تقارير
حضرموت على حافة الانفجار.. معركة النفوذ تتصاعد بين السعودية والإمارات
ظهر قائد قوات الدعم الأمني التابع للمجلس الانتقالي؛ أبو علي الحضرمي، ووجه اتهامات مباشرة لحلف قبائل حضرموت بتشكيل عصابات مسلحة وقطع الطرق وتهريب المخدرات، في تصعيد يشير إلى محاولة واضحة من الانتقالي لإعادة تشكيل ميزان القوة في حضرموت، والتمدد نحو مناطق استراتيجية ظلت خارج نفوذه خلال السنوات الماضية.
صراع على الجغرافيا وعلى مصادر النفوذ وعلى الصورة التي تريد أبو ظبي والانتقالي تكريسها في شرق اليمن، يفتح الباب أمام معادلة جديدة تتداخل فيها الحسابات وتؤثر مباشرة على أمن المجتمع الحضرمي الذي يواجه اليوم وضعا أشد تعقيدا مما عرفه في العقد الماضي.
صراع محلي إقليمي
يقول المحلل السياسي عادل المسني، تصريحات قائد قوات الدعم الأمني في حضرموت هي تعبر عن حالة التوتر والاحتقان الكبير الموجود داخل هذه المحافظة، الذي يختلط ما هو محلي بالإقليمي.
وأضاف: هناك أجندة تتصادم في محافظة حضرموت، أجندة تتعلق بالانتقالي الذي يريد أن يضم المحافظة لمشروع ما تسمى بالدولة الجنوبية كما يدعي، وكذلك وفي الجهة الأخرى أبناء حضرموت الذين يطالبون بالحكم الذاتي لمحافظتهم، بما فيهم حلف القبائل.
وتابع: حلف قبائل حضرموت إلى حد ما هو يعبر عن الحالة الشعبية الموجودة داخل المحافظة، والتي ترفض الانضمام للانتقالي، وهو قريب من هذا المزاج الشعبي الذي يطالب بحكم ذاتي لحضرموت.
وأردف: الغالبية في حضرموت يرفضون الانضواء تحت الانتقالي، ويطالبون بحكم ذاتي، سيما وأن الانتقالي مرتبط بمشروع خارجي، إضافة إلى أن النموذج الذي مثله الانتقالي في المحافظات الجنوبية الأخرى الواقعة تحت سيطرته كعدن ولحج وغيرهما قياساً بالخدمات، لا يشجع أبناء حضرموت على أن يكونوا تحت مضلته.
وزاد: البعد الآخر أيضاً الجانب السعودي الرافض لأجندة الإمارات والانتقالي في حضرموت، وكل هذه الأدوار تتصادم اليوم في هذه المحافظة.
وقال: البعد الأهم يكمن في زيارة ولي العهد السعودي الأخيرة لواشنطن، حيث أدرك الجميع أن هذه الزيارة ستترجم إلى أدوار ونفوذ في الإقليم بما فيها النقاط والملفات التي السعودية على خلاف فيها مع الإمارات.
وأضاف: أنا أتصور أن القلق الذي ينتاب الانتقالي والإمارات فيما يتعلق بهذا البعد تحديداً يظهر اليوم من خلال هذا الصراع المحموم والواضح في حضرموت.
وتابع: أنا أتصور أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى مواجهات وقد تخرج حضرموت من مسألة الحكم الذاتي إلى الاستقلال وانفصال حضرموت بشكل كامل.
وأردف: حضرموت مؤهلة للانفصال أكثر من الانتقالي، وهي تشكل الثقل الأكبر داخل الجنوب، وتشكل ثلثي المساحة إلى جانب لديها الثروات والسواحل والتاريخ، وغنية جدا، وكل مقومات الدولة موجودة، ومن هنا تكمن حساسية هذا الصراع المحموم والموجود في المحافظة.
وزاد: الانتقالي لا يمكن أن يقيم دولة بدون حضرموت، وهو يدرك هذا البعد، وكذلك حضرموت تدرك أهميتها بثقلها التاريخي والثروات والنفط، وأيضاً الموقع الجغرافي الكبير والمهم.
وقال: الجانب المهم أيضا أن حضرموت، محاددة للمملكة العربية السعودية، وهناك رغبة سعودية أيضاً للدفع في أن تبقى هذه المحافظة الاستراتيجية في حالة توتر دائم وبحاجة دائمة للجانب السعودي.
وأضاف: إذا ما تطور الصراع وذهبت المحافظة إلى الاستقلال هذا أيضاً يخدم المملكة بشكل أكبر، بحيث تتعامل مع حضرموت مستقلة أفضل من أن تكون ضمن دولة كبيرة برؤية وطنية تعقد المشهد أكثر على المملكة.
وتابع: الأمير محمد بن سلمان في زيارته الأخيرة لواشنطن، كثير من المحللين الأمريكيين يروجون إلى أنه طلب من ترامب أيضاً فرض عقوبات على الإمارات على خلفية دعمها للميليشيات في السودان، وطلب منه بشكل واضح أن يتدخل في السودان، بمعنى أن هناك أدوار بدأت تتصادم فيما يتعلق بهذا البعد وهذا أيضاً سينعكس على اليمن، سيما وأن السعودية بعلاقتها الأخيرة مع الولايات المتحدة الأمريكية ستمنح نفوذا أوسع في الإقليم وفي اليمن، وهذا يولد توتر وقلق كبير بالنسبة للإمارات التي تشعر بأن السعودية أصبحت أكثر قوة ونفوذ وتأثير فيما يتعلق بالملفات الإقليمية بشكل عام.
صراع داخلي له بعد إقليمي
يقول الصحفي نشوان العثماني، إن المشهد الماثل في الساحة جنوباً، أن هناك مشروع يراه الانتقالي ممثلاً بكامل هذه الديموغرافيا وبالتالي لا يريد منافسة من أي طرف آخر، وهناك المشروع الذي أضيف مؤخراً إلى المشهد ويتعلق بحضرموت كمشروع قديم جديد يرى في مقدراته مقومات تؤهله أن يكون في هذه المكانة.
وأضاف: الصراع في حضرموت هو على الموارد والنفوذ، ومن جهة أخرى هو صراع داخلي لكن أيضاً له بعد إقليمي واضح، وكل الأطراف التي تظهر في المشهد حالياً سواء جنوباً أو شمالاً لا تملك قرار عاملها.
وتابع: كل التباينات والخلافات التي تنشأ هنا وهناك خلفها صراعات أخرى تدير هذا الجانب.
وأردف: مؤخرا كان هناك توافق بين السلطة المحلية في حضرموت والمجلس الرئاسي في عدن ورأينا مباشرة تصريحات أدلى بها البحسني في هذا الإطار، وهو عضو المجلس الرئاسي وأيضاً نائب رئيس المجلس الانتقالي، بما يشير إلى أن الأمر ليس محلياً فقط، لكن أيضاً له دواعيه، فهناك مصالح في هذه المحافظة، فهي محافظة مترامية الأطراف، ولديها ثروات ومؤهلات.
وزاد: الغائب حالياً هو مسألة الدولة، لا توجد ما يمكن أن يقدم في هذا الإطار منتمي للمشروع الوطني ومن ضمنه أيضا قضية الجنوب، ولكن تحولنا إلى مشهد آخر مختلف تماماً، ويسعى إلى مثل هذه التباينات التي تريد أن تفرض نفسها من خلال أدواتها.
وقال: البحسني لديه خلافات شخصية، خاصة بعد أن أُقيل من محافظة حضرموت، لأنه كان لدينا عضوان في مجلس الرئاسة يتسلمان قيادة محافظتين، أحدهما أزيل من هذا المنصب، فيما يتعلق بحضرموت وبقي الآخر في مأرب.
وأضاف: البحسني له علاقة بتوتر شخصي، لكنه أيضاً ليس بقرار، دون أن يكون هناك أي تلويح أو أي صراعات من هذا النوع الذي وصلنا إليه، فكما لو أن البحسني يريد أن يكون محافظاً لحضرموت.
وتابع: في نهاية المطاف حضرموت لا هي تملك قرارها بذاتها، ولا الانتقالي أيضاً يملك قراره بذاته، وأيضاً الدولة اليمنية كما يعرف الجميع مقسمة ومجزأة بين كل أطراف الإقليم.
خريج الضاحية
يقول الصحفي صبري بن مخاشن، إن قائد قوات الدعم الأمني في حضرموت المدعو "أبو علي الحضرمي"، نحن نسميه في حضرموت باسم "أبو علي الحاكم"، لأنه خريج مدرسة الضاحية الجنوبية، ومن الشخصيات التي كانت على اتصال بإيران، وكان من الذين تشيعوا تشيعا حقيقيا، ولم يكن فقط ضابط اتصال جنوبي مع إيران.
وأضاف: أبوعلي الحضرمي، كان متشيعا، وهو شخصية متطرفة يمكن أن يفعل أي شيء يؤمر به، وليس شخصية قيادية، ولا يمتلك رأي قيادي، لذلك رأينا أمس جلسته وسط قبائل حضرموت بجزماته العريضة بصورة مخزية تركت أثرا سيئا لدى أبناء حضرموت، ولدى الآخرين.
وتابع: أيضاً كلامه وتصريحه الذي تحدث فيه عن القوات الجنوبية وباسم القوات الجنوبية، ونحن في ظل الجمهورية اليمنية، وجيش الجمهورية اليمنية، ورأينا قائد المنطقة العسكرية الثانية، اللواء طالب بارجاش عندما تحدث وسأله أحد مقادمة الحموم الشيخ عبد العزيز الشنيني، عن ما تعرض له أبناء الحموم وقبائلها في منطقة العكدة من اعتقالات واختطافات، رد عليه: "لست مسؤولا عن هذه القوات ولا تسألوني عن قوات ليس لي علاقة بها".
وأردف: نحن نعيش حالة خطيرة في حضرموت، وهناك محاولات لتضخيم المدعو "أبو علي الحضرمي"، من خلال وصفه بأنه القائد الهمام، ورأينا ست كاميرات كانت مرافقة له، وهو رجل كان يعمل مديرا للمشتريات لعائلة علي سالم البيض، ولا علاقة له بالكلية العسكرية والقيادة العسكرية، لكن هذا هو إعلامهم الذي يصنع الأوهام ويصنع قيادات من الوهم.
وزاد: نحن في حضرموت، هذه التصريحات كانت أكثر وضوحاً لنا اليوم، رأيناها على قناة عدن المستقلة، وتتحدث عن الشيخ عمرو بن حبريش وتتحدث عن حلف قبائل حضرموت، بكلام لا يعقل أن يصدر عن شخصية تعي من هي حضرموت، ومن هي قياداتها.
وقال: هذه القوات ما تسمى بقوات الدعم الأمني التابعة للانتقالي، هي قوات خارجة عن القانون، وقوات غير يمنية ولا وطنية، تمتلكها شركات خارجية، عبارة عن قوات فيها مرتزقة من جزر الكاريبي ومن جزر البهامة، ومن كولومبيا ومن بريطانيا ومن أمريكا.
وأضاف: كما فعلت قبائل حضرموت وأبنائها ومجتمعها في 2013، مع تنظيم القاعدة الإرهابي، في الهبة الحضرمية الثانية، سيفعل أبناء حضرموت مع أي قوات غازية، ولن ترهبهم تلك الاستعراضات والحركات البهلوانية المضحكة، التي لن تأتي بأي نتائج.
وأوضح، أن المدعو "أبو علي الحضرمي" لا ينتمي إلى أرض حضرموت ولم يولد فيها، وإنما ولد في الجنوب الأفريقي وعاش في عدن ثم في صنعاء، ثم ظل هارباً أكثر من 30 سنة.