مقالات

يخجل التاريخ منك يا غزة

16/11/2023, 13:03:09

كانت الكلمة في العصور الغابرة قادرة على تحريك الجبال، وليس الإنسان فقط...

في البدء كانت الكلمة، اليوم ماتت القيم والأخلاق وحقوق الإنسان، والقانون الدولي، التي ظل الغرب وأمريكا يتشدقون بها، لسنوات طويلة، وماتت الأمم المتحدة، وماتت كل الأمم، وانبعث قادة العالم وأمريكا وأوروبا ليكونوا يهوداً أكثر من اليهود، وصهائنة أكثر من الصهائنة...!

اليوم، لم تعد هذه الصُّور، وهذا البث الحي للقتل والقصف والدمار والمجازر، التي وصل عددها -حسب التقديرات - إلى أكثر من ألف ومائة مجزرة، خلَّفت آلاف القتلى أكثرهم من الأطفال والنساء والشيوخ، بمعنى أدق اغتيال المستقبل الفلسطيني، بكل الطرق؛ من حصار وتجويع ومحاولات تهجير، وقصف المستشفيات والمساجد والكنائس، وتدمير المباني، التي يسكنها المئات والآلاف، وليس في داخلها سوى الأطفال والنساء، وتدميرها على رؤوس ساكنيها، ومساواتها بالأرض وأكثر، والضحايا، الذين تحت الأنقاض، أكثر من الذين فوقها. بمعنى آخر، الجرائم الصهيونية ستتكشف كاملة في المستقبل القريب... كل هذا الإجرام والقتل والدمار طوال الأربعين يوماً الماضية، والأيام القادمة، وعلى مدار الساعة، لم يحرك ضميراً لدى كل الأمم بمختلف مسمياتها وعقائدها، وادعاءت احترامها القانون الدولي.

لقد تحول العالم المحيط بغزة إلى عالم "دراكولا" ومصاص للدماء الفلسطيني، وتحول العرب والمسلمون إلى نعاج وخرفان تنتظر متى يأتي دورها  لذبحها، إنه لأمر في منتهى الخزي والبشاعة التاريخية، لقد تطورت تلك القصة القديمة، التي كان المغولي يقول للعربي المسلم: انتظرني هنا، ولا تتحرك، سوف أذهب لإحضار سكين لكي أذبحك، إلى القصة التالية حيث يقول العربي المسلم للصهيوني: تعال لتذبحني، وأرفق بي.

إنَّ صور مجازر أولئك الأطفال تُقطِّع قلب أي إنسان سوي، فما بال كل الإنسانية، التي تتفرج لكل تلك البشاعة، ولا تحدد موقفاً، هل ماتت الضمائر كل هذا الموت؟!!

إن مجرد تصور هولاء الأطفال كأبنائنا وفلذات أكبادنا، يدفع الإنسان الحقيقي إلى الجنون، والقيام بكل ما يمكن القيام به من تضحيات.

إنَّ ما يحدث في غزة لن يغفره التاريخ للصهائنة والعالم، الذي يقف إما مُحرِّضاً لمزيد من القتل والذبح والإجرام، أو يقف متفرجاً أمام شاشات التلفاز، بمئات القنوات، لمشاهدة شعب يُذبح، ويُقصف، ويُدمَّر بكل بساطة على مرأى ومسمع مليارات البشر والحجر.

إنَّ هذا القتل العبثي الصهيوني الهمجي، وهذي الحرب الشعواء، حرب وجود على مدار الساعة في غزة وفلسطين عموماً، لن يتسامح التاريخ والمؤرخون، ولن تتسامح كل تقنيات العصر وكاميرات العالم، التي تتطور كل يوم، ولن يتسامح المستقبل مع القتلة والمتواطئين والداعمين لكل هذا الهدر للإنسانية.

لقد حاول الصهائنة المجرمون، على مدار سنوات طويل، اقتلاع شجرة الزيتون من أرض فلسطين؛ باعتبارها رمزاً وطنياً فلسطينياً، ولكن الأرض أبت إلاّ أن تستمر في إنبات وإزهار أشجار الزيتون، وكأن هذه الشجرة، التي تسمع وتبصر، تأبى الخضوع أو اقتلاعها من جذورها الفلسطينية، وهذي قصة حقيقية، تعبّر عن حقيقة الإنسان الفلسطيني، الذي ظل طوال قرن متشبثاً بالأرض الفلسطينية، وقدم تضحيات لم تقدمها أمة من الأمم، أو شعب من شعوب الأرض، منذ فجر التاريخ والعصر الحجري.

ولعلنا نلاحظ، طوال فترة الحرب، لم يتفوه فلسطيني واحد بحق إخوانه العرب والمسلمين كدلالة على عظمة هذا الشعب الجبَّار، الذي كلما عصفت به الحروب، ومحاولات التهجير، زاد تمسكاً وتشبثاً بالأرض، وزاد أطفال فلسطين عامةً، وغزة خاصة، رسم الابتسامة، وهو في الكفن، أو وهو يقف بين ركام  المدينة، أو هو مهجَّر في أنحاء غزة بين الماء والمطر وطين الأرض الفلسطينية.

إنَّ المقاومة في غزة وفلسطين لهي الضوء الوحيد في ليل النفق العربي الطويل والمُظلم.

مقالات

السعودية حين تريد خلع عباءتها

مهما بلغت السعودية من شأن وتطور وحداثة، ومهما حاولت أن تنسلخ عن ثوبها القديم، ستظل النظرة الغربية تلاحقها كظل لعنة أبدية: ابتزاز بالمال والمواقف.

مقالات

الحوثيون بين تهديد السعودية والإمارات واستهداف الكابلات البحرية

تلوّح مليشيا الحوثي مجددًا باستئناف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة ضد السعودية، متهمةً الولايات المتحدة وإسرائيل بالتحضير لمرحلة تصعيد جديدة تستهدف التحالف العربي، وهو خطاب يعيد إنتاج سردية المظلومية التي توظفها المليشيا لتبرير تحركاتها العسكرية وللتغطية على التحول النوعي في أدواتها، إذ باتت تمثل امتدادًا مباشرًا للاستراتيجية الإيرانية في استهداف المصالح الخليجية والدولية عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب والخليج العربي.

مقالات

قراءة في ضباب المشهد العالمي

لم يكن العالم في أي يوم أسوأ مما يبدو عليه اليوم من فوضى وارتباك وتضارب مصالح وضبابية رؤيا، فمن الحرب في أوكرانيا المزدوجة والمعقدة بين روسيا، من جهة، والغرب الأوروبي الأمريكي من جهةٍ أخرى، التي لا تبدو لها في الأفق نهاية، إلى نزاعات الشرق الأوسط بين إيران المصممة كما يبدو على امتلاك سلاحٍ نووي وإسرائيل المهووسة بحلم الدولة |(اليهودية) في واقعٍ لا يحتمل ذلك والطموحات الجامحة لتركيا، وإلى اليمن المنكوب والسودان المتشرذم وليبيا الغارقة في فوضى الميليشات والسلاح المنفلت، وحتى المغرب المضطرب، نرى مشهداً غير مسبوقٍ في التاريخ الإنساني وخارطةً عريضةً من المشكلات المركبة، المتداخلة، المزمنة والعصية على الحل في المدى المنظور.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.