تقارير
عملة حوثية جديدة تكرّس الانقسام النقدي وتعمق أزمة الاقتصاد اليمني
في خطوة أحادية مثيرة للجدل، أعلنت ميليشيا الحوثي عبر البنك المركزي الخاضع لسيطرتها في صنعاء عن إصدار عملة معدنية جديدة من فئة 50 ريالًا، ستُطرح للتداول بدءًا من الأحد 13 يوليو 2025، في تحدٍّ صريح للسلطة النقدية الشرعية، واستمرارًا لمسار تفكيك النظام المالي الوطني.
وبررت ميليشيا الحوثي إصدار العملة الجديدة بالسعي لمعالجة مشكلة الأوراق النقدية التالفة، دون أن توضح طبيعة الغطاء القانوني أو النقدي لهذا الإصدار، أو مدى تأثيره على السوق النقدي المنهك أصلًا بانهيار الثقة وتدهور سعر الصرف وارتفاع معدلات التضخم.
خطوة تفتقر إلى الشرعية
تأتي الخطوة الحوثية بعد أشهر من إصدار مماثل لفئة 100 ريال معدنية، ضمن سلسلة خطوات اتخذتها الجماعة خارج إطار البنك المركزي اليمني المعترف به دوليًا في العاصمة المؤقتة عدن.
ويؤكد خبراء أن هذه الإصدارات لا تستند إلى أي شرعية قانونية أو مالية، وتشكل خطرًا مباشرًا على النظام النقدي في البلاد.
ويرى وزير الإدارة المحلية السابق عبدالرقيب فتح أن سك العملات المعدنية من طرف جماعة مسلحة لا تمتلك الاعتراف القانوني ولا تستوفي شروط الإصدار الدولي “عبث اقتصادي واضح”.
وأوضح فتح أن “الشركات الدولية التي تطبع العملات تشترط ضمانات قانونية ومالية صارمة، وهو ما لا تملكه الميليشيا الحوثية، مما يدفعها إلى تزوير الواقع المالي ومحاولة فرض أمر واقع يُضعف العملة الوطنية ويزيد من معاناة المواطنين”.
انفصال مالي واقتصادي
من جانبها، اعتبرت الناشطة الحقوقية هدى الصراري ما يجري “تصعيدًا خطيرًا” يتجاوز البعد الاقتصادي.
وقالت الصراري: “سك العملة من خارج المنظومة النقدية الرسمية يُفاقم الانقسام النقدي، ويعزز الفوضى المالية، ويرفع من حدة التضخم وانعدام الثقة بالريال اليمني”.
وأضافت: “هذه الخطوة تُرسّخ واقع سلطة الأمر الواقع في صنعاء، وتعمّق الشطر المالي، وتُجهض أي محاولة لإعادة توحيد مؤسسات الدولة”.
وأكد الخبير الاقتصادي علي التويتي أن هذه العملة “لن تُحدث أي أثر إيجابي على الاقتصاد”، موضحًا أن فئة 50 ريالًا صغيرة ومخصصة فقط لاستبدال الفئات التالفة.
وقال التويتي: “المواطنون باتوا يعتمدون على المحافظ الإلكترونية، ولا يعوّلون كثيرًا على العملة الورقية أو المعدنية، ما يجعل الخطوة الحوثية شكلية ولا تحل أزمة السيولة الخانقة”.
تمهيد للانفصال الكامل
وحذّر الصحفي الاقتصادي وفيق صالح من أن إصدار العملة الجديدة “يمضي نحو تجزئة المؤسسات النقدية ويهدد مستقبل وحدة الاقتصاد اليمني”.
وقال صالح: “هذه الممارسات تتجاوز صلاحيات البنك المركزي الشرعي في عدن، وتهدد بتكريس واقع الانفصال الكامل، ما يستدعي تحركًا من الجهات الرسمية لمواجهتها”.
وشدد خبراء اقتصاد على ضرورة تحرك الحكومة الشرعية والبنك المركزي في عدن بجدية، سياسيًا واقتصاديًا وماليًا، لوقف الانتهاكات الحوثية المستمرة للسيادة النقدية، والحد من آثارها المدمرة على الاقتصاد الوطني وثقة المواطنين بالعملة المحلية.ي