مقالات

قراءة في كتاب "الأبناء"

30/06/2025, 16:41:55

«الأبناء» أطروحة دكتوراه للباحثة نادية الغزولي. الرسالة كتاب ضخم يقع في 450 صفحة مِنْ القَطْع الكبير.

تتناول الدراسة «الأبناء»؛ وَهُمْ الجيش الفارسي الذين قَدِمُوا مع سيف بن ذي يزن لاستعادة ملك أبيه ضِدَّ الأحباش.

استقر الأبناء في اليمن، واندغموا في المجتمع اليمني، وبالأخصّ في محيط صنعاء. وتُعْرَف القُرَى والمناطق التي سكنوا بها بِسَابقة «بني»؛ كـ «بني مطر»، و«بني الحارث»، و«بني بهلول»، و«بني حشيش». وحشيش تصحيف للقائد الفارسي «جُشَيشْ» الذي قَدِمَ بِرفقة سيف بن ذي يزن.

تؤرخ الباحثة لدخول الأبناء منذ 575م، وحتى القرن التاسع الميلادي (الثالث الهجري).

اندمج الأبناء في المجتمع القبلي اليمني، واحتفظت قرية «بني حشيش» باسم «قرية الفُرْس»، كما ظلت بعض الأسر الأبناوية محتفظةً بأسمائها الفارِسِيِّة.

يشتمل الكتاب بعد الإهداءات، والشكر للأساتذة، وَمَنْ سَاعدَ الباحثة، على مقدمة تدرس مَصادِرَ البحث، والمراجع، ومدخل للتعريف ببلاد اليمن حتى نهاية القرن السادس الميلادي قبل دخول الأبناء اليمن، والموقع الجغرافي، والتسمية.

وتدرس المناطق: تهامة، والهضبة الكبرى، والسهول الشرقية، والأودية، والسُكَّان، وَمِنْ ثَمَّ القبائل: «حِمْيَر»، و«مذحج»، و«همدان»، و«خولان»، و«حضرموت»، و«قبائل تهامة»، و«بلاد السراة»، و«نجران».

كما تدرس الحياة الاقتصادية: الزراعة، والمعادن، والصناعات، والتجارة، والطرق التجارية، والأوضاع السياسية قبل دخول الأبناء، وسيطرة الأذواء، وغزو الحبشة.

في «الفصل الأول» تدرس الأوضاع السياسية والاقتصادية للأبناء قبل الإسلام، ونشأة الأبناء، وجذورهم التاريخية، والأصل، والتسمية.

أمَّا «الفصل الثاني» فَمُكرَّسٌ لدور الأبناء في السيطرة على اليمن، وأعمال سيف بن ذي يزن، والوُلَاة الفرس، وانحسار النفوذ الفارسي وتأثيره على الأبناء.

و«الفصل الثالث» يتناول:

- الأوضاع الاقتصادية للأبناء قبل الإسلام، وأهمية موقع اليمن الجغرافي على صعيد التجارة الدولية، وسيطرة الأبناء على طريق تجارة بيزنطة مع الهند، وشرق آسيا.

- ميناء عدن: مركز تجارة اليمن في عهد الأبناء.

- علاقة الأبناء بقبائل: حمير، وهمدان، وخولان.

في «القسم الثاني» تدرس:

- الأوضاع السياسية والاقتصادية والحياتية للأبناء بعد الإسلام، وأوضاعهم بعد دخول الإسلام، وتوجيه الدعوة إليهم، وإسلام باذان والأبناء.

- صنعاء: مقر لولاة الخلافة، وإبعاد الأبناء عن إدارة شئون المدينة.

- النفوذ السياسي للأبناء أثناء الخلافة الراشدية، وفي عهد أبي بكر.

- الرِّدَّة زمن الرسول، وفي عهد أبي بكر، ونفوذهم في عهد عمر.

- أحداث الفتنة زمن عثمان، وطول عهد علي، والصراع القحطاني مع الأبناء، ونتائجه.

وتدرس في «الفصل الثاني»:

- الأوضاع الاقتصادية للأبناء بعد الإسلام.

- العلاقات التجارية مع خراسان، والروابط التجارية مع الشرق.

- تعاظم نفوذهم في العهد العباسي الأول.

- تدهور أوضاعهم في أواخر القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي).

أمَّا «الفصل الثالث» فيتناول أوضاع الأبناء الحياتية:

- الحياة الاجتماعية.

- الحياة الثقافية.

- الحياة المهنية.

- انهيار الأبناء.

في «الخاتمة» تتناول:

- ثَبَت الخرائط.

- الملاحق.

- مُحَالَفة همدان.

- وأبناء فارس باذان بن ساسان؛ زمن كسرى هرمز.

وفي «الملحق الثاني»: قصيدة أمية بن أبي الصلت لسيف بن ذي يزن.

و«الملحق الثالث»: قائمة بِعُمَّال بني أمية على اليمن.

و«الملحق الرابع»: قائمة بِعُمَّال بني العباس.

و«الملحق الخامس»: قصيدة عبد الخالق بن أبي الطلح يهجو الأبناء.

و«الملحق السادس»: المُحدِّثُون مِنْ الأبناء.

و«الملحق السابع» الأبناء القُضَاة.

و«الملحق الثامن»: الصحيفة الصحيحة لِهُمَام بن منبه الأبناوي.

وفِي «الملحقين: التاسع، والعاشر»: قِطْعَة مِنْ «مَغَازي وَهْب بن منبه» عن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

و«الملحق الحادي عشر»: الأسر الأبناوية في اليمن.

وأخيرًا: الفهارس.

«المقدمة»

تُكرِّس المقدمة لتناول تاريخ اليمن القديم والإسلامي؛ مؤكدةً على الغموض في أحداث العهدين.

والواقع أنَّ تاريخ اليمن القديم: «السبئي»، و«المعيني»، و«الحضرمي»، و«الأوساني»، و«القتباني»، و«الحميري»، لا يزال مَدفُونًا، والمكتشف السطحي تعرض للتدمير والنهب والسرقة. فجوانب مهمة من تاريخ ما قبل الإسلام لم يُكتَشف بعد، وأمَّا بعد الإسلام؛ فقد طغى فَهْم أنَّ الإسلام ضد الحضارات القديمة: «الفرعونية»، و«الأشورية»، و«البابلية»، و«الكلدانية»، و«الحميرية»، و«الأثيوبية»، و«حضارات اليونان»، و«روما»، و«فارس»، و«الهند»، و«الصين».

كَمَا غَطَّى غبُار القحطانية والعدنانية على مُجْمَل صِراعات الدول الإسلامية المتعاقبة: الأموية، والعباسية.

وتقرأ الباحثة التحالفات الجديدة بين الفرس والعرب، وبخاصةً في اليمن مِنْ خلال الوجود الفارسي، والصراع بين بيزنطة وفارس على التجارة، وعلى النفوذ والسيطرة على طرق التجارة.

وارتداء لبوس اليهودية والمسيحية في هذا الصراع، وكانت اليمن ضَحيةَ الصراع في العهدين. [الكاتب].

وَيُلاحظ ترديد الباحثة لمصطلح «الجاهلية»؛ وهو لا ينطبق على مُدن الحضارات القديمة؛ فهو مختص بمناطق محددة في أرياف مدن الحجاز ذات الطبيعة البدوية التي عناها القرآن الكريم: (الأعراب أشدُّ كفرًا ونفاقًا، وأجدر ألا يعلموا حُدودَ ما أنزل الله). [التوبة: 97].

أمَّا قراءتها لصدر الإسلام فمائزة، وتركز على انتشاره في اليمن؛ مُهمِلةً ذِكرَ الوفود اليمنية المتقاطرة على المدينة، ودور رحلة الشتاء والصيف في التمهيد للدعوة، كما تُبرِز تَحيُّزًا للأبناء، ولباذان، وفيروز، واعتبارهم أولَّ مَنْ استجابَ للدعوة، وَتُظهر قَدرًا من المبالغة في دورهم؛ مُشيرةً أنه لا توجد دراسة متخصصة تتبعت نشاطهم السياسي والاقتصادي، ولا توجد كتابة مستقلة عنهم، وأنَّ المؤرخين القدامى كانوا شحيحين في الإشارة إليهم.

وترى أنَّ دور الأبناء لايزال موضوعًا مُعلَّقًا يستحق الدراسة، وما دونه المؤرخون ناقص، وتعتبر الأبناء جُزءًا مِنْ البِنَاء الحَضَاري.

تنقسم أطروحتها إلى قسمين، مع مقدمة طويلة، وتعريف عام ببلاد اليمن قبل دخول الأبناء عليها.

«القسم الأول»: الأوضاع السياسية والاقتصادية للأبناء قبل الإسلام، ويتضمن ثلاثة فصول.

تدرس الباحثة في الفصلين: نشأة الأبناء، وجذورهم التاريخية، ودورهم في السيطرة الفارسية على اليمن، وأهم الوُلَاة الفُرْس.

وتتناول في «الفصل الثاني» انحسار النفوذ الفارسي وتأثيره على الأبناء.

وتدرس في «الفصل الثالث» الموقع الجغرافي لليمن على صعيد التجارة الدولية.

تخصص الباحثة «القسم الثاني» لدراسة الأوضاع السياسية والحياتية والاقتصادية بعد الإسلام.

- صنعاء مقر وُلاة الخِلافَة.

- النفوذ السياسي للأبناء في الخلافة الراشدة.

- الصِّرَاع القحطاني مع الأبناء ونتائجه.

- علاقة الأبناء التجارية مع خراسان.

- الروابط التجارية بين الأبناء والشرق.

- تعاظم نفوذهم خلال العهد العباسي.

- تدهور أوضاعهم في القرن الثالث الهجري.

- تدرس أوضاعهم الحياتية والاجتماعية والثقافية في المراحل المختلفة؛ آتيةً على ذكر انهيارهم؛ وُصُوْلاً إلى الخاتمة.

الأطروحة دراسة بحثية علمية مهمة استمتعت بقراءتها، وفيها فوائد جَمَّة للباحث في التاريخ اليمني. فقد تتبعت الباحثة التاريخ، وتناولت الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية باهتمام؛ والأهم قراءتها النقدية للمراجع التي رجعت إليها.

وقد أشرت إلى خَطَل تعميم مصطلح «الجاهلية» على اليمن، ثُمَّ إنها تعاملت مع اليمن في بداية الدعوة الإسلامية ككيان مُوَّحَد؛ لتعطي الانطباع أنَّ الأبناء هُمْ مَنْ قَادَ اليمن إلى الإسلام.

وَمِنْ المعروف أنَّ الأنصار: الأوس، والخزرج ذوي الجذور اليمنية، ووفود اليمن المتعددة والسباقة، وكانت كُلُّهَا تحمل اسم اليمن، وقول الرسول الكريم عنها: (أتاكم أهل اليمن)؛ إضافةً إلى صراعات الإمبراطورية الفارسية- هي ما فرض على باذان والأبناء الدخول في الإسلام؛ وذلكم مَا أسهمَ أيضًا في تفجر الصراع من حول الحكم والمورد المالي (الزكاة).

ولم يكن الأبناء مسيطرين على كُلِّ اليمن، وكان التفكك قد بدأ منذ انهيار الدولة الحميرية الثالثة، ولكن اسم اليمن كَانَ حاضرًا في كُلِّ المُكوِّنات.

وَلعلَّ أهم ملمح في هذه الرسالة المهمة هي دراستها للمراجع ونقدها لها، وقد نال أبو محمد الحسن بن أحمد الهمداني مِنَها الكثير، وَمَرَّتْ على مرجعية نشوان الحميري مُرورَ الكِرام، بينما كان نشوان في مبالغاته عن الفتوحات اليمنية هو الأجدر بالنقد.

تعاطفها مع الأبناء في الصراع واضح، كما أنَّ الطابع الإسلامي التقليدي، وقصة عبد الله بن سبأ التي فَنَّدَها عميد الأدب العربي طه حسين حاضرة في الاعتقاد.

الأطروحة جديرة بالاهتمام والقراءة، وأهم ما فيها الكشف عن الأبعاد الاقتصادية الغائبة.

مقالات

دستور طارق!

ربما ليس علينا الآن تذكير اليمنيين بطارق صالح، مدرب قناصة الحوثي والقائد الميداني ذي الوجه الشاحب الذي كان يقاتل، بإخلاص، كتفاً بكتف مع مجرم الحرب أبو علي الحاكم تحت قيادة عبدالملك الحوثي.

مقالات

وسائل التواصل الاجتماعي .. كيف شوَّهت صورة اليمن أمام العالم؟

بعد أن لم يعد لدى اليمن برلمانٌ واحدٌ ينعقد بانتظامٍ لمناقشة أحوال البلاد وقضاياها المصيرية، ولا صحافة تتمتع بقدرٍ معقولٍ من الحرية والاستقلالية، لا بأس من أن تصبح بعض المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي ساحةً لتناول تلك المسائل والهموم.

مقالات

طارق صالح: من عبء على الحوثي إلى عبء على الشرعية

حين استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء عام 2014، بدت الحاجة إلى أدوات صالح العسكرية والبيروقراطية ضرورة مرحلية. كان كمن يفتح لهم أبواب القلعة التي سيتحول لاحقًا إلى أسير داخلها. بقيت الحاجة لصالح إلى أن نجحت العصابة الحوثية في تجريده من أوراقه، وإلحاق أدواته بها، وإعادة تكييف أتباعه داخل الجهاز الإداري والعسكري للدولة، وربط مصالحهم بها مباشرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.