تقارير
جمعة الكرامة.. تسويات تضيّع حقوق الضحايا
تمر الذكرى الثانية عشرة لجمعة الكرامة وقد جرت في النهر مياه كثيرة، غير أن الدماء ما زالت طرية، وملفات القضية في محكمة التاريخ، ما زالت معلقة إلى أمد غير مسمى.
ما يميّز هذه الذكرى، عن مثيلاتها في عشر سنوات خلت، أنها الذكرى الأولى التي تأتي بعد عملية سياسية انتقلت خلالها السلطة من رئيس منتخب بتوافق سياسي شعبي إلى مجموعة معينة تستمد قوتها من ولائها للمول الأجنبي ومن تاريخ غالبية أعضائها الملوث بالجريمة ودماء الأبرياء.
- مسارات قانونية
يقول الناشط الشبابي حارث الثور: "إن الاهتمام بهذه الذكرى حتى لا تتكرر الجرائم مرة أخرى، وإقرانها بأي جريمة تحصل ضد أبرياء، وأيضا لأن المجزرة تم التلاعب بمسارها القانوني، والتذكير بها دفع لإتمام المساءلة والملاحقة للمتورطين والمسؤولين عن هذه الجريمة".
وأوضح أن "المسار القانوني، الذي مرت فيه مجزرة جمعة الكرامة، مر بمراحل، المرحلة الأولى عندما أقيل النائب، وثم مرحلة التلاعب بالملف، ثم الحصانة، التي حدثت في البرلمان، التي استثنوا فيها الجرائم الإرهابية، مع أن مجزرة الكرامة كانت مجزرة إرهابية، ومشروع إبادة جماعية".
وأضاف: "مجزرة الكرامة كانت مرعبة ومؤلمة، ولا يوجد أحد عاش ذلك المشهد إلا وتألم، لكن الألم الآخر أنه تم التلاعب بالقضية، ومحاولة نسيانها، بل إن هناك جهدا كبيرا من جهات ناعمة في شيطنة الثورة والثوار، وتصبح جمعة الكرامة جزءا من هذه الشيطنة".
- غياب العدالة
من جهتها، تقول المستشارة في مركز صنعاء للدراسات، بلقيس اللهبي: "إن ذكرى مجزرة جمعة الكرامة مؤلمة بالنسبة لي وللكثيرين، لأننا عشناها وشفناها، وكان يوما مخيفا، رغم أن أسرتي كانت ضد أنني أخرج الميدان، ويوم المجزرة كنت أتغدى معهم، وعندما شاهدوا التلفزيون قالوا لي روحي فورا".
وأضافت: "الذكرى أليمة، ليس للشباب الذين شاركوا في الثورة، وإنما لكل اليمنيين، لأن هناك شبابا يقتلون أمام شاشات التلفزيون، على مرأى ومسمع، لكنها ليست الجريمة الأولى ولا الأخيرة".
وتابعت: "لا يوجد حتى في ذاكرة اليمنيين أي عدالة في كافة أشكالها، وليس فقط فيما حدث بجمعة الكرامة وما تلاها الآن خلال اثنتي عشرة سنة من الغياب لحقوق كافة المنتهكين والضحايا".
وقالت: "نحن لا نوثّق، ولا نحتفظ بالمعلومات، ولا نستخدم العلم والمعرفة، رغم إنه في التاريخ القديم كان الناس أميين، وكانت الطرق صعبة، والسوشيال ميديا غير موجودة، لكن نحن ما عذرنا".
وأردفت: "السلطات عمرها ما تقدم نفسها ضحية للشعب، هي تعتذر له إذا اعتذرت، لكن هي تخفي الحقائق دائما، والجميع كانوا شركاء في الجريمة؛ سلطة ومعارضة في تلك الفترة، لكن نحن كنا بحاجة لمن يجمع المعلومات ويوثّق، وكنا مستعدين لخوض مثل هذه التجربة، وكان هناك اندفاع شديد، لكن ما زال الأمر ممكنا كمنظمات مجتمع مدني".
- في أعلى السلطة
من جهته، يقول رئيس مؤسسة "خلود" لشهداء وجرحى ثورة فبراير، قاسم علي: "في هذا اليوم يحضرني الحزن الشديد لفقد أولئك الشباب الذين ضحوا بأرواحهم فداء لهذا الشعب والوطن، ولمطالبتهم بالحرية والعزة والكرامة".
وأشار إلى أن "جرحى جمعة الكرامة مازالوا يعانون إلى الآن من عاهات مستديمة في أجسادهم، نتيجة القنص الذي مورس بحقهم آنذاك، من قِبل بعض القنّاصين الذين اشتراهم نظام عفاش، وكان قائد فريق القنَّاصة في تلك الجمعة عضو مجلس القيادة الرئاسي الآن"، في إشارة إلى طارق عفاش.
وأضاف: "نحن -أسر الشهداء والجرحى- نتألّم كثيراً لغياب العدالة التي يجب أن تطبّق بحق هؤلاء القتلة والمجرمين، الذين أجرموا بحق شبابنا وشعبنا، وإلى الآن وأفراد القنّاصة يمارسون القنص في تعز؛ من كلابة إلى وادي غراب، ومن الجبهة الشرقية إلى الغربية، ضد المواطنين، وللأسف من درَّبهم وأرسلهم إلى تعز هو طارق عفاش".
وتابع: "دخول طارق عفاش إلى تعز كان مؤلما كثيرا بالنسبة لنا كأسر شهداء وجرحى؛ لأن ذلك كان استخفافا بحقوقنا ودماء أبنائنا، التي يريد أعداء الحق أن يسلبوها منا".