تقارير
مأساة احتراق حافلة في أبين.. ما إمكانية الحد من الحوادث المؤسفة؟ ومن يتحمل المسؤولية؟
كارثة جديدة تودي بحياة 14 شخصاً وإصابة آخرين بينهم نساء، في حادث مروري مروع نتج عن تصادم حافلة نقل جماعي بسيارة من نوع فوكسي، مما أدى لاندلاع النيران في المركبتين بمن فيهما.
وقع الحادث في طريق العرقوب الجبلي الذي يربط بين مديني شقرة الساحلية وأحور بمحافظة أبين، والمؤسف أن النجدة تأخرت أو انعدمت وسائل الإنقاذ والسلامة اللازمة عقب وقوع الحادث.
الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري قالت إن الحافلة المنكوبة مرخصة ومستوفية لكافة اشتراطات ومعايير السلامة، وأن الحادثة قضاء وقدر.
الجميع يتحمل المسؤولية
يقول الإعلامي ضنين الحوشبي، نحن نتحدث عن 21 ضحية، 17 منهم ذهبت أجسادهم محترقة بالكامل، وهذه الحادثة تأتي امتداداً لسلسلة من الحوادث التي تقتل اليمنيين.
وأضاف: الحادثة مؤلمة وفاجعة أبكت كل اليمنيين، والمسؤولية كبيرة على الجميع: على الدولة، وعلى القطاع الخاص، وعلى السائقين المتهورين، خصوصا وأن المسألة لا تتعلق بهذه الحادثة فقط، إنما هناك الكثير من الحوادث.
وتابع: ماذا يعني أن تفقد أكثر من 30 أسرة عائلها؟ وللأسف في مكان تتكرر فيه الحوادث بين الحين والآخر.
وأردف: تمر 4 ساعات والناس ينزفون دمائهم في الطريق، ولا يجدون من ينقذهم، حيث لا إسعاف ولا إرشادات مرورية، لا يوجد شيء، يستهترون بأرواح الناس.
وزاد: الجهات الرسمية يمكنها أن تعمل الكثير، حيث لا توجد في هذه المنطقة حتى إرشادات، وتتكرر فيها الحوادث بين الحين والآخر، فهذا ليس الحادث الأول ولن يكون الأخير.
وقال: نحن نتحدث عن 15 شخصا يموتون كل يوم بسبب الحوادث، وهذه إحصائيات رسمية، وكأن الحرب وقفت وبقت الحوادث تحصد أرواح اليمنيين.
وأضاف: الطرقات تعاني من حفريات ومن نقاط جبايات، وهو خط دولي يربط العاصمة المؤقتة عدن بالمحافظات، ويربط اليمن بخارجها، لذا فالمسؤولية تقع على الجميع، ولا يوجد أي مبرر أن تذهب أرواح اليمنيين هكذا.
وتابع: من الممكن أن يكون هناك حلول، كعمل دوريات إسعاف ووضع إشارات مرورية وتعليمات، حتى أن هذه المنطقة معروف عنها أنها خارج نطاق التغطية!
قضاء وقدر
يقول نائب رئيس هيئة النقل البري سند ذيبان، تلقينا بلاغاً بالحادث في تمام الساعة السادسة صباحاً بمنطقة العرقوب في مديرية شقر بمحافظة أبين، وعلى الفور قمنا بتشكيل لجنة من الإدارات المختصة بهيئة النقل والتحرك إلى مكان الحادثة بمشاركة مدير عام الشؤون الفنية ومدير عام التراخيص ومدير عام التخطيط في الهيئة، وانطلقوا الساعة السابعة والنصف إلى مكان الحادث.
وأضاف: أنا كنت على رأس لجنة زارت المستشفى الجمهوري، للاطلاع على حالة الجرحى، وتقديم لهم كافة الخدمات.
وتابع: المعلومات التي وصلتنا عن وفاة 14 مسافرا وجرح 7 آخرين، والحافلة تابعة لشركة صقر الحجاز، وما زلنا نتابع الإجراءات والتقارير من اللجنة بمشاركة إدارة مرور محافظة أبين والجهات المعنية.
وأردف: في مجمل الحديث، الحادث قضاء وقدر، حيث تعرضت الحافلة إلى مضايقة بسيطة من سيارة أخرى، مما اضطر السائق إلى استخدام الفرامل بشكل مفاجئ، فتسبب في ارتطام رأس السائق الأساسي بالزجاج وفقدانه للوعي، وحاول السائق المساعد أن يسيطر على الحافلة ولكن لم يسعفه الوقت وانقلبت الحافلة، وحصل ما حصل.
وأضاف: الحافلة موديلها حديث 2023، وبالنسبة لأدوات السلامة الحادة التي تستخدم لفتح مخارج الطوارئ متواجدة وتأتي من الوكالة، والدليل على ذلك خروج سبعة أشخاص، ولكن البقية لم يسعفهم الوقت والحظ للخروج.
وتابع: منطقة العرقوب نائية وتبعد عن مركز المديرية أكثر من 20 دقيقة، واندلاع الحريق في حافلة ركاب قد لا يستغرق خمس دقائق.
وأردف: بالنسبة للإجراءات نحن لا نصرف أي ترخيص لأي حافلة، سواء في المناطق المحررة أو في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، إلا بعد استكمال كافة الاشتراطات، وعدم السماح لأي حافلة من المغادرة إلا بعد استكمال كافة إجراءاتها.
وأردف: الواقع يفرض علينا استخدام هذه الخطوط الواصلة بين المحافظات بسبب الحرب وهمجية الحوثي، حيث تم تغيير المسار، بعيدا عن الخطر الأمني، والجميع يعلم الوضع الاقتصادي للدولة حتى تقوم بتأهيل هذه الخطوط، ونحن نعمل مع الجهات المختصة بالإمكانيات الموجودة.
وزاد: تم تغيير مسار الطريق الذي وقع فيه الحادث وسيصدر بذلك تعميم يوم غد، من طريق العرقوب إلى طريق أحور، وبالنسبة لإمكانيات الدولة الجميع يعلم أنه لم يتم تنفيذ أي مشاريع أو بنية تحتية داخل الوطن، بسبب الهجمات الحوثية.
خط الموت
يقول الناشط المجتمعي رمزي الفضلي، إن خط العرقوب هو خط دولي متعرج وخطير ويسمى خط الموت، وهو غير مؤهل ليكون خطاً دولياً، بل مؤهل ليكون خطاً قروياً، ووضع في الستينيات من قبل شركة سعودية ثم وضعت فيها إصلاحات بسيطة، ثم أتت مؤسسة الناصر للتنمية، برئاسة العميد ناصر عبد ربه منصور هادي، بترميم جزء بسيط منه.
وأضاف: لم يتم توسيع الخط لكي يكون خطاً دولياً، ولم تكتب فيه اللائحات المرورية الإرشادية، وهو طريق جزء منه جبلي وبركاني ومغناطيسي، ودائماً ما تحدث فيه الحوادث، لأن السائق يفقد الفرامل وتحس الشاحنات والقواطر بثقل عندما تمر بهذا الخط، لأنه خط بركاني و 10×10 لا يحتمل أن يكون مناسبا للقواطر، ولا توجد فيه وسائل إنقاذ أو إسعاف أو إطفاء لتأمينه.
وأضاف: يجب أن تدعم السلطات المحلية نقاطاً متمركزة لأمن الطرق تحتوي على سيارة إسعاف وسيارة إطفاء وفريق طبي، نطالب أن تعتمد الدولة الخط الساحلي للشاحنات والقاطرات الكبيرة وتأمينه.
وتابع: محافظة أبين تعرضت للتهميش بشكل كبير، الخط الساحلي هو خط نموذجي لكنه طويل جداً ومخيف ولا توجد فيه نقاط أمنية، فإذا تم تفعيل وتأمين الخط الساحلي، سوف يكون ناجحاً وينقذ الكثير من اليمنيين من "خط الموت" (العرقوب).
غياب الإمكانيات
يقول مدير عام شرطة السير في الجمهورية اللواء عمر بامشموس، إن الحوادث المرورية في بلادنا في ازدياد بصورة مستمرة، وأسبابها تشمل الحرب، وعدم صيانة الطرقات، والسرعة الزائدة، والحمولة الزائدة، وتهور السائقين.
وأضاف: بخصوص حادث اليوم، كان اعتماد السائق على الكوابح (البريك) في عقبة العرقوب هو ما سبب في اشتعال النار، وتمكن سبعة ركاب من الخروج بكسر أحد الزجاجات، بينما البقية بقوا داخل الحافلة.
وتابع: تواصلت مع مدير شرطة السير في أبين وأكد لي أن الدفاع المدني غير موجود في أبين، وليس لديهم سيارات لإطفاء الحرائق، وهذه واحدة من المشكلات التي تعاني منها المحافظات المحررة، كما أن إمكانيات شرطة السير تعرضت للسلب، ونأمل أن يتم توفير الإمكانيات لشرطة السير لأنه جهاز مهم.
وأردف: قيادة وزارة الداخلية والحكومة إلى الآن لم تلتفت ولم تعط جهاز شرطة السير، الإمكانيات التي تمكنه من القيام بدوره بشكل كبير، وهذه الحوادث تتكرر، ففي منتصف الشهر الماضي وقع حادث مماثل في مأرب، أدى إلى وفاة 15 شخص داخل حافلة صغيرة، احترقت نتيجة صدامها مع قاطرة.
وأردف: في السابق قبل الحرب، كانت هناك نقاط وانتشار أمني، وفي كل نقطة سيارة إسعاف تساهم في القيام بالإسعافات الأولية، لكن للأسف حاليا لا توجد.