مقالات

الدولة - المُخبر!

01/10/2023, 15:36:24

في بلد ما، في زمنٍ ما، توافرتْ حكومةٌ ما على منظومة مراقبة لشعبها بالصوت والصورة، آناء الليل وأطراف النهار.

لم تكن تخفى عنها شاردة ولا واردة، بنت شفة أو حفيف حركة، حتى تكاد نبضات القلوب والأفكار والأحلام والآلام والمشاعر وما تُخفي الدفاتر مرصودة لدى تلك الحكومة وأجهزتها.

هذا ما تنبَّأ به الروائي الإنكليزي جورج أورويل في أواخر الأربعينات، مُتصوِّراً حدوثه في ناصفة الثمانينات في زاويةٍ من زوايا العالم، في روايته الشهيرة "1984". ولم يكن الموضوع خيالاً روائياً بقدر ما كان تحليلاً سياسياً لما يمكن أن يسفر عنه ذلك التراكم الرهيب من العلاقات والوقائع والنفسيات والأحداث التي أفرزتها الحرب الكونية الثانية على كل الأصعدة والمستويات.

وكانت "الأخ الأكبر يراقبك" هي العبارة - المانشيت - الثيمة - البيان الأبرز للمرحلة والدولة النبوءة ، التي - أي العبارة - يراها ويسمعها ويستشعرها كل أفراد المجتمع الذين باتوا تحت سطوة شاشات الرؤية ومجسَّات الصوت، التي انتشرت في كل مكان في الدولة، في كل بيت ومرفق عمل ودراسة، وفي كل زقاق وشارع وميدان فيها، حتى ليشعر المرء بوجودها حقيقةً لا خيالاً في المرحاض وغرفة النوم، بل في رأسه وتحت جلده!

تخيَّلْ أن أجهزة تنصُّت وتلصُّص موجودة في القلم الذي تكتب به يومياتك.. في فنجان القهوة، التي ترتشفها كل صباح.. في الكتاب والجريدة بين يديك.. في شاشة التلفاز أمامك.. في الكرسي والمنضدة والسرير.. في الوردة تلامس أنفك، والشفة تلثم فمك، والوجه قبالة عينيك.. جميعها تهمس إليك: "الأخ الأكبر يراقبك"!

أُقسم بالله أن زميلاً (يعرفه عديد من زملائنا في الثمانينات، وسيعرفون الآن من أقصد بالضبط) كان يعيش هاجس "الأخ الأكبر" في كل لحظة من لحظات يومه، ليلاً ونهاراً، صيفاً وشتاءً، حتى كدنا نعتقد بصورة مطلقة أن صواميل دماغه ستنفجر في أية لحظة. وقد هرب صاحبنا هذا من "الأخ الأكبر"، الذي ظل يراقبه ويترصَّده في صنعاء إلى عدن، لكنه وجد "أخاً أكبر" آخر ماثلاً قبالته في عدن أيضاً.

تدهورت الحالة النفسية والذهنية والبدنية لهذا الزميل على نحوٍ غير معقول. وقد ظل يتنقَّل بين محلات الإقامة بوتيرة سريعة ومتكررة ومرتابة، وفي كل مرة لم يكن ليسمح لأحد بأن يعرف محل إقامته!

وفي هذه اللحظة أدري أن "ق" متواجد في صنعاء، لكنني لا أدري - ولا يمكن لي أن أدري - أين يقيم؟

وبعد عشرين، خمسين، مائة عام.. سيظل "الأخ الأكبر" ماثلاً بالضرورة.. ما دامت ثمة حكومة، وثمة مواطن، وثمة حلم يحاول أن يتفتح!

مقالات

دستور طارق!

ربما ليس علينا الآن تذكير اليمنيين بطارق صالح، مدرب قناصة الحوثي والقائد الميداني ذي الوجه الشاحب الذي كان يقاتل، بإخلاص، كتفاً بكتف مع مجرم الحرب أبو علي الحاكم تحت قيادة عبدالملك الحوثي.

مقالات

وسائل التواصل الاجتماعي .. كيف شوَّهت صورة اليمن أمام العالم؟

بعد أن لم يعد لدى اليمن برلمانٌ واحدٌ ينعقد بانتظامٍ لمناقشة أحوال البلاد وقضاياها المصيرية، ولا صحافة تتمتع بقدرٍ معقولٍ من الحرية والاستقلالية، لا بأس من أن تصبح بعض المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي ساحةً لتناول تلك المسائل والهموم.

مقالات

طارق صالح: من عبء على الحوثي إلى عبء على الشرعية

حين استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء عام 2014، بدت الحاجة إلى أدوات صالح العسكرية والبيروقراطية ضرورة مرحلية. كان كمن يفتح لهم أبواب القلعة التي سيتحول لاحقًا إلى أسير داخلها. بقيت الحاجة لصالح إلى أن نجحت العصابة الحوثية في تجريده من أوراقه، وإلحاق أدواته بها، وإعادة تكييف أتباعه داخل الجهاز الإداري والعسكري للدولة، وربط مصالحهم بها مباشرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.