تقارير
محاكمات بلا عدالة.. كيف تحوّل القضاء في صنعاء إلى وسيلة لغسل جرائم المليشيا وتبرير القتل؟
بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء التابعة لميليشيا الحوثي محاكمة 21 مدنيا، بتهم التخابر مع ما تصفه الميليشيا بدول العدوان في جلسات متتابعة وسريعة، لم تتجاوز الفاصل الزمني المعتاد بين الجلسات القضائية.
النيابة العامة التابعة للحوثيين، طالبت بإعدام جميع المتهمين، متهمة إياهم بالتجسس لصالح غرفة عمليات مشتركة تضم المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية.
هذا النوع من المحاكمات يمثل تحول القضاء إلى أداة عقائدية للبطش وإعادة إنتاج الخوف داخل المجتمع، إضافة إلى اعتقال المحامين الذين يتولون الدفاع عن المختطفين، كلها مؤشرات تدل على توحش ممنهج يجعل من القضاء غطاء قانونيا لتصفية الخصوم وتبرير الجريمة.
ضمن سلسلة طويلة
يقول المحامي والباحث الأكاديمي في القانون الدولي؛ الدكتور محمد الشرجبي، إن ما يجري من إصدار ما يسمى بقرارات اتهام من النيابة المحسوبة على القضاء الحوثي، هي خطوة في سلسلة طويلة من الانتهاكات والأحكام التي أصدرتها سابقاً.
وأضاف: الحوثيون عندما أقدموا على الانقلاب لم ينقلبوا على الحكم السياسي وإنما ينقلبوا على مؤسسات الدولة، فمنذ اللحظة الأولى عملوا على تجريف مؤسسات الدولة من موظفيها وكادرها الوظيفي الحقيقي واستبدالهم بولاءات طائفية.
وتابع: هذه الأحكام أو هذه الاتهامات، ليست المشكلة في الأحكام وإنما المشكلة في المبدأ الذي تنبني عليه هذه المحاكمات، ليس هناك ضمانات قضائية لمحاكمات عادلة.
وأردف: لا يستطيع المتهم أن يستأنف الحكم بعد أن اعتقل المحامي الذي يريد أن يدافع عنه أصلاً، وبالتالي الأحكام الصادرة أو الاتهامات الصادرة ليست مبنية على أساس قانوني، وإنما هي أسلوب الابتزاز لموظفين مدنيين سواء كانوا مدنيين عاديين أو كانوا منتمين لبعض المنظمات الإنسانية أو منظمات دولية.
وزاد: الحوثيون أصدروا 550 حكم إعدام، جميع الأحكام الصادرة لم تبن على أساس قانوني، هناك 18000 مختطف في سجون الحوثيين، منهم 4000 تعرضوا للتعذيب بشكل موثق.
المستغرب أن هناك غياب حقيقي للدور رسمي، هذا الدور الرسمي يفترض أن يحرك أن لا يترك هؤلاء ضحايا لهذا القضاء غير العادل، الذي يستخدم لقتل الأبرياء، فالواجب حقيقة أن يكون هناك تحرك رسمي بتشكيل لجنة حقوقية لتوثيق هذه الانتهاكات ورفعها للمحافل الدولية، ولا يكتف الجانب الدولي بإصدار البيانات [6].
استخدام القضاء
يقول مدير مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة؛ فهمي الزبيري، إن ميليشيا الحوثي منذ اللحظة الأولى وهي تستخدم القضاء من أجل أجندتها الطائفية والسلالية.
وتساءل: ماذا ننتظر من قضاء أو قضاة يذهبون إلى دورات طائفية الى دورات ثقافية ما تسمى بدورات ثقافية لدى ميليشيا الحوثي؟ ماذا ننتظر من قضاة يذهبون للتدرب على استخدام الأسلحة ؟ ماذا ننتظر من قضاة يحكمون على الموتى بالإعدام؟
وأضاف: هناك أحكام تصدر بالإعدام على ناس ماتوا أصلاً، ما الذي ممكن أن ننتظره من قضاة يحكمون بالإعدام على أشخاص تم تبادلهم في صفقات أسرى؟ وماذا ننتظر من قضاء يمجد هذه السلالة ويمجد عبد الملك الحوثي ويهدم مؤسسات الدولة.
وتابع: عندما يصبح القاضي خصم للذي يحاكم أمامه ماذا ننتظر منه؟ تنتفي تماماً كل إجراءات المحاكمة وتعتبر كل إجراءات التقاضي منعدمة أصلاً.
وأردف: هذه المحاكمات هي معروفة بأنها محاكمات هزلية ومحاكمات سياسية من أجل الضغط والابتزاز، وهناك ناس مختطفين أبرياء تم الحكم عليهم بالإعدام وتم تبادلهم بأسرى حرب من جماعة الحوثي.
وزاد: ميليشيا الحوثي تستخدم القضاء من أجل الابتزاز من أجل المساومة من أجل التفاوض، ولذلك عبثت بالقضاء، وهي تحاول أن تفقد المواطنين الثقة بالعدالة وبقيم العدالة من أجل أن يلجأوا إليها.
براءة للذمة
يقول رئيس مؤسسة جذور للفكر والثقافة؛ عمار التام،
قبل دقائق تصفحت صفحة "رشدي علي حاتم" أحد الموظفين في المنظمات الدولية كان في صنعاء واختطف من قبل الحوثيين في الفترة السابقة، تكلم وقال لهم براءة للذمة ومع يقظة ضمير، كان الحوثيون يبتزون العاملين الحقوقيين ويجعلونهم يرفعون التقارير الحقوقية مع حذف كل ما يتعلق بانتهاكات الحوثيين.
وأضاف: ما يقوم به الحوثي ليس مع خصوم سياسيين لأن اللي اختطفهم الحوثي ليسوا خصوم سياسيين بل مواطنين متجنبين لأي دور أو أي نشاط ضد جماعة الحوثي، وعليه نأمل أن يكون هناك من قبل القضاء اليمني إصدار موقف أو أي صيغة قضائية تجرم الإجراءات ذات البعد العرقي الطائفي.
وتابع: المحاكم التابعة لميليشيا الحوثي أصدرت أحكام على مسؤولين وعلى هادي وكثير من الوزراء بالإعدام وبالتخابر، بينما في جانب الشرعية لم يتم التعامل مع القضاء إلا كونه كيان مستقل، لماذا هذا الصمت؟