تقارير
عودة الهجمات الحوثية.. ما مدى إمكانية تشكيل تحالف دولي جديد في البحر الأحمر؟
مع ارتفاع مؤشرات تشكيل جبهات بحرية جديدة، تتموضع ميليشيا الحوثي اليوم ضمن استراتيجية إيرانية تستهدف إعادة ضبط قواعد اللعبة، بعد الضربات التي أصابت طهران ووكلاءها في أكثر من ساحة.
تسعى إسرائيل إلى الدفع بواشنطن نحو استئناف الضربات الأمريكية وإنشاء تحالف دولي واسع ضد الحوثيين، حيث طلبت إسرائيل من واشنطن تجديد ضرباتها الجوية ضد ميليشيا الحوثي في اليمن، والمضي نحو تشكيل تحالف دولي أوسع لاحتواء ما وصفته بالتهديد البحري المتزايد.
وقد ترافَقَ الطلب الإسرائيلي مع تقرير حديث لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية الأمريكية (FDD)، أكدت فيه أن التحرك الدولي الجديد يأتي عقب سلسلة هجمات نفذها الحوثيون مؤخراً، أبرزها استهداف وإغراق سفينتين تجاريتين في البحر الأحمر، ما أسفر عن مقتل عدد من أفراد طاقمهما. ويأتي هذا التصعيد بعد قرابة شهرين من التهدئة غير المعلنة، التي أوقفت خلالها واشنطن ضرباتها الجوية ضد ميليشيا الحوثي، لكن كما يبدو، فإن الميليشيا ماضية في وضع نفسها بقلب معركة بحرية دولية تتجاوز حدود اليمن.
- تجارب إيرانية
يقول الباحث الأول في مركز صنعاء للدراسات، عبد الغني الإرياني، إن طلب إسرائيل من واشنطن استئناف ضرباتها ضد الحوثيين في اليمن كان متوقعاً بعد إغراق السفينتين، لكن الشيء الذي يُعَدُّ لغزاً غريباً لا نستطيع الإجابة عنه بسهولة، هو لماذا يصعّد الحوثيون بهذه الطريقة العنيفة التي أدت إلى سقوط قتلى بين البحّارة وإغراق سفينتين في هذا الوقت بالذات؟.
وأضاف: في رأيي هناك احتمالان، الاحتمال الأول هو أن المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة وصلت إلى مرحلة حرجة، وأن ما يقوم به الحوثيون هو دعم الموقف التفاوضي لحماس، وهذا أحد الاحتمالات.
وتابع: الاحتمال الآخر، والذي أراه أقرب إلى المنطق، هو أن إيران زودت الحوثيين بدفاعات جوية متطورة حصلت عليها من الصين مؤخراً، وتريد أن تجربها، لكي تتعرف على الثغرات التي قد تعاني منها.
وأردف: ما أقصده هو أن الأعمال التي يقوم بها الحوثي، والتي تكاد تكون دعوة مباشرة لإسرائيل وأمريكا لمعاودة قصف اليمن، ربما الغرض منها هو تجربة هذه الأسلحة، وهذا طبعاً في صالح إيران وليس في صالح اليمنيين.
- تشكيل تحالف
يقول المحلل العسكري، العميد عبد الرحمن الربيعي، إن الطلب الإسرائيلي له اتجاهان: اتجاه سياسي، واتجاه عسكري.
فعندما تطلب إسرائيل من الولايات المتحدة معاودة توجيه الضربات للحوثيين، في تقديري أن هذا الطلب دليل عجز.
وأضاف: ما قامت به إسرائيل أو الولايات المتحدة من ضربات سابقة كان يهدف إلى إضعاف الحوثيين وليس اجتثاثهم، وهذه الضربات قد تكون ألحقت بالحوثيين أضراراً، وهذا شيء مؤكد، لكن لا يزال الحوثيون يتمتعون بمساحة جغرافية وبقوة، ويستطيعون من خلال هذه القوة ومن خلال هذا التحرك والمناورة تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، الذي يتواجد فيه مضيق باب المندب.
وتابع: إذا ما قارنّا بين الطلب الإسرائيلي والأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، أرى أن أمريكا لن تلبي هذا الطلب الإسرائيلي على الإطلاق، لكنها ستسعى إلى تشكيل تحالف دولي، لأنها وصلت إلى قناعة بأن الحوثيين أصبحوا تهديداً حقيقياً لمنطقة البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، وأعالي البحار في البحر العربي.
وأردف: ثبت من التجربة السابقة، سواء في عهد الرئيس بايدن أو الرئيس الحالي ترامب، أن الضربات التي وجهتها أمريكا كانت فعالة وكثيفة، لكنها لم تحقق الأهداف المرجوة.
وزاد: في تقديري أن القناعة التي تتشكل اليوم من تحت الطاولة، وحتى هناك تلميحات، تشير إلى أن أمريكا تسعى إلى تشكيل تحالف دولي لدعم الشرعية في اليمن، بحيث إذا ما تحركت قوى جوية من أي مكان، يجب أن يتزامن ذلك مع تحرك بري من قوات الشرعية.
- أمريكا لا تريد الحرب
يقول الباحث السياسي، إبراهيم القعطبي، إن إسرائيل كيان مضطر في المنطقة، ولا تستطيع المواجهة الحقيقية بدون الدعم الكامل من الولايات المتحدة الأمريكية، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.
وأضاف: نتنياهو منذ فترة طويلة يريد جرّ الولايات المتحدة الأمريكية إلى كثير من المواجهات، في إيران، وفي لبنان، وفي اليمن، لكن الآن هناك حراك حقيقي في الولايات المتحدة لمنع جرّ واشنطن إلى الخوض في أي معركة أو أي حرب، في أي دولة من دول العالم، وأنا أتحدث عن الشقين الجمهوري والديمقراطي.
وتابع: الشعب الأمريكي لا يريد أن تتورط بلاده في أي حرب، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحد ذاته، يريد أن يقدم نفسه على أنه حمامة سلام، ويبحث عن جائزة نوبل للسلام، ولا يريد الدخول في حرب.
وأردف: لكن في الحقيقة، إن الحرب على الممرات الدولية، بما فيها مضيق باب المندب ومضيق هرمز، هي حرب اقتصادية بين الدول الكبرى، أمريكا وبريطانيا من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، من خلال محاولة السيطرة على الممرات.
وزاد: أنا باعتقادي أن الولايات المتحدة لن تنجرّ إلى استهداف الحوثيين بشكل مباشر، إلا إذا استهدفت ميليشيا الحوثي أي قوى أمريكية أو بواخر أمريكية.