مقالات

الدِّين والعلمانية في السياسة المعاصرة

23/04/2022, 19:07:30
المصدر : خاص

القِيم الجوهرية للعلمانية تشمل التفكير الحر والمنطق والعقل، والعلمانية لا يتم تعريفها فقط من خلال معارضة الهُوية والممارسات الدِّينية، وإنِّما من خلال تجارب مختلفة، فهي بطبيعتها محكومة ومتشكّلة ومقيِّدة من قِبل المجتمع ذاته.

وعلاوةً على ذلك، تشير الدراسات الحديثة إلى أن الأديان اختراع حديث، وأن الدِّين يُصنع أو يُنتَج جزئياً من خلال تدخلات الدولة؛ وبالتالي فإن الادعاء بأن العلمانية هي العملية التي يتم من خلالها  الفصل بين السياسة والدِّين هو أمر لا يمكن الدِّفاع عنه في مجتمعات كثيرة، وأهمها المجتمعات الإسلامية، التي تُمارس الدولة فيها تدخلات دِينية تخدم أغراض عدم الفصل بين الدِّين والدولة، وهي تدخلات تشجِّع، في الوقت نفسه، على مزيدٍ من التطرُّف الدِّيني. 

تشير الأبحاث والدراسات  كذلك إلى أن كل يوم يمر يشهد زيادة في عدد العلمانيين، يقابله تناقص في عدد المتديّنين.. والولايات المتحدة واحدة من هذه البلدان، فوفق "واشنطن بوست"؛ الاتجاه العلماني في الولايات المتحدة يتقدّم بقوة، وهناك ما أسمته تشكُّل لليسار العلماني السياسي، وهو المقابل الموضوعي لليمين السياسي المحافظ عادةً، ويبدو أن هذه الثقة مبعثها التحولات الدِّينية التي تجري في الولايات المتحدة.

 وعلى سبيل المثال، نشر مركز "جالوب" نتائج بحثية تشير إلى أن الولايات المتحدة حافظت -خلال الفترة 1937 إلى 1998- على نسبة 70% لتدّين من نوعٍ ما، ثمّ حدث شيء ما آخر.

فعلى مدى العقدين الماضيين، انخفض هذا الرقم إلى أقلّ من 50%، وهو أكبر انخفاض مسجّل في التاريخ الأمريكي، وفي هذه الأثناء، نما عدد "اللا أدريين" والملحدون بسرعة كبيرة، فالأمريكان أصبح لديهم انتماء دِيني أقل، وتوجُّه لا دِيني أعلى.

لكن، ومع كل ذلك، صحيفة مثل "نيويورك تايمز" تخشى بشدّة من تديُّن يميني يخلط السياسية بالدِّين.

 في مقالة عن "الحماس الدِّيني المتزايد في اليمين الأمريكي"، صوّرت مستقبل أمريكا مظلماً مع تصاعد الحماس الدِّيني، ومُلمِّحة إلى أن أمريكا قد تتحول إلى ثيوقراطية دِينية بائسة.

حشدت الصحيفة عشرات الاقتباسات لسياسيين يمينيين وظَّفوا الدِّين في السياسة، أو شاركوا في تجمُّعات دِينية للحزب الجمهوري، لتمرير أجندة سياسية.

ولتأكيد وجهة نظرها، أظهرت الصحيفة، في الوقت نفسه، رفضاً قاطعاً للانتماء الدِّيني، معتبرةً ذلك تهديداً للديمقراطية والعلمانية. وقالت إن خلط الدِّين بالسياسة يخلط الأمور، ويحوّلها من طموحات سياسية إلى الدِّفاع عن الله.

صحف مثل "نيويورك تايمز"، وغالبية النُّخبة المثقّفة والثرية في الولايات المتحدة، تميل إلى أن تكون علمانية بشكل واضح، وترفض خلط الدِّين بالسياسية، على مستوى أمريكا. لكن الصحيفة نفسها، أيضا، لا تفعل ذلك عندما يتعلق الأمر بخارج أمريكا. فالصحيفة نفسها لطالما لاحظنا دعمها للاتجاهات الدِّينية في أوساط بعض الأقليات المتديّنة  في الولايات المتحدة.

فقد تبدو صحيفة مثل "نيويورك تايمز" مهتمّة  بالمسلمين، وذلك من خلال إشارات سلبية كثيرة كالسماح لهم بنشر مقالات، أو عبر تبنِّي الدفاع عن بعض قضاياهم الدِّينية ذات الأجندة السياسية، أو دعم التوجُّهات الدِّينية في منطقة الشرق الأوسط، وانخراطها في دعم عملية التغيير السياسي في المنطقة العربية، ونحو تسليمها لجماعات الإسلام السياسي.

والأسوأ من ذلك، تتغاضى عن الاتفاق مع إيران، الذي يعزز الثيوقراطية الخمينية الدِّينية على حساب القِيم العلمانية الحديثة لذلك البلد.

قد يبدو ذلك استثماراً للصراعات الدِّينية في منطقة الشرق الأوسط، ومن منطلق براجماتي يعود بالنفع، وعلى مستوى الداخل يبدو توظيف ورقة الأقليات (كالأقلية المسلمة) جزءاً من لعبة المكايدات بين اليسار العلماني واليمين الراديكالي.

وعموماً هناك رأي للعلماء يُعتد به عندما يتعلق الأمر بالأقليات وممارسة الحرية الدِّينية، وهذا الرأي يقول: "إن الممارسة الحرة للدِّين تحرِم الأقليات الدِّينية من الحماية المتساوية بموجب القانون".

ويبدو واضحا أن ما يعتقده الكثيرون أمر إيجابي في دعم الحُريات الدِّينية، وقد يكون له نتيجة عكسية مُؤذية على حقوق تلك الأقليات.

في النهاية، يتفق العلماء على أن وجود مجموعة ضخمة من الناس يتشاركون القِيم العلمانية أمر إيجابي ومُلهم، وهناك اتجاه في أمريكا يعتقد أن المستقبل للمجموعات العلمانية الضخمة، وهذا الرأي يبعث على التفاؤل.

 

مقالات

حكاية الكافرة شجون ناشر (1-2)

في "سنة الجُدَري"، شاع الخبر في "قرية العكابر" بأن شُجُوْن ناشر كفرت بربّها، ودخل الشك إلى قلبها، وتوقفت عن الصلاة، وبدلاً من أن تصلي صارت تغنِّي، وأصبح الغناء صلاتها.

مقالات

العليمي: مأرب بوابة النصر القادم

بعد الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، أصبح من الواضح للجميع، سواءً على الصعيد الإقليمي أو الدولي بما في ذلك القائمون على مشاريع السلام الدولية في اليمن، بأنه بدون مأرب قلعة الصمود والاستبسال والاستعصاء فإن الحوثيين لن يتوقفوا حتى يصلوا إلى آخر نقطة على حدود عُمان.

مقالات

اغتصاب مدينة!

للمدينة ذاكرة لا تمحو ولا تُمحى؛ ذاكرة المكان والزمان والناس والأشياء والمشاعر والألسنة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.