تقارير

الانعكاسات الخفية.. كيف أثرت الحرب على الصحة النفسية للأطفال في اليمن؟

05/02/2025, 10:51:56
المصدر : قناة بلقيس - خاص

تعيش اليمن منذ سنوات في دوامة من الصراع المستمر الذي ألحق أضراراً جسيمة على جميع جوانب الحياة، ولم تقتصر تلك الأضرار على البنية التحتية أو الاقتصاد فحسب، بل امتدت لتطال جوانب أخرى أكثر عمقاً، مثل الصحة النفسية للأطفال في المناطق المتضررة. 

إذ يعاني ملايين الأطفال اليمنيين من اضطرابات نفسية مزمنة نتيجة لما شهدوه من عنف، وفقدان أحبائهم، وتدمير لبيئتهم الآمنة، وهذا الأمر يقود للسؤال عن  البحث في التأثيرات النفسية المدمرة على الأطفال وكيفية دعمهم لتجاوز هذه الصدمات التي قد تكون آثارها طويلة الأمد.

انعكاسات سلبية

منذ اندلاع الحرب، أظهرت التقارير أن أكثر من 12 مليون طفل في البلاد يعيشون في مناطق متأثرة بالحرب، وهو ما يشكل نحو 80% من إجمالي الأطفال في البلاد. 

وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، يعاني الأطفال من العواقب النفسية العميقة نتيجة لحالات العنف المستمر، سواء من خلال تعرضهم المباشر للقصف أو من خلال مشاهدتهم لمشاهد مؤلمة مثل قتل الأفراد وفقدان الأهل.

تظهر الأرقام الصادرة عن اليونيسف أن نحو 2.2 مليون طفل في اليمن يعانون من اضطرابات نفسية وصحية نتيجة الحرب. 

في مدينة تعز، على سبيل المثال، يشير العديد من الأطباء النفسيين إلى زيادة ملحوظة في عدد الأطفال الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، وهو مرض نفسي شائع بين الأطفال الذين يتعرضون لصدمات شديدة. 

يفيد الدكتور محمد علي، وهو أخصائي نفسي في تعز، بأن “الأطفال الذين فقدوا أحد والديهم أو تعرضوا للهجوم المباشر على منازلهم يظهرون علامات واضحة من القلق، والاكتئاب، وأحياناً الانعزال الاجتماعي”.

تأثيرات مباشرة 

تتمثل التأثيرات النفسية الرئيسية التي يعاني منها الأطفال في المناطق المتضررة من الحرب في القلق المستمر والخوف، بالإضافة إلى الشعور بالعجز وفقدان الأمل. 

العديد من الأطفال الذين تعرضوا للهجوم أو فقدوا أحد أفراد أسرتهم يعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، مثل الكوابيس المتكررة، والعزلة، والانفجارات العاطفية المفاجئة.

تقول فاطمة، وهي أم لطفلين  “أطفالي يعانون من خوف شديد كلما سمعوا أي صوت غريب، ابني البالغ من العمر 6 سنوات يختبئ في الزوايا عندما يسمع صوت يشبه الطائرات، ولا يستطيع النوم ليلاً”.

إلى جانب هذه الصدمات النفسية، يعاني الأطفال في مناطق الحرب أيضاً من مشاكل صحية جسدية نتيجة لعدم توفر الرعاية الطبية. وفي بعض الحالات، لا يستطيع الأطفال الحصول على الأدوية اللازمة لعلاج اضطراباتهم النفسية.

الدعم النفسي 

على الرغم من حجم المعاناة، هناك العديد من المنظمات الإنسانية التي تسعى  لتقديم الدعم النفسي للأطفال في المناطق المتضررة من الحرب. 

تقوم منظمات مثل “اليونيسف”و ”أطباء بلا حدود” بتوفير خدمات الصحة النفسية للأطفال عبر إنشاء مراكز دعم نفسي مخصصة.

في تقرير صادر عن “أطباء بلا حدود”، تم التأكيد على أن هذه المنظمات تقدم جلسات علاج نفسي للأطفال المعرضين لخطر الإصابة باضطرابات نفسية، كما يتم تدريب المعلمين والمجتمعات المحلية على كيفية التعرف على علامات الصدمات النفسية في الأطفال وتقديم الدعم الأولي.

إحدى المبادرات المحلية التي تسلط الضوء على توفير الدعم النفسي هي “مبادرة الأمل” التي أطلقتها مجموعة من الأطباء النفسيين . 

المبادرة تقدم جلسات علاج نفسي جماعية وفردية للأطفال المتأثرين بالحرب في الأماكن التي يصعب الوصول إليها.

 أحد العاملين في المبادرة، الدكتور عادل جابر، أكد على أهمية الدعم الجماعي قائلاً: “نحن لا نقدم الدعم فقط للأطفال، بل نعتمد على تكوين بيئة نفسية آمنة للأطفال لتبادل التجارب والحديث عن مشاعرهم”.

التحديات والعوائق

ورغم هذه الجهود، فإن التحديات لا تزال كبيرة. من بين العقبات الرئيسية التي تواجهها المنظمات المحلية والدولية في تقديم الدعم النفسي للأطفال في اليمن، نقص الموارد المالية والبشرية، بالإضافة إلى استمرار الصراع  الذي يعيق الوصول إلى العديد من المناطق المتضررة.

وفي هذا الصدد، قالت سلمى العبد الله، وهي ناشطة اجتماعية في  تعز: “نحن في حاجة ماسة إلى مزيد من المتطوعين والمتخصصين في الصحة النفسية. لدينا أطفال يعانون من آثار نفسية خطيرة، ولا توجد خدمات كافية لتلبية احتياجاتهم”.

وتركت الحرب في اليمن  أثراً عميقاً على الصحة النفسية للأطفال، حيث يعانون من اضطرابات نفسية ناجمة عن العنف والفقدان، وهذا يشكل تحدياً كبيراً أمام المجتمع اليمني.

 ومع ذلك، فإن الدعم النفسي الذي تقدمه المنظمات الإنسانية والمبادرات المحلية يمكن أن يساعد في تخفيف المعاناة، ويعزز قدرة الأطفال على التكيف مع هذه التجارب المؤلمة.

 ومع استمرار الحرب، يبقى الأمل في توفير مزيد من الدعم والتوعية لضمان صحة نفسية أفضل للأجيال القادمة.

تقارير

الحوثيون يوسعون الانقسام النقدي.. وخبراء يحذرون من "مسار اللاعودة"

في خطوة تصعيدية جديدة تهدد بتفكيك ما تبقى من النظام المالي الموحد في اليمن، أعلنت مليشيا الحوثي، عبر "البنك المركزي" في صنعاء، عن إصدار أوراق نقدية جديدة من فئة 200 ريال وطرحها للتداول اعتبارًا من الأربعاء، وذلك بعد أيام من سك عملة معدنية من فئة 50 ريالًا.

تقارير

مدرستان في وطن واحد.. الانقسام التعليمي يُعمّق جراح اليمن

في اليمن، لم تعد الحرب تكتفي بتقسيم الجغرافيا والسياسة؛ بل امتدت إلى تقسيم التقويم المدرسي، والمناهج الدراسية، وحتى نُظم الامتحانات، إذ أعلنت وزارتا التربية في صنعاء وعدن -الخاضعتان لسلطة الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا- عن بدء العام الدراسي الجديد 2025 – 2026 في تاريخين مختلفين، وفق تقويمين، ومناهج، ونُظم تربوية متباعدة، ما يُعمّق الانقسام الوطني ويهدد مصير جيل بأكمله.

تقارير

تواطؤ أممي وتحايل حوثي.. كيف تحولت "نوتيكا" إلى منصة لتهريب النفط وتمويل الحرب؟

كانت السفينة «صافر» العائمة قرب سواحل اليمن في البحر الأحمر تُعد قنبلة موقوتة، لكن بفضل الأمم المتحدة، تحولت إلى قنبلتين، وفوق ذلك أصبحت أداة جديدة لتعزيز اقتصاد ميليشيا الحوثي الحربي، ووسيلة لتربّح الموظفين الأمميين، ومحطة لعبور النفط الإيراني والروسي المهرّب.

تقارير

كيف استلهم الحوثيون مساوئ الطائفية في إيران وبعض الدول العربية؟

بعد استكمال سيطرتها على المساجد في المدن الرئيسية وإغلاق مراكز تحفيظ القرآن الكريم فيها، بدأت مليشيا الحوثيين حملة ممنهجة للسيطرة على المساجد وإغلاق مدارس تحفيظ القرآن في المدن الثانوية والأرياف النائية، ويتخلل ذلك حملات قمع وترويع واعتقالات، مثل قتل أحد أبرز معلمي القرآن في محافظة ريمة، الشيخ صالح حنتوس، والسيطرة على عدد من المساجد في بعض أرياف محافظة إب بعد طرد أئمتها أو اعتقالهم، وتنفيذ حملات اعتقال واسعة في المحافظة ذاتها، وامتداد هذه الحملة إلى محافظة البيضاء، وقد تتسع في الأيام المقبلة لتشمل مناطق أخرى تسيطر عليها المليشيا.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.