تقارير
حملات قمع واختطاف.. لماذا مليشيا الحوثي تمنع اليمنيين من الاحتفال بذكرى ثورتهم المجيدة؟
استنفار واسع وتهديدات وتحذيرات تطلقها وزارة داخلية مليشيا الحوثي في صنعاء، تتوعّد من سيحتفل بالذكرى الـ63 لثورة الـ26 من سبتمبر، أو من يرفع العلم اليمني، واصفةً إياهم بأنهم خونة وعملاء للأمريكيين والإسرائيليين.
العام الماضي، 2024، هدد رئيس وكالة "سبأ" التي يسيطر عليها الحوثيون، نصر عامر، بقطع رؤوس من سيحتفل بالجمهورية واتهمهم بالخيانة.
كم هو صادم هذا الأمر! هل يُمنعك في بلدك من أن ترفع علم وطنك وتُتهم بالخيانة لمجرد التفكير بذلك؟
حملة الاعتقالات بدأت منذ أيام لمواطنين في همدان والعاصمة، من بينهم الشاعر أوراس الإرياني والكاتب ماجد زايد، وما زال هناك آخرون في سجون الحوثيين منذ العام الماضي.
-إرهاب الناس
يقول الصحفي حفظ الله العميري: "مليشيا الحوثي ليست منذ العام الماضي فقط، وإنما من أعوام سابقة كانت تمنع الاحتفالات بذكرى ثورة 26 سبتمبر، لكنها شددت على الموضوع منذ العام الماضي".
وأضاف: "العام الماضي، تم اعتقال الكثير في ذكرى ثورة 26 سبتمبر بمجرد فقط رفعهم للأعلام، والخروج إلى ميدان السبعين، وغيرها من الميادين؛ للاحتفال، وهذا العام بدأت باكراً بموضوع الاعتقالات، فاعتقلت العديد من الصحفيين والناشطين".
وتابع: "الهدف الرئيسي لمليشيا الحوثي هو إرهاب الناس، ومنع جذوة الثورة في قلوبهم، فعندما تحتفل الناس بهذه العفوية فهي تحتفل خارج إرادة المليشيا، والمليشيا -بالسلطة القمعية وبالحديد والنار- تريد أن تقولب المجتمع لكي يحتفل فقط تحت سلطتها وبما تريد".
وأردف: "عندما أراد المؤتمر الشعبي العام الاحتفال، داخل صنعاء، منعته من الاحتفال وأخرجت الموضوع بمسرحية هزيلة".
وزاد: "الرعب، الذي أصاب مليشيا الحوثي مؤخراً، وخاصة منذ أشهر مع بدء الضربات الأمريكية وغيرها، تجلى في سبتمبر، ليس هذا فقط، وإنما خوفها أيضاً من ثورة 26 سبتمبر نفسها".
وتساءل: "ثورة 26 سبتمبر على من كانت؟ على الجزء القديم من الإمامة، وهذه المليشيا الحوثية هي الجزء الجديد من الإمامة".
وقال: "عندما يحتفل الشعب بهذه الضجة منذ أوائل سبتمبر وحتى من شهر أغسطس، على وسائل التواصل الاجتماعي، من داخل صنعاء وخارجها، فإن منعهم من هذا الاحتفال هو لإطفاء شعلة سبتمبر من داخل قلوبهم".
وأضاف: "المواطن اليمني عندما يحتفل في صنعاء، وحتى خارجها، بثورة 26 سبتمبر هو يقول للإمامة 'لا'، الإمامة بنسختها الجديدة".
وأوضح: "هو اعتراض ونوع من المقاومة، حتى رفع العلم اليمني في وجوههم هو اعتراض؛ لأنهم لا يمثلون العلم اليمني".
-حالة توجس
يقول مدير مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة فهمي الزبيري: "مليشيا الحوثي اليوم تعيش حالة توجس وحالة ارتباك وحالة قلق ومخاوف، خاصة في ظل التطورات الإقليمية والدولية، وبعد تهاوي المشروع الإيراني وتساقط أذرع إيران في المنطقة".
وأضاف: "مليشيا الحوثي اليوم تعيش ربما في أضعف حالاتها، وهي تحاول أن تثبت بأنها لا تزال واقفة على قدمها، بينما هي تعيش حالة معاكسة تماماً".
وتابع: "هذه المخاوف انعكست على هذه التصريحات وهذه البيانات ومنع الناس من رفع الأعلام الوطنية، وترديد الأناشيد الوطنية، والخروج للاحتفال بسبتمبر، سبقت هذا العام بثلاثة أشهر".
وأشار: "منذ ثلاثة أشهر وهي تقوم بعملية الاختطافات واعتقالات الناس والمدنيين: أطباء، محامين، مهندسين".
وأردف: "سبق وأن اختطفت مليشيا الحوثي الناس وداست على العلم الوطني في عدة محافظات، بل وتجاوزت الاختطافات إلى المحتفلين في الفضاء المفتوح عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذي أصبح يعبر تعبيراً واسعاً عن الحالة اليمنية، وتمسك اليمنيين بقيم سبتمبر وبجمهوريتهم، ورفض المشروع الحوثي الطائفي والتمييزي والعنصري".
وزاد: "مليشيا الحوثي تستخدم كل مؤسسات الدولة وأجهزتها من أجل التجسس وملاحقة المواطنين وقمعهم، وقد انزعجت أمام الخروج العفوي من قِبل المواطنين العام الماضي والعام الذي قبله، واختطفت حينها أكثر من 3000، منهم أطفال ونساء، في عملية إجرامية تنتهك الدستور اليمني والقوانين اليمنية".
وقال: "عندما يصبح المواطن اليمني يُجرَّم ويدخل السجن لأنه يرفع علم بلاده، هذا ينعكس على الناس بأنهم يتمسكون أكثر كلما زادت عمليات القمع والاختطافات ومنعهم من الاحتفال بسبتمبر، الذي هو الأمل الوحيد للخروج من الظلام والمأزق الذي يعيشه اليمن".
-تهديدات مباشرة
يقول الناشط الاجتماعي أحمد هزاع: "مليشيا الحوثي تعرف أن لا حاضنة لها في محافظة إب، وأن أبناء إب، في العام الماضي والذي قبله، كان هناك احتفال كبير جداً، حيث تم إشعال النار في قمم الجبال، وإطلاق الألعاب النارية، ورفع العلم اليمني رغم محاولة مليشيا الحوثي ملاحقة الناس".
وأضاف: "لذلك كان هناك ضربة استباقية من مليشيا الحوثي قبل شهرين، فقامت باختطاف الأطباء والدكاترة والنشطاء الذين كانوا ينوون أن يعملوا احتفالاً بمناسبة 26 سبتمبر".
وتابع: "مليشيا الحوثي تريد أن تقمع الناس وتلاحقهم قبل أن يحتفلوا، هناك طرف ولون واحد في المناطق التي سيطرت عليها، بحيث لا يُحتفل إلا باحتفالاتهم الطائفية والدينية، أو ثورة انقلابهم التي ينفقون عليها مليارات الريالات، بينما يتحدثون عن احتفال 26 سبتمبر بحياء، ويمنعون رفع الأعلام، ويمنعون الناس أن يحتفلوا حتى عبر التواصل الاجتماعي".
وأردف: "العام الماضي، هددت المليشيا مديري المدارس، ووجهتهم بعدم الاحتفال بهذه المناسبة، أو رفع الأعلام، ونتذكر الأستاذة فائزة البعداني في مجمّع السعيد التي تم التحقيق معها، وإلزامها بعدم رفع الأعلام اليمنية".
وزاد: "اليوم، هناك مدارس متوقفة تماماً عن الاحتفالات بسبب التهديد والوعيد من قِبل مليشيا الحوثي، وقد تكون هناك رسائل غير مباشرة لمديري المدارس والمكاتب الحكومية بعدم الاحتفال".