تقارير
في ظل تهديداته بالتصعيد.. الانتقالي يصطدم بوحدة الصف الحضرمية
حلف قبائل حضرموت يدعو أبناء المحافظة إلى الالتفاف حول مصالح محافظتهم، ونبذ دعوات الفوضى والفتنة، جاء ذلك بعد أن صعّد المجلس الانتقالي خطابه ضد القوات العسكرية الحكومية في مديريات الوادي والصحراء، حيث قال رئيس انتقالي حضرموت إنهم في صدد اقتحام معسكرات المنطقة العسكرية الأولى في أي لحظة.
ويرى أبناء محافظة حضرموت أن تصعيد الانتقالي القادم من أقصى الجنوب، تهديد خطير على الهُوية الحضرمية؛ التي ترفض أن تكون ملحقة في أي مشروع من خارج المحافظة، سواء كان جنوبيا أو شماليا.
وسبق وأن حذّر حلف قبائل حضرموت، ومرجعية القبائل، وقبائل باكثير الحضرمية، وعدد من الناشطين الحضارم، من محاولة ابتلاع حضرموت، مؤكدين أن محافظتهم لن تكون مشروعا تابعا لأحد، فإما حضرموت كإقليم مستقل أو حضرموت كدولة مستقلة.
- حضرموت في وجه الانتقالي
يقول المحلل السياسي حسن مغلس: "إن أبناء حضرموت يدافعون عن محافظتهم حاليا من خلال هذه اللقاءات، التي يعقدها حلف القبائل، وهؤلاء هم أدرى بمصلحتهم، أما بقية السيناريوهات، التي يقوم بها الانتقالي وغيره، كلها دخيلة على حضرموت، وكأن هؤلاء يريدون أن يقولوا بأن حضرموت قاصرة وهم من سيقومون بالواجب تجاهها، بينما حضرموت ومجتمعها أفضل المناطق علما وقوة وتجانسا".
وأوضح أن "الطرف الذي جاء من بعيد ليصحح المسار داخل حضرموت هو نفسه الذي جاء في السبعينات، وبنفس الراية التي يريد الدخول بها إلى حضرموت اليوم، وأذاق حضرموت الويل، والذاكرة الحضرمية ما زالت حية وتعلم ما الذي يدور".
وأضاف أن "الحضارم صبروا كثيرا على كل أذى، وانتظروا لعل وعسى الوحدة كانت تحقق لهم شيئا، والانتقالي أعلن ولم يعطِ أي نموذج حسن في المحافظات التي سيطر عليها وعلى رأسها عدن، لذا ينظر له كمليشيا يراد بها تمرير مشروع دخيل وخارجي".
وأشار إلى أن "التحالف السعودي - الإماراتي يريد، من خلال الانتقالي، إخضاع بقية المكوّنات، لكنه عندما جاء إلى جدار حضرموت، والوعي الحضرمي، توقف ويحاول شق هذا الجدار، لكن ليس من المعقول أن تأتي مديريات محددة وتسقط محافظة بعظمة حضرموت".
وقال إن "الحضارم صريحون، ونحن معهم، ففي حال أريد لليمن أن تكون دول فلهم الحق أن يكونوا دولة، وفي حال كانت دولة واحدة وأقاليم لهم الحق أن يكونوا إقليما مستقلا يحكم نفسه".
وأضاف: "إذا كان الأمر بيد الانتقالي وحده لكان من السهل التحاور معه، لكن المسألة معروفة وواضحة، بأن الانتقالي مجرد أداة يدفع بها من أجل تكوين وضع جديد وإسقاط حضرموت فيه وتفكيكها".
وتابع: "الانتقالي واجه موقفا صلبا في حضرموت، لأن مجتمعها متماسك وصلب، وكذلك شبوة، لكن المساعدة الخارجية هي التي ساعدته في السيطرة عليها، وحضرموت تنبّهت لهذا الأمر، ونحن الآن نأمل بحضرموت أن تكون الفاصلة والكاسرة لمليشيا الانتقالي".
ويرى أن "المجلس الانتقالي ليس مشروعا فكريا وحضاريا، وإنما مشروع انتقامي"، موضحا: "لو تساءلنا متى جاء الانتقالي ومتى أُسس؟ أليس عندما فقد المحافظون مناصبهم (بن بريك، وعيدروس الزبيدي)، بقرار من الرئيس عبد ربه، وحينها الإمارات تبنّته؟ مع أن هؤلاء عندما كانوا محافظين لم ينجزوا شيئا".
وقال: "عندما نقول الانتقالي يمضي فإلى أين يمضي، وبماذا، وبأي مشروع؟، وهل شاهدنا له مشروعا في عدن حتى نقبل بنقله إلى بقية المحافظات؟".
وأضاف: "لكن كان هناك مشروع تنموي قائم في شبوة، فتم إلغاؤه واستبداله بالانتقالي، وحتى الآن ليس هناك استقرار في شبوة فهم بصراع مع المحافظ الذي سهّل لهم مهمة السيطرة، ما يعني بأن الانتقالي ليس صاحب فكرة أو عمل، وإنما يفعل ما يؤمر، ولو تساءلنا أيضا ما هو المشروع الذي قدّمه الانتقالي عندما ذهب بـ15 ألفا من مليشياته إلى سقطرى لحماية الإماراتيين هناك؟".
واعتبر أن "مطالب الحضارم عادلة، فهم لم يتدخلوا بشؤون أحد، ولم يعتدوا على أحد، وأن الجميع يطمح بأن كل إقليم يحكم نفسه، وفق مخرجات الحوار الوطني".
- ضد مشاريع الفوضى
يقول المتحدث باسم مؤتمر حضرموت الجامع، صلاح بوعابس: "إن الصوت الحضرمي بدأ يرتفع لأن هناك مخاطر تهدد حضرموت، وأبناء حضرموت، الذين دائما يلتزمون بالسلم والتعايش مع الآخرين، ولا يقبلون بالفوضى ومشاريع العنف وتفكك السلم المجتمعي".
وأوضح أن "حضرموت مترابطة، وتتسم بتماسكها الاجتماعي الواحد، وليس هناك قوى متصارعة فيها، والجميع فيها يدعون للسلم والاستقرار والتمدّن، وهذه المخاطر التي تداهم حضرموت استدعت كل القوى الحضرمية الحية، وكل العقلاء، قادة المجتمع، والمشايخ، لأن يرفعوا صوتهم الواحد للحفاظ على حضرموت آمنة ومستقرة بعيدة عن مشاريع العنف".
وأضاف: "جميع أبناء حضرموت ضد من يدعون للعنف، وسيقفون في وجه كل من يجر محافظتهم إلى مربع الصراع، كائنا من كان".
- خيارات حضرمية
من جهته، يقول الناشط السياسي الحضرمي، سالم بن جذنان النهدي: "منذ عامين ونحن نتحدّث وننشر ونقول، بأن حضرموت لن تكون إلا إقليم ضمن اليمن الاتحادي، أو دولة مستقلة إذا حدث وأن كان هناك دولتان شمال وجنوب، وهذا ما أكده الحضارم في مشاورات الرياض، حينما ابتعث الجامع الحضرمي وفدا برئاسة الشيخ عبدالله الكثيري".
وأضاف: "ربما كان الصوت خافضا في السابق، لكن اليوم أصبح أمرا إلزاميا بعد أن دعا الانتقالي الحضارم للحوار، وابتعثت المرجعية الحضرمية والمؤتمر الحضرمي الجامع وفدا إلى القاهرة، واتضح الأمر بأنها كانت عزومة عشاء لا أكثر ولا أقل، واعتبرها الحضارم بأنها إهانة".
وتابع: "الانتقالي مشروعه فاشل، والمجتمع الدولي لن يسمح بتقسيم اليمن، لأن الجمهورية اليمنية قامت على وحدة اندماجية بين شطري الشمال والجنوب، على أساس أن حضرموت تم ضمها في 1997م، وكذلك المرجعيات الثلاث التي أدخلت اليمن تحت البند السابع، وسمحت بدخول التحالف إلى اليمن، وقرار مجلس الأمن".
وأردف: "أنا كنت جزءا من الانتقالي، ونعلم بأن الوحدة اليمنية قائمة، ولن تتجزأ، بينما عيدروس الزبيدي يسعى الآن لأن تكون اليمن دولة اتحادية قائمة على إقليمين، شمال وجنوب".
وأشار إلى أن "الانتقالي جعل من عدن فوضى وملشنة ونموذجا سيئا جدا له، وجعل المواطن اليمني الذي تحت سيطرة مليشيا الحوثي يتمسك بالمليشيا نتيجة لهذا النموذج السيئ في عدن، ثم انتقل إلى شبوة وسرق ما سرق وقتل ما قتل، حتى أنصارهم يشكون من البلطجة الحاصلة، ويريد اليوم نقلها إلى وادي حضرموت".
وقال: "أنا مستشار وزير الداخلية، ومسؤولي اليوم التقى بالسفير الأمريكي في عدن، وعندنا من المعلومات ما تعكس الوضع الأمني السيئ في عدن، والنسيج المجتمعي المدمّر، والبنى التحتية المدمرة، وكيف تحوّلت عدن إلى قرية تتجول فيها الأبقار والأغنام، وكل هذا في ظل سيطرة الانتقالي، الذي ينهب الديزل".
- نظرة الانتقالي
من جهته، يقول الصحفي التابع للانتقالي الجنوبي، صلاح السقلدي: "بالنسبة لمحافظة حضرموت فهي الرافعة الأساسية للمشروع الجنوبي بعد أن فشل المشروع الوحدوي الذي تم القضاء عليه في عام 1994م، وتم الإجهاز عليه في عام 2015م".
ويرى أن "حضرموت هي أكثر المحافظات تضررا، فهي التي نُهبت وبُطشت، طيلة هذه الفترات، وهي المستفيد الأول من المشروع الجنوبي قبل بقية المحافظات الأخرى".
واعتبر مسألة أن تكون حضرموت دولة مستقلة، أو إقليم مستقل ضمن دولة يمنية اتحادية، بأنه كلام القيادي الحضرمي في حزب الإصلاح، صلاح باتيس، وأن الحضارم عبّروا عن رأيهم عبر المسيرات والحشود الجماهيرية.
وقال: "يجب الأخذ بالحشود التي نراها في الشوارع، وهي ترفع العلم الجنوبي، ولا نأخذ أي اعتبار لتغريدة صلاح باتيس، أو تصريحات غيره من القيادات السياسية والحزبية".
وأضاف: "القضية الجنوبية موجودة من قِبل المجلس الانتقالي، وحتى قبل الحراك الجنوبي، وإذا كان المجلس الانتقالي لم يستطع أن يحقق ما يطمح به خلال أشهر فالقوى الأخرى هي أكبر فشلا منه، فمن الذي أوصل الوضع إلى هذا الحال الذي نراه اليوم، ومن سلم الجمهورية للحوثي في صنعاء وعمران، أليست هذه القوى الأخرى؟".
وتابع: "قوات المنطقة العسكرية الأولى يجب أن ترحل لمقاتلة الحوثي في مأرب بدلا من أن تبقى جاثمة على المحافظة، وتنهب ثروات أبناء حضرموت الذين يعيشون حالة بؤس وحرمان".
وأشار إلى أن "اليوم السفير الأمريكي يتجول في عدن، فهل كان بإمكانه أن يتجول إذا كانت عدن ليست آمنة ومستقرة، وهل بإمكانه أن يتجول في مأرب أو في تعز، أبدا لن يتجرأ".
ويرى أن "مساحة الحرية في عدن أكبر من المحافظات الأخرى، والأمن والخدمات أفضل من بقية المحافظات"، مضيفا: "لا نقول بأنه 100% إلا أنه أفضل بكثير من غيره".
من جهته، يقول المحلل السياسي، عمر بن هلابي: "إن أبناء حضرموت أخذوا تهديدات الانتقالي بمحمل الجد منذ اللحظات الأولى، وبدأوا بلملمة صفوفهم، وأعلنوا رفضهم أي تدخل أو وجود سواء للانتقالي أو لغيره ممن هم من خارج حضرموت بأن يكون لهم قرار على أبناء المحافظة".
وأوضح أن "في السابع من أكتوبر رفع الحضارم العلم الحضرمي الذي يعبّر عن المشروع الحضرمي، وكان له صدى واسع، وأيّدت ذلك أكبر المكوّنات الحضرمية التي هي بالأساس تعتبر مكوّنات تمثل حضرموت، منها مؤتمر حضرموت الجامع، ومرجعية القبائل".
وأضاف: "أبناء حضرموت وقبائلها قد استوعبوا الدرس مما حدث في شبوة، ولن يكرروا نفس الخطأ، وشبوه هي جزء من حضرموت وقلبها، وخاصرتها المتألمة من الطعنات الغادرة للمجلس الانتقالي وداعميه، لذلك حضرموت تدرك هذا الخطر ووحّدت صفوفها، وأعلنت أنها مستعدة لمواجهة أي خطر".