تقارير

منابر الطاعة.. كيف تصنع جماعة الحوثي جيلاً مفخخاً بالعقيدة والولاء؟

21/04/2025, 10:58:16

تحوّلت منابر المساجد في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي إلى مصانع للولاء، يُعيد فيها الخطيب تعريف الطاعة، ويستبدل مقام الأب بوصايا “السيد”، ويختصر القرب إلى الله في إرسال الأطفال إلى جبهات القتال.

في الأحياء والقرى، أصبحت المنابر منصات لصناعة الولاء وإنتاج جيش عقائدي، حيث استغلت ميليشيا الحوثي ضعف الوعي، وانغلاق المجتمع القروي والقبلي، لتمرير خطاب الخضوع والتسليم. وقد ساهم الإعلام الديني في التحشيد تحت لافتة الحروب الدينية، كحرب الميليشيا ضد إسرائيل وأمريكا، واستخدام القضية الفلسطينية.

هذه الحرب ليست في حدود المعركة، بل حرب على حدود الوعي؛ فميليشيا الحوثي لا تكتفي بالسلاح، بل تغزو العقول من باب الدين، لتُعيد تعريف الطاعة والعبادة والولاء، وتصبح طاعة زعيم الميليشيا البوابة إلى الجنة.

تعبئة وحشد

يقول اختصاصي الطب النفسي، الدكتور مهيوب المخلافي، إن هذه التعبئات الخاطئة خطيرة، خاصة في شريحة الأطفال الذين يتأثرون بكل ما هو حادث أو متجدد.

وأضاف: “ميليشيا الحوثي اشتغلت على الجانب النفسي للأطفال من حيث ما يسمى بالتعبئة، في جانب الرغبات، وفي جانب الشهوات، وما يسمى برفع الذات. اشتغلت على هذه الفكرة كثيراً، فحوّلت عقول الأطفال من جانب روح الأبوة والأمومة وطاعة الله وطاعة الرسول، إلى طاعة شخص آخر”.

وتابع: “النبرة التي صنعها الحوثي حديثاً هي وليدة اللحظة، ولذلك حدث ما يسمى بوصول الفكرة إلى الطفل وإلى الأسرة، فأثرت في الأطفال، وأنتجت ردود فعل نفسية، مثل الشعور بالخوف، حيث صار الطفل يخاف إذا رفض الانجرار وراء جماعة الحوثي، يخاف على أبيه وأمه، وعلى مصدر عيشه”.

وأردف: “هذا كله يتسبب بانخفاض الأداء المدرسي، ويجعل الطفل يترك المدرسة إلى المراكز الصيفية، ومنها إلى جبهات القتال”.

وزاد: “حالة التعبئة في المراكز الصيفية أوجدت فارقاً مجتمعياً وأسرياً وذاتياً؛ إذ يبدأ الطفل بنسيان نفسه ككائن يحتاج إلى استقرار نفسي وعاطفي مع أب وأم، ويبدأ بالانجذاب إلى الزوامل وترديد الشعارات التي غُرست خطأ في ذهنه”.

وقال: “المجتمع اليمني مسالم، يألف ويؤلف، حالته النفسية منبسطة إلى أبعد درجة. جاء الحوثي واشتغل على هذا الجانب تحت شعارات مثل الانتقام لغزة، أو من اليهود، بينما هو يحشد الأطفال إلى جبهات القتال، ما يجعل حالتهم النفسية منهارة، وغير قادرين على التعايش مع ذواتهم”.

ويضيف: “في مركز الملك سلمان نقابل مثل هؤلاء الأطفال، وفي المقابلات الشخصية، نسأل الطفل: ما الذي أوصلك إلى الجبهة؟ فيقول: لا أعلم. حضرت دورة تدريبية أو مركزاً صيفياً، وتغيّرت رؤاي. صار السيد أبي وأمي وكل ما أملك، ولا بد أن أضحي بنفسي”.

وتابع: “هذا التغيّر الفسيولوجي يمكن أن نعتبره طارئاً، فالحوثي يشتغل على المدركات العقلية والناقلات العصبية، ويشوّه ذهن الطفل وتكوينه النفسي”.

شعارات عند الحاجة

يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، الدكتور عبد الباقي شمسان، إن المسألة غاية في التعقيد، وهناك استراتيجية واضحة اتبعتها ميليشيا الحوثي في اليمن، تحت مسمى “استعادة السلطة”، وهي في حقيقتها ثورة مضادة لثورة 26 سبتمبر، بتمكين إقليمي لإيران.

وأضاف: “الشعار الأول كان المظلمة الزيدية، ثم المظلمة القبلية (بكيل مقابل حاشد)، وتبع ذلك شعار الثورة الشبابية والفساد والجرعة، ثم شعار العدوان والصهيوأمريكية، والآن شعار غزة. كلها شعارات مرحلية للتعبئة والتحشيد حسب الحاجة المجتمعية”.

ويرى شمسان أن الحوثيين استفادوا من فشل المشروع الوطني، وأزمة التنمية والمشاركة، فاستدعوا الهويات ما قبل الوطنية: القبلية والمناطقية، وسط فشل للمشروع القومي العربي، وتوظيف عاطفة الشارع اليمني تجاه فلسطين.

وتابع: “بعد احتلال صنعاء، قدمت الجماعة نموذجاً لا يمكن تعميمه، ولم يكن بديلاً قابلاً للاستمرار، لكن الأخطر أن الفترة الطويلة التي استغرقها الصراع سمحت للحوثيين باستنبات سرديات عقائدية ووطنية ودينية، بل وحتى سرديات للموت والحياة، في عقول النشء الجديد”.

تقارير

ما أبعاد ومآلات استضافة المجلس الانتقالي لوفد إسرائيلي؟ (تحليل)

نحاول في هذه التناولة أن نحلل زيارة فريق من منتدى الشرق الأوسط منتصف يوليو إلى مدينة عدن، باعتبارها محطة فارقة تكشف عن طبيعة التفاعلات الإقليمية والدولية في اليمن؛ لا يقتصر التحليل على رصد مسار الزيارة في حدوده الزمنية، بل يتعداه إلى تفكيك هوية المشاركين، وخلفياتهم السياسية والفكرية،

تقارير

كيف تحوّل الانتقالي الجنوبي إلى ورقة في لعبة نفوذ تدار من أبو ظبي والاحتلال الإسرائيلي؟

وراء شعارات الاستقلال، يُساق اليمن، والجنوب منه خصوصاً، إلى حظيرة التبعية، ليس للسعودية والإمارات فحسب، ولا حتى للقوى العظمى المسيطرة على الملف اليمني كبريطانيا وأمريكا، بل صار شعار استقلال الجنوب مدخلاً للتعبئة للعدو التاريخي للأمة العربية والإسلامية، الكيان الصهيوني.

تقارير

انعكاسات الأزمة داخل مجلس القيادة الرئاسي على مسارات الإصلاح الاقتصادي

يتجدد التوتر داخل مجلس القيادة الرئاسي، ومع عودة رئيس المجلس، رشاد العليمي، إلى العاصمة المؤقتة عدن، صعّد عضو المجلس عيدروس الزبيدي المشهد بإصدار قرارات لتعيينات في السلطة التنفيذية، متجاوزاً صلاحيات رئيس المجلس والتوافق الذي تشكّل على أساسه المجلس. وطالب المجلس الانتقالي بإعادة هيكلة الحكومة ومنحه مساحة أكبر في إدارة المحافظات الجنوبية.

تقارير

اليمنيون يستعدون لإحياء ذكرى ثورة 26 سبتمبر رغم الانقسام في الجنوب وقمع المليشيا الحوثية

يستعد اليمنيون هذا العام للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962 التي أطاحت بحكم الأئمة وأسست للنظام الجمهوري، وسط حالة من القمع غير المسبوق في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، إلى جانب حالة الانقسام السياسي في الجنوب والخلافات العاصفة بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي والتي اعادها إلى الواجهة مرة أخرى عضو المجلس عيدروس الزبيدي المدعوم من السعودية والإمارات بعد إصداره عدد من القرات والتعيينات الفردية وتجاوزه لصلاحية رئيس المجلس رشاد العليمي.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.