تقارير

جرحى الجيش الوطني.. جروح مفتوحة منذ 10 سنوات دون علاج أو رعاية!

04/09/2025, 07:52:35
المصدر : خاص

خرج المئات من جرحى الجيش الوطني، يوم أمس، في مدينة مأرب، في وقفة احتجاج طالبوا فيها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بإنهاء معاناتهم وصرف رواتبهم المتأخرة وتسفير المحتاجين للعلاج، وتسوية أوضاعهم أسوة بباقي التشكيلات العسكرية.

الجرحى قالوا في بيانهم إنهم لم يعودوا ينزفون دما فقط بل كرامة، وإهمالا ونسيانا، متهمين السلطات بالصمت المميت تجاه قضيتهم.

هذه الوقفة تكشف أزمة في العلاقة بين الدولة ومن ضحوا دفاعا عنها، فغياب سياسة وطنية لرعاية الجرحى، واستمرار التمييز بينهم وبين تشكيلات أخرى، يعكس فشلا إداريا وسياسيا، ونقصا في شعور المسؤولين بالأمانة لا على المستوى المهني ولا حتى الشخصي، وإلا فكيف يطيب لمسؤول أن ينام سليما معافى بفضل تضحية جريح ثم يترك هذا الجريح بلا علاج ولا رعاية؟

-"أهلي هم من عالجوني"

يقول أحد جرحى الجيش الوطني، إدريس المغارم: "أنا أصبت، في 19 سبتمبر عام 2016، في جبهة نهم، في قرية المدفون، وتسببت الإصابة لي بالشلل التام، وعلى ضوئها أسعفوني إلى مستشفى الهيئة بمأرب، وفي مستشفى الهيئة فتحوا لي عملية استكشافية، وقالوا إني بحاجة للسفر إلى الخارج، وكانت بدايتنا مقاومة، لا لجان طبية ولا أي شيء".

وأوضح: "كانت إصابتي بليغة، أصبت بثلاث طلقات معدل، طلقتين انفجرتا في البطن، وواحدة في الحوض والعمود الفقري، وإلى الآن وأنا لا زلت بدون فقرة، وأعاني بسبب العلاج".

وأضاف: "بعدها انطلقنا إلى شرورة في السعودية، ومستشفى شرورة اعتذر، وقالوا ضروري ينقل إلى المدينة الطبية، وهنا اعتذرت القيادة حقنا، وقالت إنه ليس لديها توجيه للمدينة الطبية".

وتابع: "تواصلت مع أهلي في السعودية، بينهم أعمامي وأخوالي، وما قصروا معي ودخلوني مستشفى المدينة الطبية، حق الملك فهد، ودفعوا ما يقارب 200 ألف ريال سعودي، وبدأت إجراءات العملية حق الشلل".

وأردف: "أيضا عملت عملية لبعض الشظايا في الحوض في مستشفى رعاية الرياض، والحمد لله تحسنت في بداية مرحلة الشلل، وبعدها أصبحت أحتاج لعمليات أخرى، بسبب أنني لا أستطيع التحكم بالبول والبُراز، وأيضا أصبح عندي المشي يحتاج إلى علاج طبيعي ورعاية، واللجنة في مأرب تعتذر لعدم وجود الإمكانيات".

وزاد: "اللجنة ليس لديها مخصص من الدولة، أو من التحالف، أو من أي جهة، طارحين لنا لجنة طبية ليس لديها أي اعتماد".

وقال: "في آخر مرحلة، سافرت إلى الهند في 2024، سفر مستعجل، جابوا لي 2000 دولار حق الطريق، وصلت إلى الهند، قالوا لا توجد لدينا ميزانية، سألوني كم تكاليف العلاج؟ قلت لهم 20 ألف دولار، لتركيب جهاز للتحكم بالبول".

وأضاف: "تواصلت مع الشيخ حمود المخلافي، ما قصر معي، وتواصلت مع الشيخ سلطان العرادة، ومع جهات كثيرة، سلطان العرادة جاب لي مبلغ 10 ملايين ريال قعيطي، ورئيس هيئة الأركان، صغير بن عزيز، جاب لي أيضا 10 ملايين قعيطي، واستعنت بصديق وبالأهل، وما قصروا معي جابوا لي 10 آلاف دولار، وأنا بعت قطعة أرض في مدينة التربة بتعز، والحمد لله تحسنت".

وتابع: "باقي معي الآن مرحلة ثانية وأخيرة، وهي التحكم بالبُراز، فأنا إلى الآن وأنا أتبرز من بطني على جهاز 'كلستومي'، وسافرت إلى تركيا، واستعنت هنا بجماعة من البلاد وبالجالية ما قصروا، جابوا لي فاعل خير، والحمد لله مشت الأمور".

-العلاج من خلال الهبات

يقول الجريح محمد قمر، وهو أحد جرحى الجيش الوطني بتعز: "قصتي لا تختلف عن قصص كثير من الزملاء الجرحى، فأنا مصاب بالشلل النصفي، وطلعت إلى الأستديو للحديث معكم محمولا على الأكتاف، والحمد لله هذا فخر وشرف لي أن أكون أحد جرحى جبهات البطولة والشرف".

وأضاف: "أي سفر يأتي للجرحى يكون عبر هبات؛ لأنه ليس هناك موازنات ثابتة لعلاج الجرحى في الخارج، ليتم علاجهم ويعودوا وقد تعافوا".

وتابع: "أنا أصبت بطلقة في العمود الفقري، أودت إلى شلل بالأطراف السفلية، وأول مرحلة علاج تم إسعافي إلى المستشفى في المدينة، ومن ثم إلى السودان؛ لأنه هنا كان التخصص كله عظام فسفرونا كجبر خاطر".

وأردف: "الدولة أصبحت لا توفر موازنة ثابتة للجنة الطبية، لتقوم بمهامها لعلاج الجرحى، فأصبح علاجنا عبارة عن هبات، من القائد الفلاني ممكن يجيب مبلغ محدد، والقائد الفلاني مبلغ محدد، أو المسؤول الفلاني مبلغ محدد لسفر جريح". 

وزاد: "لكن ماذا عن عشرات ومئات الجرحى ممن يحتاجون إلى السفر العاجل؟ كيف سيتم فرق الهبات لهم؟ وما هي الطريقة والآلية إذا لم تكن موازنة الدولة هي المتكفلة بعلاجهم والمضمدة لجروحهم؟".

-"يريدون منّا أن نموت بصمت"

يقول أمين عام الرابطة الوطنية للجرحى والمعاقين، محمد جعدان: "أشكر قناة 'بلقيس'، وكل وسائل الإعلام التي تتفاعل وتتضامن مع قضايا الجرحى، وأصبحت هي سلاحنا الوحيد ووسيلتنا الأبرز لإيصال رسالتنا ومعاناتنا إلى الجهات المعنية".

وأضاف: "كنا نتمنى أن نتناقش مع الجهات المعنية في غرف مغلقة، وفي مكاتبهم، من أجل إيصال رسائلنا وهمومنا ومشاكلنا، لكن -للأسف الشديد- أغلب المكاتب مغلقة أبوابها أمامنا، ولا يوجد أمامنا وسيلة أخرى إلا التكلم عبر الفضاء المفتوح".

وتابع: "أنا أصبت بلغم مزروع من قِبل مليشيا الحوثي، والبعض الآخر يقول إنها قذيفة أخذت الجزء الأسفل من جسدي، أسعفت على إثرها إلى مستشفى الهيئة بمأرب، ولصعوبة حالتي، أسعفت إلى مصر لتلقي العلاج، وللأسف الشديد تعالجت، في نهاية الفترة، خمسة أشهر على حسابي الخاص".

وأردف: "ومن خلال الوضع المؤلم، أريد أن أرسل رسالة أمل بأنني درست وجروحي مفتحة في مصر، في العلوم السياسية، وحصلت على درجة الماجستير في العلوم السياسية، وكنت الأول على دفعتي، رغم الألم".

وزاد: "من هنا أرسل رسالة أمل وطموح، رغم الألم والمعاناة، رغم أننا نكابد المتاعب والآلام، وعناء النزوح، ونتجرع مرارة العجز والإعاقة، ونواجه قساوة العيش، إلا أننا سنظل شامخين بأملنا وطموحنا".

وقال: "أصبح الحديث، في ظل هذا الوضع، عن ملف الجرحى هو عبارة عن مستودع من الذكريات الأليمة، في ظل التقصير الحكومي والإهمال من قِبل مجلس القيادة الرئاسي".

وأضاف: "هناك من الجهات المعنية تريد منَّا أن نموت بصمت، دون أن نصدر أي ضجيج، هم يسعدون عندما نكون صامتين رغم الألم والمعاناة والمشاكل".

وتابع: "نحن هنا في مأرب، أغلب مشاكلنا وحلولها تقع على عاتق الحكومة ووزاراتها المعنية، ومجلس القيادة الرئاسي، بمعنى أن أغلب المشاكل تقع خارج إطار الصلاحيات المالية والإدارية المتاحة للقيادات العسكرية والمدنية التي هنا متواجدة في مأرب، والتي تربطنا بهم علاقات جيدة وأبوابهم مفتوحة لنا، لكن نحس أنهم يحملون فوق طاقتهم".

وأردف: "نناشد الوزارات المعنية في الحكومة اليمنية، وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، برئاسة الدكتور رشاد العليمي، إلى متى ستظل هذه المعاناة والمشاكل قائمة؟ بالله عليكم نعاني في وضعنا هذا، وأنتم تسمعوني وتسمعون زملائي الكرام يتحدثون بكل هذه المشاكل ولا يتحرك ضميركم الحي؟ إلى متى سنظل نعاني؟ إلى متى ستتركون أبطال اليمن بهذه الصورة وهذا الألم؟".

وزاد: "هذا التقصير يؤثر على خطوط التماس، والأبطال في مواجهة مع مليشيا الحوثي الإرهابية، ومن لا يجرؤ على مواجهة الجرحى، وعلى سماع همومهم، لن يكون يوما من الأيام جزءا من المعركة الفاصلة مع المليشيا".

-مناشدات مستمرة دون استجابة

يقول رئيس اللجنة الطبية العسكرية لجرحى تعز، النقيب صادق النمر: "هناك مشكلة جوهرية تكمن عندنا في محافظة تعز، حيث أننا نعاني وبشكل مستمر من عدم توفر ميزانية لعمل اللجنة الطبية العسكرية، وأنا أعمل في اللجنة منذ خمس سنوات، ولم أستلم كمخصص رسمي كميزانية للجنة منذ خمس سنوات وإلى الآن".

وأضاف: "المشكلة الحقيقية تكمن في أنه لا توجد مساواة بين الجرحى في مختلف الأماكن، نجد في تعز لا نمتلك حتى تذكرة سفر لجريح واحد، بينما في مكان آخر تصرف مبالغ مهولة لتغطية علاج الجرحى، وهذا التمايز بين الجرحى قضية خطيرة ناتجة عن عدم وجود عدالة ومساواة في توزيع الإمكانيات لمختلف الأماكن".

وتابع: "نحن، في مدينة تعز، نعاني وبشكل مستمر، ونصل أحيانا إلى أننا لا نمتلك حتى أن نغطي العلاجات الضرورية لجرحى الشلل، كالحفاظات والمستلزمات وغيرها من الأشياء، بينما في أماكن أخرى نجد بذخا وعبثا في صرف الإمكانيات، ولو أعطينا جزءا منها لعالجنا مشاكل الجرحى في المدينة".

وأردف: "رئيس الجمهورية، عندما زار مدينة تعز وجلسنا معه، وعدنا بأنه سوف يدعم هؤلاء الجرحى، وسوف يولي شريحة الجرحى كل الاهتمام، صحيح سفرنا 44 جريحا، لكن ما زال لدينا 160 جريحا حاليا بحاجة إلى سفر، فمن لهؤلاء الجرحى؟".

وزاد: "هناك إهمال واضح، الجرحى في القاهرة يئنون، والله أننا لم نمتلك حتى إرسال مصاريف لهم، ناهيك عن الإيجارات والإجراءات الطبية، وهذا الكلام يسمعه الآن مني جميع الناس بمن فيهم الجرحى".

وقال: "نحن في اللجنة الطبية أحيانا لا نمتلك حتى مصاريف جريح واحد، ونحتاج إلى 290 مليونا كميزانية تقديرية لتسيير أمور اللجنة".

وأضاف: "ما يصل إلينا لا يزيد عن 80 مليونا، كاستقطاعات من مرتبات الجيش، هذا إذا استمرت مرتبات الجيش بشكل دائم، ونحن الآن لنا أربعة أشهر بدون مرتبات، كيف يمكن أن نغطي هذه الشريحة التي ضحت بأغلى ما تملك، ضحوا بأرواحهم وضحوا بأجزاء من أجسادهم، والآن يجدون الخذلان".

وتابع: "أنا شخصيا، منذ أن عملت في اللجنة منذ خمس سنوات، خاطبنا رئاسة الجمهورية، خاطبنا رئاسة الوزراء، خاطبنا وزير الدفاع، خاطبنا أعضاء مجلس النواب، ورئيس مجلس النواب، لكن لا فائدة، وكأننا لا نتكلم، والمذكرات رفعناها من اللجنة الطبية ومن قيادة المحور، وناشدنا كل الجهات، لكن لا مجيب".

تقارير

كيف تجند إسرائيل أو أمريكا جواسيس في أوساط الحوثيين؟ الأدبيات الأمنية تجيب

بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي أودت بمعظم أعضاء حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا وفي مقدمتهم رئيس الحكومة أحمد الرهوي، في العاصمة صنعاء، أقدمت مليشيا الحوثيين على اعتقال عدد كبير من الموظفين والعاملين مع منظمات إنسانية والتحقيق معهم بتهمة التخابر مع إسرائيل على خلفية الضربات المذكورة.

تقارير

اليمنيون في الخارج.. مأساة بلا ظهير سياسي وحقوق ضائعة بين المفوضية وصمت السفارات

منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2014، وجد مئات الآلاف من اليمنيين أنفسهم في دائرة النزوح الخارجي إلى دول عربية وإفريقية وأوروبية، حيث قادتهم الظروف الأمنية والاقتصادية إلى البحث عن ملاذ آمن، غير أنّ معاناتهم لم تتوقف عند حدود اللجوء، بل تحولت إلى سلسلة أزمات متشابكة تبدأ من صعوبة الحصول على إقامات قانونية وتنتهي بحرمان أبنائهم من التعليم.

تقارير

كيف يمكن تفسير تَعامل الأمم المتحدة المتراخي تجاه سلوك ميليشيا الحوثي ضد موظفيها في صنعاء؟

أكثر من عشر سنوات، وأربعة مبعوثين؛ هي مسيرة الأمم المتحدة في الأزمة اليمنية، مسيرة عجزت فيها الأمم المتحدة عن تقديم مقاربة عملية للأزمة، وكل الاقتراحات التي قدمتها عقّدت من مسار الأزمة أكثر.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.