تقارير

يكافحون لإطعام أسرهم .. هكذا تسببت الحرب في تراجع المشاركة السياسية للشباب في اليمن

25/04/2024, 09:16:56

كان الشباب في اليمن متحمسين لدورهم في صنع القرار والمشاركة السياسية خلال انتفاضة 2011 والعملية الانتقالية اللاحقة، ولكن يبدو أن مسار هذا الاهتمام في تراجع سريع.

أدى الصراع إلى تغيير أولوياتهم ومواقفهم تجاه السياسة ويقول الكثير منهم في جميع أنحاء اليمن اليوم بأنهم لا يفكرون كثيرًا في المشاركة السياسية، أو أن يكون لهم دور في صنع القرار، لأنهم يكافحون من أجل إطعام أسرهم.

يفيد أحد الشباب وهو من محافظة إب بان الناس الآن مشغولون بالتفكير في كيفية البقاء على قيد الحياة أكثر من الانشغال بما أسماه “العصابات السياسية”.

 ويقول شاب آخر من عدن، ويعمل في مركزاً مجتمعيًا يدعم الفئات المهمشة والنازحين داخليًا، إنه حتى قبل اندلاع الصراع كان معظم الناس فقراء، لكنهم الآن يعيشون في فقر مدقع. وأضاف أن المشاركة السياسية الآن شيء تتحدث عنه النخب فقط، وليس أولئك الذين يعيشون في المجتمعات المهمشة أو في المناطق الريفية أو في مراكز المدن التي شهدت فشل تقديم الخدمات الأساسية بالكامل.

 بينما يعتقد الكثير من الشباب - وفقاً لدراسة سابقة نشرها مركز صنعاء للدراسات -  أن اهتمام الشباب بالمشاركة السياسية وصل الآن إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، مع احتمال صغير بأن يتغير إذا تحسن الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

ويعتقد عدد من الشباب أن تراجع اهتمامهم بالمشاركة السياسية لم يكن فقط بسبب الوضع الإنساني الكارثي، ولكن أيضًا بسبب ما يصفونه بالشعور الجماعي بالخيانة. وعلى حد قوله وغيره، فإن الموقف العام من الشباب المستقل الذي شارك في الحوار الوطني قد تحول إلى موقف سلبي. بينما ألقى آخرون معظم اللوم على جماعة الحوثيين وصالح، وانتقدوا أيضًا انقسام الشباب المستقل. 

تحدث أحد الشباب الذين تمت مقابلتهم، إن الأحزاب السياسية لم تعد قادرة على التعبئة السياسية، ولا يمكنها استعادة ثقة الجمهور في أي وقت قريب. وأوضح: “بعد انتفاضة 2011، كانت قيادات الأحزاب السياسية قصيرة النظر ولم تتوقع (هذا الوضع الحالي). لم يقوموا بأي استثمار حقيقي في تمكين شباب أحزابهم وبناء قدراتهم، كانوا مشغولين فقط بأخذ نصيبهم من السلطة”.

انتقد شباب آخرين، أحدهما في صنعاء والآخر من أبين ، المجتمع الدولي لعدم مساءلة أي شخص عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها، ما وصفوه بـ “شبكات المحسوبية الجديدة والوكلاء والموظفين المحليين” للقوى الإقليمية. واستشهد كلاهما بأمثلة على الأعمال الوحشية للسلطات والجهات الفاعلة غير الحكومية في شبوة وتعز وعدن وصنعاء، لمنع الأنشطة السياسية، مع “إدانات خجولة وعديمة الجدوى” من قبل المجتمع الدولي.

وأدى زخم أجندة الشباب والسلام والأمن في اليمن إلى إنشاء العديد من مجموعات السلام والائتلافات والمنتديات والمنصات التي يقودها الشباب بدعم من الأمم المتحدة والجهات المانحة الدولية. يتمثل أحد الأهداف الرئيسية لهذه المجموعات في الدعوة إلى المشاركة الهادفة للشباب في عمليات السلام على جميع المستويات. 

ومع ذلك، هناك شعور سائد بالاستياء داخل هذه المجموعات ناتج عن شعورهم بنقص المعرفة والمهارات المطلوبة للمشاركة بنشاط في المسار الأول لعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، إذا تمت دعوتهم لذلك. ووفقًا لما ذكره المشاركون، فإن اللوم يقع على تصميم البرامج التي لم تضمن توفير مكونات بناء القدرات التي تلبي توقعات أعضاء مجموعات السلام التي يقودها الشباب.

وأظهر وضع الشباب اليمني خلال السنوات الأولى من الصراع المستمر، وبشكل ملحوظ، تركيزًا كبيرًا بين الشباب على الدور الإيجابي الذي يلعبونه للتخفيف من تأثير الصراع العنيف على مجتمعاتهم المحلية. فحتى عام 2019 على الأقل، كان بناة السلام اليمنيون الشباب والنشطاء وموظفو المنظمات غير الحكومية، لا يزالون يتحدثون عن مرونة الشباب وإبداعهم وسعة حيلتهم، وعن معالجة الآثار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنزاع، ناهيك عن تطلعاتهم للقيام بدور هادف في عمليات السلام.

اليوم، نتيجة للآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحرب، أصبحت علامات اليأس والألم بين الشباب أكثر وضوحًا. مع استمرارهم في كفاحهم لتغطية نفقاتهم، يفقد الشباب في اليمن الأمل بشكل متزايد بشأن مستقبل بلدهم. وبالتالي، يقدم هذا البحث التوصيات التالية لتوجيه الجهود التي قد تتناول – إلى حد ما – تأثير الحرب على الشباب في اليمن.

أعرب العديد من المتحدثين الشباب عن قلقهم المتزايد من التأثير طويل المدى للصراع على حياتهم، وعلى تراجع احتمالات تحقيق سلام دائم في اليمن. إن انهيار نظام التعليم، وانتشار الأفكار المتطرفة في المدارس، وتنامي الخطاب المذهبي، والتجنيد من قبل الفصائل المسلحة، كلها تشكل تهديدات مستمرة للسلام والاستقرار. 

يرى أحد الشباب بأنه حتى إذا نجحت عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في إقناع الأطراف بالتوقيع على اتفاق سلام اليوم، فمن المرجح جدًا أن ينهار في اليوم التالي، أو بعد أيام، حيث تستثمر أطراف النزاع في تجنيد المزيد من المقاتلين الشباب وغرس الأفكار المتطرفة في أذهانهم”. 

ووصف الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، أوك لوتسما، الوضع لوكالة فرانس برس، حيث قال: “إذا تواصل الأمر على هذا المنوال، فسيكون من الصعب للغاية إعادة بناء اليمن كدولة. وإذا تم تدمير المزيد من عوامل التنمية وأصبح الناس أكثر فقرا، فسيصبح اليمن دولة غير قابلة للحياة تقريبا”.

وردد  شباب آخرون نفس القلق وقد فقد أجبر التدهور العديد من الشباب على ترك المدارس والجامعات، أو البحث عن وظائف بدوام جزئي ليتمكنوا من مواصلة تعليمهم وإعالة أسرهم. قالت الناشطة علا الأغبري، إنه في بعض المناطق ينضم الشباب إلى جبهات القتال ليس فقط من أجل المال، ولكن لأنهم يشعرون أنهم مسؤولون إلى حد ما عن التسبب في أزمة اقتصادية لمجتمعاتهم بعد مشاركتهم في انتفاضة 2011.

وظهرت الحماية أيضًا كواحدة من أكثر الاحتياجات إلحاحًا حسب الأشخاص الذين تمت مقابلتهم  وقالت إحدى المستجيبات الشابات إن شقيقها قُتل بدم بارد بعد أن قدم المساعدة في إنشاء ناد ثقافي في عدن لترويج مبادئ الدولة المدنية وحرية التعبير والنقاشات المفتوحة بين الشباب: “نشطت أنا وأخي مع شباب وشابات وأنشأنا ناد ثقافي. كان هدفنا من إنشاء النادي هو رفع الوعي الثقافي للمجتمع. تلقينا تهديدات، واعُتبر عملنا تهديداً، واعُتبر الوعي الثقافي تهديدا من قبل المسلحين. طلبوا مرارًا من أخي الانضمام إليهم كجندي في إحدى الوحدات العسكرية المشكلة حديثًا. لكنه رفض وواصل نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي. قُتل أخي ولم يُسمح لنا حتى بدفنه”

وأضافت: “أسرتنا تلقت مكالمات من السفارات الأوروبية، من مكتب الرئيس، من مسؤولين رفيعي المستوى جميعهم يدينون الجريمة. لكن هذا كل شيء، ولم يساعدنا أحد في تحقيق العدالة”.

كما تتزايد الحاجة إلى حماية الشابات كل عام أثناء النزاع. فوفقًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان، ارتفعت معدلات زواج القاصرات، حيث تسعى العائلات التي تعاني من ضائقة اقتصادية شديدة للحصول على المال أو حتى وسيلة مضللة لحماية الفتيات الصغيرات.

وأشار تقرير صادر عن مركز صنعاء إلى زيادة العنف القائم على النوع الاجتماعي إلى مستويات غير مسبوقة في عدة أجزاء من البلاد أثناء النزاع. ووجد التقرير أن النساء والفتيات قد تعرضن للاغتصاب والخطف والتحرش الجنسي والعنف الأسري الذي تمارسه المليشيات وأفراد المجتمع وكذلك الأزواج والآباء والإخوة.

تقارير

أكثر من 600 ألف نازح عادوا إلى تعز.. نسيان وصعوبات تثقل كاهل العائدين

رغم استمرار وتيرة النزوح في البلاد، خلال السنوات الأخيرة، شهدت مدينة تعز تزايدا ملحوظا في أعداد النازحين العائدين إلى ديارهم، وسط تفاقم ملحوظ في منسوب الصعوبات الاقتصادية والمعيشية والخدمية، التي يواجهها العائدون في المحافظة الأكثر سكانا ودمارا وفقرا وبطالة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.