تقارير
ما مدى فعالية أدوات الدين العام في تخفيف الأزمة المالية والنقدية في اليمن؟
تواجه الحكومة اليمنية تحديات غير مسبوقة، نتيجة توقف الموارد السيادية وفقدان السيطرة على الإيرادات في مناطق نفوذها، وعدم توريدها إلى البنك المركزي.
وفي ظل هذه الظروف المعقدة، لجأ البنك المركزي إلى أدوات الدين العام المحلية من سندات وأذون الخزانة، كحل غير تضخمي لتغطية نفقات الحكومة الأساسية، بعيدًا عن اللجوء إلى طباعة النقود التي تزيد الضغط على العملة المحلية.
الخيار الذي لجأت إليه الحكومة اليمنية، رغم جديته في ضبط السيولة، إلا أنه يعد تحديًا في ظل عدم السيطرة الحكومية على موارد الدولة، وغياب الأجهزة الرقابية، فضلًا عن ارتفاع أسعار الفائدة، التي قد تشكل ضغطًا إضافيًا على المالية العامة.
- أدوات مهمة
يقول أستاذ الاقتصاد المالي بجامعة عدن، الدكتور محمد المفلحي، إن البنك المركزي يعلن عن أدوات الدين العام سواء كانت في أذون الخزانة أو السندات الحكومية نيابة عن الحكومة.
وأضاف: هذه المرة تم الإعلان عن أدوات الدين العام التي في الخزانة، بما قيمته 500 مليون ريال لمدة سنة بفائدة تصل إلى 18%، فيما السندات الحكومية تصل إلى ثلاث سنوات بمبلغ 10 مليارات ريال، وصرح البنك أنه إذا استدعت الحاجة ممكن أن يزيد.
وأوضح أن أدوات الدين العام هي أداة مهمة في السياسات المالية، تلعب دورًا حاسمًا في تمويل الموازنة العامة للدولة، وهي تمثل مصدر تمويل بديل أفضل من اللجوء إلى التمويل التضخمي.
وتابع: يمكن أن تساهم هذه الأدوات في تعزيز الاستقرار المالي والنقدي إذا تم استخدامها بشكل فعال ومدروس. ولكن هل تتوقع الحكومة أنها ستجد من يشتري هذه الأدوات، ممثلة في أذون الخزانة، والسندات الحكومية، في ظل انعدام الثقة بالعملة الوطنية وانهيار سعر الصرف؟
وأردف: في الحقيقة هناك تعافٍ مؤقت في سعر العملة الوطنية، وعلى الرغم من هذا التعافي المؤقت خلال الفترة الأخيرة، إلا أن استدامة هذا التعافي تتوقف على تطبيق إصلاحات مالية ونقدية فعالة على أرض الواقع، والتي لم تنفذ بعد بالكامل وتواجه تحديات كبيرة.
وزاد: التحديات التي تواجه تطبيق الإصلاحات المالية والنقدية، وتمنع القدرة على تجاوزها حتى الآن، تؤدي إلى فقدان الثقة في استمرار هذا التعافي في قيمة العملة المالية.
وقال: نحن نتمنى أن تحقق الحكومة أهدافها من أدوات الدين العام، ولكن في ظل هذه الظروف التي يمر بها البلد، أنا أتوقع أن تكون النتائج مخيبة للآمال بالنسبة للحكومة.
- الحلول الأخيرة
يقول الصحفي الاقتصادي ماجد الدعري، إن البنك المركزي أعلن عن أذون خزانة لأجل قصير، في إطار التفاهمات مع الحكومة، لإيجاد سيولة مالية لصرف المرتبات، وأهم الالتزامات الخدمية المرتبطة بالشعب.
وأضاف: هذه الخطوة تأتي في إطار تدخلات البنك المركزي لاستخدام أدواته من أجل إيجاد سيولة مالية لمعالجة شح الموارد، أو بالأصح انعدامها، وخلو الخزينة العامة منها، وهو واحد من الخيارات أو الحلول الأخيرة التي يمكن للبنك المركزي أن يلجأ إليها في حال الكوارث أو الأزمات الطاحنة التي تشهدها البلد.
وتابع: الحكومة وقيادة البنك المركزي، وجدوا أنفسهم أنهم يقفون أمام مسألة إنسانية وأخلاقية متعلقة بمرتبات الموظفين المتوقفة منذ ثلاثة أو أربعة أشهر، وأن عليهم أن يدرسوا كل الخيارات والإمكانيات المتاحة، ومن ضمنها الخزينة كحل مؤقت حتى يتم التفاهم بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، الذين وصلوا اليوم إلى عدن لإعادة تفعيل الإيرادات من كافة المحافظات والمؤسسات إلى خزينة الدولة.
وأردف: توريد الإيرادات من كافة المحافظات والمؤسسات إلى خزينة الدولة، سيمكن الحكومة من تعزيز الإصلاحات الاقتصادية وتحسين سعر صرف العملة، كما سيمكنها من إنجاز أو إعلان الموازنة العامة 2026 باعتبارها الخطوة الرئيسية التي تراهن عليها الحكومة ومجلس القيادة، وهو الرهان الذي يمكنها من الحصول على إيفاء المانحين والأصدقاء والمجتمع الدولي، وغيرهم من الجهات المانحة أو الأصدقاء لليمن.
وزاد: الموازنة العامة للدولة لا يمكن أن تخرج، إلا بإحصائيات وبجرد أو حصر كافة موارد الدولة أولًا للوصول إلى نتائج أو أرقام واقعية حقيقية، للوضع الاقتصادي وإجمالي المصروفات الحكومية، وبالتالي تقديم صورة موضحة للمجتمع الدولي والشعب اليمني بأن هناك مسار إصلاحات مستمر، وأن هذه الحلول هي فقط للتمهيد للحلول الأساسية الرئيسية المتعلقة باستعادة موارد الدولة إلى خزينة البنك المركزي.