تقارير

في لحظة اشتعال إقليمي.. لماذا تبدو الشرعية اليمنية وكأنها خارج السياق؟

16/06/2025, 10:45:55

 


 

في مطلع الشهر الجاري، عاد رئيس الوزراء سالم بن بريك، برفقة رئيس مجلس القيادة، رشاد العليمي، من الرياض إلى العاصمة المؤقتة عدن، بوعود بتخفيف معاناة الناس، لكن اليوم عدن تغلي بالغضب؛ نساء يخرجن إلى الشوارع للمطالبة بأبسط مقومات الحياة: لا كهرباء، لا مياه، والعملة المحلية تواصل الانهيار، وأمام هذا الانهيار، فإن الحكومة التي حضرت بلا أدوات ولا خطة، تغيب عن مواجهة التزاماتها الحقيقية.

فيما خارجيًا تشتعل المنطقة على وقع المواجهة الإسرائيلية الإيرانية، اتخذ مسؤولو البلد مقاعد للمشاهدة على الهامش، وفيما تلوذ الشرعية بالصمت، يتحرك الحوثي بثقة ليعلن ولاءه للمشروع الإيراني ويضرب خارجيًا تحت شعار نصرة فلسطين، ولا يتوقف عن استهداف مأرب وتعز داخليًا.

شرعية عاجزة

يقول الصحفي عبد العزيز المجيدي، إنه لطالما كانت الشرعية عاجزة عن التفاعل مع ملفات داخلية تتعلق بالاستحقاقات للناس وحياتهم العادية، فكيف ستكون قادرة على التفاعل مع ملفات إقليمية باتت أكبر حتى من القوى الإقليمية المتماهية والمتدخلة في الشؤون المختلفة؟

وأضاف: نحن نتحدث اليوم عن صراع كبير يحدث بين إيران وإسرائيل، بالتأكيد هذا الملف الساخن تحاول أن تقاربه قوى مختلفة، وبالتأكيد هي قوى عالمية، لكن من المفترض أنه سينعكس بصورة أو بأخرى على الملف اليمني.

وتابع: لكن من الواضح أن الحكومة اليمنية التي طالما عجزت عن مقاربة ومعالجة الملفات اليمنية الداخلية، وأيضًا التعامل مع أحداث سابقة مثل الهجمات الأمريكية التي طالت مواقع عسكرية لميليشيا الحوثي، أعتقد أنها ستكون أعجز عن التعامل مع تطور وحدث كبير كما يحدث الآن.

وأردف: الحكومة اليمنية الشرعية، كانت طوال السنوات الماضية تفرط بالفرصة تلو الأخرى في التعامل مع المستجدات، وفي تحويل المتغيرات التي تنشأ في ملفات كثيرة إلى فرص يمكن الاستفادة منها، وإسناد القضية اليمنية في مواجهة ميليشيا الحوثي.

وزاد: الشرعية اليمنية، وتحديدًا منذ نقل السلطة في أبريل 2022، باتت عبارة عن متفرج، وللأسف أنها كانت تتفرج حتى فيما يتعلق بما يُفترض أنه واجب أصيل وضمن مهامها.

وقال: شاهدنا أطرافًا خارجية تتصرف بالملف اليمني سواء فيما يتعلق بالمفاوضات والتشاور والمباحثات مع إيران والحوثيين، ومن خلفهم إيران، ثم بعد ذلك شاهدنا الكثير من المحطات التي كانت تعكس إلى حد كبير حالة عجز شاملة لدى المكونات والفاعلين اليمنيين المحسوبين على الشرعية، وارتهانها لمصالح الأطراف الخارجية التي يُفترض أن تكون عونًا لها.

وأضاف: لكن طوال الوقت كانت هذه الأطراف الخارجية تحاول أن تبقي الشرعية منشغلة بصراعات وبقضايا جانبية بين مختلف الأطراف الداخلية، باعتبار أن من عمد إلى إعادة هندسة وتشكيل هذه الشرعية، عمد بدرجة رئيسية إلى صناعة حالة من الصراعات الجانبية وتهميش هذه الشرعية، وتحويلها إلى كيان يتآكل ذاتيًا من الداخل.

وتابع: هذا ما قادنا إلى هذا الوضع الذي نعيشه في هذه اللحظة، ففي الوقت الذي تشتعل فيه حرب كبيرة بين إيران وإسرائيل، وينخرط الحوثيون في هذه الحرب باعتبارهم أداة وذراعًا إيرانية، هناك للأسف حالة فرقة تمارسها الحكومة اليمنية، وبالتأكيد هذا الأمر ناجم عن إبعاد هذه الحكومة الشرعية عن ممارسة أدوارها السيادية المفترضة في الملف اليمني.

وأردف: عجز الحكومة وصل إلى مرحلة الشلل التام في التعامل مع الاستحقاقات اليومية المتعلقة بالخدمات العامة، وإدارة الشأن العام، ومواجهة حالة الانهيار الاقتصادي الشامل، ومواجهة الانهيار المستمر للعملة المحلية.

وزاد: نحن أمام حالة ليست استثنائية، لكنها استمرار لما لا يقل عن ثلاث سنوات من العجز الذي كبّل هذه الشرعية وجعلها تبدو كما لو كانت طرفًا متفرجًا، عليه فقط أن ينصاع لما يُملى عليه من الآخرين.

سلطة مجرد خيال

يقول رئيس منتدى عدن، أحمد حميدان: للأسف الشديد، من يوم وصول الرئيس ورئيس الحكومة، ونحن في عدن لم نسمع صوتهم، إلا في يوم العيد، حيث ارتص الناس ومجموعة من الشخصيات لمعايدة فخامة الرئيس.

وأضاف: للأسف الشديد، نحن كنا قد وقفنا ورفضنا هذه المعايدة، على اعتبار أننا نطالب منه أولًا أن ينزل إلى الشارع ويظهر على التلفاز ليوضح للناس أو يخفف من أوجاعهم، ويتكلم عن الخطط القادمة، وما هي المشاريع التي أتى بها ليقدمها للناس ويخفف من معاناتهم.

وتابع: اليوم الناس في داخل هذه المدينة لا تزال الجموع تخرج، والنساء يخرجن، ولكن يُطلق علينا مجموعة من العسكر لعسكرة الساحات، بهدف منع هذه التظاهرات ومنع حرية الرأي، حتى منعوا الناس من أن يصرخوا! يريد الناس أن يصرخوا، ويمنعوهم حتى من الصراخ!

وأردف: نحن أمام سلطة لا نعرف هل هي عايشة، أم مجرد سلطة خيال؟ لا نسمع لها صوتًا ولا نسمع منها شيئًا، والناس تصيح وتصرخ وتعاني وتنادي، ولا مجيب.

وزاد: نحن نطالب هذه السلطة أن تكون في مستوى المسؤولية، أو أن تترك هذا وتخرج لتصارح الناس وتوضح ما الذي يجري، هل أصبحت مجرد أدوات فقط يُرسلون من مكان إلى آخر؟

القرار ليس بيدها

يقول المحلل العسكري، الرائد مصطفى القحفة، إن الرؤية الحقيقية للجمهورية اليمنية، والرؤية الاستراتيجية، ليست بيد الحكومة ولا المجلس الرئاسي، فهناك الأشقاء في السعودية، ولديهم رؤيتهم 2030 واقتصادهم الوطني، خصوصًا بعد الضربات والمواجهات الأخيرة التي حدثت في أواخر 2019، ثم إلى 2022، والدخول في خارطة طريق سلام.

وأضاف: أيضًا الإخوة في الإمارات، والتدخلات الخارجية، وتدخل الإيرانيين في اليمن، ودعم الحوثيين، كل ذلك جعل القرار السياسي غير موجود لدى القيادة والحكومة اليمنية.

وتابع: الجميع يعرف، في الداخل والخارج، أن من يقف خلف هذه المشكلات السياسية والاقتصادية والخدماتية والإنسانية، هو الانقلاب الحوثي الذي قامت به ميليشيا الحوثي، وأثر أخيرًا على خطوط الملاحة الدولية، وأيضًا على خطوط نقل الطاقة، ومنع الحكومة اليمنية من إنتاج وتصدير النفط والغاز إلى الخارج.

وأردف: ما حدث من الضربات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة على موانئ الحديدة الثلاثة وتعطيلها، جعل الوضع الآن أكثر سوءًا، وبدأت الأزمة الآن بارتفاع الأسعار، بسبب عدم وجود رقابة من الحكومة بشكل دقيق على الأسعار.

وزاد: أيضًا العملة الآن في انهيار، والأسعار في ارتفاع، وهذا الشرخ الكبير وُلِدَ عند الحاضنة الشعبية، خصوصًا في تعز وعدن ومأرب، وفي مناطق الشرعية.

تقارير

ما مكاسب الحوثيين المحتملة وخسائرهم من الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟

لم تكتفِ ميليشيا الحوثي بما أحدثته من دمار نتيجة حربها على اليمنيين، وانقلابها على السلطة الشرعية، وإدخالها البلاد في حرب داخلية مدمرة ومعقدة، بل جرّت اليمن إلى المعتركات الإقليمية، وأصبح البلد يدفع فواتير صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل، مما تبقّى له من هامش للحياة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.