هذا الوضع ولا هي تتماهى كلية مع السياسة الحوثية؛ إذ أن التماهي بالشكل الكلي سيفقدها مركزها المالي في التعاملات الخارجية، وبالتالي سيحوِّلها إلى منشآت صرافة، لا فرق بينها وبين دكاكين الصرافة التي تناسلت في الآونة الأخيرة دون رقابة من الجميع".

وحمّل صالح الحكومة والمجلس الرئاسي المسؤولية؛ "لأنهم لم يكونوا على قدر التحدِّي في حماية أموال اليمنيين، وفي حماية موارد الدولة، وحماية القطاع المصرفي من تغوّل مليشيا الحوثي، وهيمنتها على اليمنيين، وعلى البنوك، وعلى المصارف".

وقال: "استطاعت مليشيا الحوثي، خلال السنوات الماضية؛ من خلال بقاء المقرات الرئيسية والمراكز المالية للبنوك في صنعاء، استخدامها لأغراضها المالية والعسكرية؛ وهي بالنسبة لها ورقة وأداة لتحقيق أهدافها في الجانب المالي وتمويل حروبها العسكرية لا أكثر".
 
وأوضح: "القطاع المصرفي والقطاع البنكي، الذي يمثل الشريان للاقتصاد الوطني، تعرّض لسلس ممنهجة من قِبل الحوثيين".

وأضاف: "الذي يتحمّل المسؤولية هو من صادر أموال هذه البنوك في البنك المركزي، هو من شرعن عملية نهب أموال المودعين من خلال قانون منع الفائدة، هو من شن حملات الاختطافات لمسؤولين في البنوك التجارية خلال السنوات الماضية".

وأشار إلى أن "هناك مقرات رئيسية تعرّضت للإغلاق أكثر من مرّة؛ مثل بنك التضامن الإسلامي".

واستطرد: "القطاع المصرفي والبنوك، حتى خلال السنوات الماضية، كانت تتحمّل الكثير من الضغوطات، وتعرّضت للكثير من الابتزازات، وما زالت تُقاوم".

وتابع: "إذا تم سريان تنفيذ هذا القرار ستكون (البنوك) في مأزق شديد، وليس أمامها من خيار إلا قطع التعامل بشكل كلي مع مليشيا الحوثي، والالتزام بكافة تعليمات البنك المركزي في عدن، والامتثال لقوانين مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال".

وبيّن: "حماية البنك المركزي في عدن للبنوك والمصارف مرهون بمدى استجابة هذه البنوك والمصارف لكافة التعليمات التي يصدرها البنك المركزي في عدن، وأيضا الالتزام بآليات مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، ووقف أي تعاملات قد تضعها في شبهة تسهيل تعاملات مالية لأشخاص أو لكيانات مصنّفة على قائمة الإرهاب الدولي".

تقارير

عودة مساعي السلام في اليمن.. نوايا جادة أم إعادة تدوير الأزمة؟

هل بالإمكان تحقيق السلام في اليمن عبر الحوار والحلول السياسية بعد نحو عشر سنوات من جولات الحوار الفاشلة وجهود السلام التي كانت نتيجتها الوحيدة إطالة أمد الحرب وتعقيد فرص السلام وتعطيل الحسم العسكري؟ لعل من الأمور المحيرة في الأزمة اليمنية ذلك النفس الطويل الذي يتمتع به دعاة السلام في اليمن، فدول عظمى، وأخرى إقليمية، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، تدعو إلى تحقيق السلام في البلاد، وترسل المبعوثين وتعقد اللقاءات لأجل هذا الغرض، رغم أنها جميعا تعلم أن الأزمة اليمنية لم تعد قابلة للحل السياسي، وأنه كلما طال أمد الحرب ازدادت الأوضاع تعقيدا، وازدادت معها العقبات أمام مساعي تحقيق السلام. في 19 نوفمبر الجاري، اختتم المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارته إلى العاصمة العمانية مسقط، التي أجرى خلالها مباحثات مع الشيخ خليفة علي عيسى الحارثي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، بالإضافة إلى عقد لقاء آخر مع محمد عبد السلام، مسؤول فريق التفاوض التابع للحوثيين، في إطار الجهود الهادفة إلى دفع عملية السلام واستعراض آخر مستجدات الملف اليمني. بدوره، جدد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هاميش فالكونر، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة المؤقتة عدن، في 20 نوفمبر الجاري، تأكيد التزام بلاده بدعم جهود السلام في اليمن. - السياق الإقليمي ووهم السلام بدأت مساعي السلام في اليمن منذ ما قبل اندلاع الحرب بسنوات، وتحديدا في صيف 2011، عندما وصل أول مبعوث أممي إلى اليمن، جمال بن عمر، لكن تلك المساعي لم تحقق نتيجة تذكر، وفشلت في احتواء التوترات ومنع اندلاع الحرب، وبعد اندلاعها لم تفلح مختلف المساعي في إجبار الحوثيين على القبول بعملية السلام. وبعد كل سنوات الحرب تلك وما تخللها من مساعٍ لتحقيق السلام باءت جميعها بالفشل، وتعقد الأوضاع محليا وإقليميا، فإنه ما زال هناك من يراهن على تحقيق السلام في اليمن عبر الحوار والحلول السياسية، رغم أن السياق الإقليمي بعد الحرب على قطاع غزة لا يشجع على التسوية السياسية السلمية في اليمن وإنما زادها تعقيدات إضافية إلى تعقيداتها السابقة. فإذا كانت مليشيا الحوثيين ترفض القبول بالسلام في سنوات سابقة، فكيف ستقبل به بعدما أصبحت ترى أن الأمور آلت لمصلحتها، وتعتقد أنها باتت فاعلا إقليميا بعد انخراطها ضمن المحور الإيراني خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ووظفت هجماتها الرمزية على الكيان الإسرائيلي لتعزيز وضعها في الداخل اليمني. وبالتزامن مع مساعي السلام في اليمن، ظل السلاح الإيراني يتدفق للحوثيين بلا انقطاع، حتى أصبحت مناطق سيطرتهم بمنزلة قاعدة عسكرية إيرانية متقدمة، تستخدم لتهديد الملاحة الدولية عبر البحر الأحمر، فضلا عن تهديد بعض دول الجوار، مع توظيف القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية. وفي الوقت الذي يتشكل فيه مزاج إقليمي ودولي ضد إيران ومليشياتها في المنطقة، لكن ما يبدو حتى الآن أن هذا المزاج لا ينعكس بالضرورة على الملف اليمني، وأصبح الحديث عن السلام في اليمن والجهود التي تُبذل في هذا الجانب وكأنها صفقات ضمنية تُمنح للحوثيين بحجة "الحفاظ على التهدئة" أو "ضمان عدم توسع الحرب"، وتحول الملف اليمني من قضية حرب وسلام إلى مساحة للمساومات، وأحيانا إلى ورقة بيد لاعبين إقليميين يفضلون بقاء الوضع معلقا على أن يصل إلى مواجهة مكلفة. وليست مبالغة القول إن جهود السلام في اليمن، الإقليمية والدولية، منحت مليشيا الحوثيين مساحة واسعة للمناورة، فبدلا من أن تُعامل على حقيقتها كمليشيا انقلابية مصنفة إرهابية ومرتبطة بسياسة إيران التخريبية في المنطقة، يعاد تدويرها كطرف سياسي على أمل التفاهم معه، رغم أنها ترفض أي عملية سلام حقيقية تقوم على التنازل المتبادل أو المشاركة الفعلية في الدولة. وفي الواقع، فإن مساعي السلام التي استهلكت الوقت وأجلت الحسم العسكري، كان واضحا أنها رسخت هيمنة الحوثيين على الأرض، ومنحتهم فرصا إضافية لتعزيز قوتهم العسكرية. وكلما طال هذا التراخي، يصبح الحديث عن "حل سياسي" مجرد ترف لغوي لا مكان له في معادلة الصراع. وتكمن المشكلة الرئيسية لدعاة السلام في اليمن في غياب الإرادة والجرأة على التعامل مع الطرف الذي يعطل السلام، ولذلك تبدو تلك الجهود وكأنها تطبيع مع الأمر الواقع، والنتيجة أن مساعي السلام ستظل تدور في الحلقة نفسها: جهود لا تثمر أي نتيجة، وواقع محلي وإقليمي يفضل تأجيل مواجهة الحقيقة. وما لم يُكسر هذا النمط، ستبقى مساعي السلام مجرد عنوان تضليلي لحرب معلقة تستمد أسباب استمرارها من التواطؤ مع الحوثيين أكثر مما تستمده من الوقائع على الأرض. - لماذا التسوية السياسية مستحيلة؟ رغم أن الحرب في اليمن استنزفت الجميع، ولم يعد لدى مختلف الأطراف ما يكفي من الحماس للعودة إلى معارك واسعة كتلك التي كانت في بداية الانقلاب الحوثي وعملية "عاصفة الحزم"، إلا أن هذا الإرهاق العسكري لا يخلق بالضرورة بيئة صالحة للتسوية السياسية. فالحرب التي عجزت عن تمكين أي طرف من تحقيق أهدافه كاملة، لن يعوض فشلها باتفاق سياسي هش، يقوم على قاعدة "لا رابح ولا خاسر"، بينما الوقائع على الأرض تقول العكس، فهناك أطراف حققت مكاسب ميدانية كبيرة أو حصلت عليها عبر التنازلات، وأطراف بلا مكاسب ميدانية تُذكر، وأخرى لا تملك أي شيء أصلا، ولذا كيف يمكن إقناع من لديه مكاسب كبيرة بالتنازل ولو نسبيا لمصلحة أطراف أخرى؟ ومع هندسة التحالف السعودي الإماراتي للوضع في اليمن عسكريا وسياسيا، وتفتيت السلطة الشرعية بين أطراف متنافرة، بقيت السلطة الشرعية بمفهومها القانوني الحلقة الأضعف في معادلة الصراع، يجسد ذلك الانقسامات بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، الذي يبدو عاجزا عن إدارة موقف موحد ضد مليشيا الحوثيين. كما لا يمكن إغفال أن مساعي السلام مكنت الحوثيين من أن يجعلوا كلفة السلام على خصومهم أعلى بكثير من كلفة الحرب، ذلك أنهم أعادوا تعريف أولويات المفاوضات، وحولوا القضية الوطنية إلى ملفات صغرى: فتح طريق هنا، أو صرف رواتب هناك، أو فتح مطار، أو تخفيف حصار ميناء. والعجيب في الأمر أن الأطراف الأخرى ودعاة السلام انساقوا وراء الحوثيين في تجزئة القضية الوطنية، وتغافلوا عن مسألة السلاح والسيطرة وفرض الحوثيين للأمر الواقع. وإذا توفرت إرادة سياسية حقيقية، فإن الحسم العسكري المفضي إلى سلام دائم قد يتحقق خلال أسابيع قليلة بكلفة معروفة ومحدودة نسبيا، بينما السلام القائم على التنازلات المتتابعة سيظل يراوح مكانه لسنوات، ويغذي حالة اللاحرب واللاسلم، قبل أن تنفجر الأوضاع مجددا في معركة قد تكون أشد كلفة من خوض الحسم في اللحظة الراهنة، وهي معركة قادمة لا محالة، وسيبادر الحوثيون إلى إشعالها بعد أن يراكموا مزيدا من القوة العسكرية حتى يروا أنها أصبحت كافية لخوض معركة واسعة. هذا السيناريو الأكثر احتمالا يؤكد أن أكبر عقبة أمام السلام في اليمن تتمثل في بنية مليشيا الحوثيين نفسها، فهي تحمل مشروعا عقائديا مغلقا، طائفيا وسلاليا، يرفض وجود الآخرين أصلا، فضلا عن مشاركتهم في السلطة، ولذلك فهي لا تريد تسوية دائمة، وإنما هدنة مقنعة تسمح لها بتعزيز قواتها، تمهيدا لجولة قادمة من الحرب، ستكون أشد عنفا من سابقاتها، وستجبر الآخرين على الانخراط في المعركة الحاسمة. الخلاصة، قبل أي حديث عن تسوية سياسية في اليمن، يجب الاعتراف أولا بأن "لحظة النضج" التي تجبر مختلف الأطراف على التفكير بالحل السلمي والقبول به لم تولد بعد، وهذه اللحظة لا تأتي إلا عندما تتغير معادلة القوة على الأرض، فيتراجع الطرف القوي ويصعد الطرف الضعيف، وتبدأ مرحلة الألم المتبادل التي تجعل الجميع يدرك أن الحسم مستحيل. لكن في ظل الوضع الراهن في اليمن، لا توجد مؤشرات على أن أي طرف وصل إلى هذا الإدراك، ولا توجد بيئة تدفع نحو حل وسط أو استعداد حقيقي للخروج من دائرة الحرب، فالجيوش والمليشيات متقابلة في خطوط التماس، والفاعلون الأجانب لا يرغبون في الحسم العسكري وليسوا جادين بشأن السلام الذي لا يمكن أن يتحقق تحت فوهات البنادق.

تقارير

لم يبقَ له شيء.. مأساة مستثمر يمني يتجرد ظلمًا من الممتلكات والهوية في السعودية

بعد سنوات طويلة من العمل والغربة، وادخار رأس مال لافتتاح مشروعه الخاص، وجد المغترب في المملكة العربية السعودية بليغ محمد صالح المقرمي نفسه ضحية لظلم النافذين الذين لم يتحملوا رؤيته يسطر قصة نجاحه بعرق الجبين وكفاح السنين، فحاكوا حوله المؤامرات ليسلبوه كل ما حققه من إنجاز.

تقارير

إغلاق المحلات وشلل تام.. تجار الأقمشة في صنعاء يواجهون قرارات مليشيا الحوثي الضريبية

أشعلت القرارات الضريبية والجمركية، التي فرضتها مليشيا الحوثي، توتراً واسعاً داخل العاصمة صنعاء، بعدما اتخذت النقابة العامة لتجار الملابس والأقمشة قراراً بالإضراب الشامل، احتجاجاً على ما وصفته بـ«إجراءات جائرة» تستهدف القطاع التجاري وتضاعف من معاناة الأسواق والمستهلكين. وأكدت النقابة أن خطواتها الاحتجاجية مرشحة للتصعيد، ما لم تتراجع سلطات المليشيا عن القرارات الأخيرة الصادرة عن وزارة المالية.

تقارير

الملف اليمني في واشنطن.. لماذا تراجع خلف إيران وغزة والبحر الأحمر؟

كثير من الأسئلة رافقت زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن، وكان أبرزها متعلقًا بملف الأزمة اليمنية، حيث لم ترد حتى الآن أنباء واضحة عن توجهات الطرفين بشأن هذا الملف. عادة ما تُناقش الملفات الأمنية في جلسات مغلقة، مما يصعّب الوصول إلى معلومات دقيقة حول موقفهما من اليمن.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.