مقالات

عن مأرب.. وقلق الهزيمة والانتصار

17/10/2021, 06:12:13
المصدر : بلقيس - خاص

 

ليس من مصلحة أحد سقوط مأرب، غير أن كل هؤلاء الذين لا مصلحة لهم في سقوطها لا تجتمع مصلحتهم لمنع سقوطها، إنها مصلحة واحدة، لكنها مفككة وغير قادرة على التلاحم لإنجاز الهدف، فريق يقاتل في الميدان وينفي تهمة التفريط بالمدينة، وفريق يراقب من بعيد ويحشد غضبه ضد من يراه سببا لكل هزيمة. 

سقطت 'العبدية'، ولا أحد يمكنه القول إن سلطة مأرب سببا في هذا السقوط، هذا خبر لا يبهج أحدا، حتى أولئك الذين يحمّلونها مسؤولية السقوط لا أظنّهم مبتهجين بالحدث، لكنهم يتخذونه مدخلًا لتأكيد صدق تنبوءاتهم وتحذيراتهم المسبقة حول وضع مأرب وجيشها منذ البداية. 

يقول لك: كنا نحذّر من سقوط هذه الجبهة أو تلك، لكأنّ تحذيراتهم كانت كافية لمنع سقوطها، إنه يتحدّث بشكل مجمل ولا يملك الشجاعة ليشرح الأسباب، هو لا يفعل ذلك، لكونه يراك السبب في سقوط الجبهة، لكأنّك تتآمر ضد نفسك. هو يقول إنه لا يريد سقوط مأرب وأنت كذلك، لكنهم يختلفون في تفسير سبب الهزيمة، وبهذا لن يتفقوا على أسباب النّصر. 

عندما تؤول المعركة نحو واقع مُعين، هزيمة ما تؤكد تحليلاتك المسبقة حول خطورة الوضع، لا يعني أن أسبابك التي أوردتها كانت هي الصحيحة والمفسَّرة للحدث، ليست المشكلة في المقاتلين ولا في السبب الجاهز في ذهنك، المتعلق بالكشوفات الوهمية.. ليست في السلطة المحلية في مأرب، المشكلة تكمن في الأعلى، في الطبقة السياسية المتحكِّمة بالوضع عن بُعد، والمؤثّرة على الميدان. 

هناك سبب جذري يتعلق بالإرادة العامة للمعركة، وتلك مشكلة تقع على عاتق كل الأطراف. 

من الواضح أن البُعد السياسي والإداري هو جوهر المشكلة، نحن أمام قيادة تفتقد الترابط التام والانسجام ووحدة القرار، بما يجعلها عاحزة عن التحكّم بالواقع وإسناد كل ثغرة في هذه الجبهة أو تلك. 

وعلى وجه الدِّقة، لا تتمتع بالدافع نفسه الموحّد والمرتّب لدعم المعركة وبشكل حاسم. 

سقوط 'العبدية' مؤشر خطير على طبيعة الوضع في مأرب، ويفترض أن يكون آخر جرس إنذار؛ كي يُعاد ترتيب العلاقة المُربكة بين الميدان والقيادة السياسية والحكومية، فجوهر المشكلة يتمثل في هذا التفكك الحاصل في عنصر القيادة وفقدان الوحدة المركزية للقرار، وما يتركه من أثر في الميدان.. مع أن هذا الخيار المفترض يبدو غير مُمكن بالنظر إلى التراجعات المستمرة، والإرباكات المتوالية منذ أعوام. 

يقاتلون في الميدان ومشكوفون في جبهة السياسة، هذا هو وضع مأرب، يتحرّكون بأقصى ما لديهم من قوّة وتهزمهم تحرّكات الساسة وطريقة إدارتهم للمعركة. وبعد كل هذه التضحيات لم يعد هناك سوى خيارين أمام مقاتلي مأرب من القبائل والجيش الوطني: إما أن يستمروا في النظر إلى وضعهم المُربك، وما قد يؤول إليه من نتيجة صادمة، أو يستعيدوا قرارهم ويمضوا في تدّبر حالهم، وبما يخلّصهم من وصاية قيادة، هي سبب هزائمهم أكثر من كونها عاملا لضمان نصرهم. 

الخلاصة: على مأرب أن تفكّر بترتيب وضعها عسكرياً، وتمارس كافة الصلاحية السياسية التي تضمن لها حماية مصيرها، حتى لو أدى ذلك إلى تجاوزات قانونية تعود صلاحيتها لشخصيات سياسية عُليا، فالشرعية الآن يتمثّل جوهرها في ما يقرره الميدان، ولا قيمة لشرعية تفرِّط بعناصر بقائها. فسقوط مأرب لن يكون مجرد اختراق لصلاحية الشرعية، بل تلاشيا كليا لها، إذا ما قدر الله وحدث شيء في مأرب.

 

مقالات

ما بعد غزة وما بعد إيران

في إعلان الحرب على غزة حَدَّدَ نتنياهو الهدف الرائس: القضاء على حماس، وعودة الرهائن. كان القضاء على حماس مَطلوبًا، إلا أنَّ الهدف مِنْ وَراء ذلك هو القضاء على غزة بحرب إبادة يشنها عبر القصف المتواصل، والحصار القاتل. وَمَنْ لم يُقْتَل بالقصف والتجويع تَقتلهُ «المساعدة الإنسانية»: الإسرائيلية الأمريكية!

مقالات

حرب إيران وإسرائيل.. حقائق صادمة ومفارقات متضاربة

بصرف النظر عن نتائج الضربات الجوية الماحقة التي شنتها القوات الأميركية على معظم منشآت إيران النووية، وما إذا كانت سوف تغير من مجريات الصراع في المنطقة، إلاَّ أن أكثر ما استرعى انتباه ودهشة المراقبين، قبل ذلك، هو سلسلةُ المفاجآت اليومية التي كشفت عنها الحرب الإيرانية- الإسرائيلية المباشرة. أولها أن الصواريخ البالستية والمسيَّرات التي زودت بها إيران أذرعها في العراق وسوريا ولبنان واليمن لم تكن، في أفضل حال، سوى أدواتٍ لتجريب أسلحتها ذات الفاعلية العسكرية الكبيرة، على غرار ما شهدناه في مواجهتها الراهنة مع إسرائيل. لكن المؤسف أن تلك التجارب لم تفد إيران، ولم تلحق أي ضررٍ بإسرائيل، بل كلفت بلدان تلك الأذرع استباحة أراضيها من قبل جيوشٍ عالميةٍ كبرى يستحيل كسرها، وأدت إلى سلب إرادة شعوب، وانتهاك سيادة دولٍ لم يكن بالإمكان التعدي عليها لولا التدخلات الإيرانية في شؤونها، فضلًا عن تدمير بناها التحتية الأساسية، وعودتها عقودًا من الزمن إلى الخلف يصعب تعويضها.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.