تقارير

ما الذي تملكه الحكومة من أدوات لإحداث تحول ملموس في حياة الناس؟

07/08/2025, 09:20:13

تشهد عدد من المحافظات اليمنية المحررة، وعلى رأسها حضرموت وأبين وتعز، موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية، تعبيرًا عن الغضب المتصاعد إزاء التدهور المعيشي وتردي الخدمات، وغياب الاستجابة الحكومية. 

تتزامن الاحتجاجات مع تحسن ملحوظ في سعر صرف الريال اليمني أمام الدولار، ما خلق توقعات بانفراجة معيشية، إلا أن تلك التوقعات لم تُترجم إلى انخفاض فعلي في أسعار السلع والخدمات، الأمر الذي عمّق الشعور بالخذلان.

لا شك أن تكرار أنماط الإنكار والتجاهل في التعامل مع موجات السخط الاجتماعي، يقود إلى تآكل ما تبقى من الشرعية، ويعزز مناخات الفوضى وانعدام الثقة.

- من سيئ إلى أسوأ

يقول المحلل السياسي محمد بلفخر، إن الوضع الذي وصلت إليه حضرموت ليس وليد اللحظة، إنما هو متفاعل منذ سنوات طويلة، فالخدمات معدومة، وانهيار سعر العملة، وعدم وجود الإدارة الكفؤة، وهناك ما هو أخطر من ذلك، حيث توجد جهات أخرى تحاول السيطرة على حضرموت أو فرض أجنداتها.

وأضاف: كل هذا بينما المواطن يعيش ألم كل ما جرى له منذ 14 سنة مضت، وهو يبحث عن الازدهار، وعلى الأقل الحفاظ على ما هو عليه، وإذا به كل سنة، من سيئ إلى أسوأ، فالخدمات معدومة، والأشياء التي كانت موجودة انتهت.

وتابع: الكهرباء كانت 24 ساعة في فترة من الفترات، والآن تمر 40 ساعة أو أكثر بدون كهرباء، وهذه مصيبة، وإذا جاءت لساعتين، وحتى الساعتين اللتين يُفترض أن تكونا شغالتين، أيضًا تنطفئ خلالهما، فضلًا عن ارتفاع أسعار الوقود والبنزين، وحركة المواصلات، كل هذا جعل التدهور مريعًا في حياة الناس. 

وأردف: الناس ابتُلوا بداء الصمت، والنخب السياسية والمثقفة تحسب حسابات لهذا الطرف أو ذاك، حتى لا يزعل منها أي طرف.

وزاد: من المصائب التي تعم الناس، ما نشاهده من مشاهد لتلك النسوة اللواتي أخرجتهن الحاجة، في عز الصيف، وفي عز الحر، بينما المسؤولون ربما في خارج البلد ينعمون بحياة رفاهية.

- تعز تموت مرتين

تقول المحامية والناشطة الحقوقية شيناز الأكحلي، إن تعز الآن تموت مرتين: مرة من الحوثي الذي يحاصرها ويستميت في قتل أبنائها يوميًا حتى هذه اللحظة، ومرة أخرى من السلطة المحلية داخل محافظة تعز، التي تمعن في إذلال وتركيع أبناء تعز إلى أبعد حد.

وأضافت: نحن في تعز تحملنا كثيرًا هذا الوضع، وصلنا إلى مرحلة خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى انعدام أبسط مقومات الحياة داخل المحافظة، حيث انعدمت المياه والكهرباء والصحة والتعليم، وغلاء الأسعار، ما أدى إلى موت المواطن التعزي، واليمني بشكل عام، موتًا بطيئًا. وتابعت: يحاولون تركيع تعز من كل الجهات، والسلطة المحلية داخل المحافظة تلعب دورًا كبيرًا فيما يحدث لنا، هي صامتة تمامًا عن كل ما يحدث.

وأردفت: هناك مثال بسيط جدًا عن دور السلطة المحلية وخضوعها وسكوتها، حتى هذه اللحظة، ما يحدث من انخفاض لسعر العملة الأجنبية لم ينعكس نهائيًا على أسعار المواد الغذائية، حيث قامت حملة أمنية بالنزول، وتشكلت من مكتب الصناعة والتجارة سبع لجان لسبع مديريات، وما حدث أن اللجان الأمنية نزلت وضبطت المخالفين، وفي الشق الآخر استفاد مكتب التجارة والصناعة بملء جيوبه مرة أخرى، والاستفادة السلبية وليس الإيجابية من هذا الوضع.

وزادت: لجان مكتب الصناعة قامت بحجز المخالفين بعد أن تم إيصالهم من إدارة الأمن، وبدلًا من أن تتعاون مع الأمن وتحيلهم إلى الجهات المختصة أو إلى نيابة الأموال العامة، قامت بابتزازهم بمبالغ تصل إلى 500 ألف وإلى مليون ريال يمني، ثم الإفراج عنهم، وكأن شيئًا لم يحدث. 

وقالت: الأسعار ظلت على ما هي عليه، رغم انخفاض الصرف داخل المحافظة، والسلطة المحلية لم تفعل أي شيء، ومحافظ المحافظة نبيل شمسان ليس له دور غير تعيينات لوكلاء جدد أو حضور العزائم والأعراس فقط، ووكلاء المحافظة أيضًا صامتون، والأحزاب داخل تعز أيضًا صامتة. وأضافت: جميعهم يتعاونون على إذلال وتركيع المواطنين داخل تعز.

- أزمة قيادة

يقول الصحفي عبدالجبار الجريري، إن المشكلة الأساسية التي تعاني منها المناطق المحررة بشكل عام هي أزمة قيادة، فالبلاد لديها من الثروات المتنوعة، ولديها مصادر دخل وإيرادات، لكن مع الأسف الشديد، لم تكن القيادة الحالية بحجم اليمن العظيم التاريخي الحضاري، الذي عرف النظام والقانون قبل أن تعرفه البشرية.

وأضاف: عندما تأتي قيادة نزيهة وكفؤة من أوساط الشعب اليمني، ولم تُعيّن من خارج الوطن من قبل هذا الطرف أو ذاك، عندها يمكن لنا أن نقول إن اليمن حظيت بقيادة جيدة. 

وتابع: الأمر الآخر يتعلق بمسألة إدارة الموارد، وإدارة الإيرادات، وإدارة الثروة في البلاد.

 اليوم، مع الأسف الشديد، عندما يتكلم محافظ البنك المركزي اليمني ويقول إن هناك 147 مؤسسة لا تورد إلى البنك المركزي، ماذا فعل المجلس الرئاسي؟ وماذا فعلت الحكومة اليمنية حيال هذه المشكلة؟ 

وأردف: هناك مشكلة أساسية ينبغي أن يُحلّوها، لأنه إذا ما نظرنا إلى بعض المناطق الخاضعة مثلًا لسلطات المجلس الانتقالي، سنرى أن هناك قيادات عسكرية تأخذ هذه الإيرادات وتذهب بها إلى الصرافات وتودعها في حسابات شخصية لها. 

وزاد: لا هذه المحافظات استفادت، ولا اليمن بشكل عام استفاد، ولا أحد استفاد من هذه الأموال والثروات؛ إلا هؤلاء الأشخاص الذين أصبحوا اليوم في إطار لوبي معين ومنظم لهدر ثروات البلاد ونهبها وسلبها والتصرف بها، في حين أن البلاد تحتاج إلى هذه الإيرادات لدعم العملة المحلية وتحسين الخدمات في المحافظات المحررة.

- ضعف الدولة

يقول الصحفي رماح الجبري، صحيح أن حالة ضعف الدولة يمكن أن تولّد حالة من الغضب والغليان الشعبي، لا سيما بعد تردي الخدمات، وضعف الدولة، وحالة الخلافات بين المكونات السياسية والمصالح، واستخدام الشارع كورقة ضغط بين الأطراف المختلفة. 

وأضاف: الدولة قدمت نفسها ضعيفة خلال الأحداث الماضية، بالإضافة إلى عدم وجود طرف جامع يمكن أن يكون ممثلًا، وكل مكون يدّعي أنه يمثل الشارع، ويمثل الرأي العام، ويمثل المجتمع، وهذا أيضًا سيتسبب بخلافات مستقبلية لإضعاف السلطة المحلية في المحافظات، وإضعاف السلطة بشكل عام. 

وتابع: البيانات التي دائمًا ما تنادي، سواء بتقسيم السلطة كما في حضرموت، وإعطاء حضرموت حقوقها، وما إلى ذلك، مع أنها حقوق مشروعة، لكنها أيضًا لا أعتقد أنها الطريقة المثلى للمطالبة بالحقوق في ظل الظروف الحالية، ونحن بحاجة ربما إلى نوع من التفهم.

 وأردف: رئيس مجلس القيادة، رشاد العليمي، بالأمس كان معه لقاء مع الكتلة البرلمانية في حضرموت، كان لقاء إيجابيًا، أكد فيه أن هذه المطالب كلها مطالب حقة، وأكد على التزام الدولة بتنفيذ المطالب المشروعة، لا سيما ما ورد في بيانات، بما فيها بيان الكتلة البرلمانية.

 وزاد: أنا أرى أننا بحاجة إلى مساندة الدولة لكي تقوم بواجبها شعبيًا ومحليًا، سواء من المجالس المحلية أو من القيادة السياسية، لا أن نقف في وجه الدولة، وهي عاجزة عن تنفيذ مهامها، وأن تقوم ببعض الإصلاحات التي تُطالب بها.

تقارير

"كينتاوروس" والردع اليوناني لاستهداف سفنها في البحر الأحمر؟

لم تكن مشاركة اليونان في عملية "أسبيديس" الأوروبية مجرد التزام بروتوكولي بحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر، بل انطلقت بدافع وطني صريح لحماية مصالحها البحرية والتجارية الإستراتيجية، بعد تعرض سفن مملوكة ومُدارة من شركات يونانية لهجمات متكررة من قِبل جماعة الحوثي.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.