تقارير

بعد تفتيت الشرعية.. ما مآلات التخادم الحوثي - السعودي؟

27/05/2023, 06:05:35

بعد أن تعالى حديث التسوية المرتقبة مع تقدم المباحثات السعودية - الحوثية، عاد الجمود ليكون سيّد الموقف.

تعوِّل مليشيا الحوثي على تفاهماتها مع الرياض، وتعتقد أن خروج السعودية سيُساعدها في تحقيق أهدافها محليا.

ولذلك، يرى البعض أن التصعيد الحالي يسعى لتحقيق هدفين؛ أولهما الحصول على تنازلات جديدة من الرياض، والآخر عملي يترافق مع تحشيدها لجولة جديدة من الحرب، لتحقيق مكاسب على الأرض.

- عملية معقدة

يقول الصحفي طالب الحسني: "في الحقيقة -جهود السلام- هي متعثرة،  ومثلما أن الحرب كانت معقدة عملية السلام ستكون أيضا معقدة".

وأضاف لبرنامج "فضاء حر"، الذي بثّته قناة "بلقيس" مساء أمس: "التفاؤل الذي كان يراه البعض في جولة المفاوضات السابقة، جولة رمضان، هي لم تكتمل؛ لأن هناك تباعدا كبيرا بين ما تراه صنعاء (مليشيا الحوثي) وبين ما تراه الرياض، وما تراه واشنطن في الحقيقة".

وأوضح: "التداولات الأخيرة، ومن ضمنها المقابلات التي صرح بها المبعوث الأمريكي، ليندركينج، للشرق الأوسط ولأكثر من وسيلة إعلامية، أن هناك سقفا أمريكيا مرتفعا، ثم سقفا سعوديا ربما أقل، وهناك سقف في صنعاء مرتفع"، معتبر أن ما تطالب به مليشيا الحوثي ليس شروطا بل استحقاقات.

وأشار إلى أنه "لا يوجد في الانسحاب من الأراضي اليمنية عملية تنازل؛ لكنه انسحاب يجب أن يتم، وليس في عملية رفع الحصار وإنهاء العدوان عمليا تنازل، وليس في إيقاف تهديد اليمن باستمرار دعم الانفصال عمليا تنازل"، مبيّنا أن "عملية دعم الانفصال طارئة الآن بشكل أوضح".

وتابع: "نعم هي (المطالبات بالانفصال) موجودة منذ العام 2016، الإمارات تمارسها عمليا بدعم مليشيات الانتقالي التي ترفع شعار الانفصال بشكل واضح، وكانت السعودية تتغاضى عنها، ولكن هي الآن أوضح".

ولفت: "لا يمكن تجاهل أن هناك مسارا بدأ في 2015 انتهى إلى فشل بالنسبة للتحالف، إذا لا بُد أن تكون هناك مخارج، ولا يمكن لهذه الحرب أن تستمر".

وزاد: "لا أحد يمكن أن يقول إن هناك طرفا يريد أن تستمر هذه الحرب وفقط، ولذلك كلما فتح باب أغلقه"، موضحا أن "هذا الأمر لا يمكن القبول به، ولا يمكن تصديقه واقعيا".

- لصالح الحوثي

وقال معتقدا: "الحرب لا بُد أن تنتهي؛ بالشروط الحالية هي لصالح صنعاء (مليشيا الحوثي)"، مشيرا إلى أن الطرف الحوثي منتصر في هذه الحرب؛ لذلك - حسب ما يراه- "لا بد أن تنتهي هذه الحرب بمفاوضات واقعية فيها الكثير من المنطق، وفيها الكثير من الواقع".

ويرى الحسني أن القول بأن الحوثي يريد إنهاء التدخل الخارجي ليتفرّغ للداخل لا يعدو عن كونه افتراضا؛ مبينا أنه يجب إنهاء الحالة التي بدأت منذ 2015.

وأشار إلى أنه "بعد زوال التدخل الخارجي الذي تقوم به السعودية ستكون هناك مفاوضات بين الأطراف الداخلية والعودة إلى أجواء 2014، مفاوضات يمنية - يمنية برعاية الأمم المتحدة".
وبيّن أنه "ما بعد 2015 ينبغي أن ينتهي دون البحث عن مبررات لكي تبقى هذه الحالة"، معتبرا أن "دعوات الانفصال في 2007 كانت أخطر مما هي عليه الآن؛ لأنها كانت حالة داخلية".

- شراء مواقف

من جهته، يقول الباحث والمحلل السياسي الدكتور عادل الشجاع: "ما يجري بين السعودية وجماعة الحوثي ليس سلاما وليس الهدف منه الوصول إلى سلام، وإنما تجميد مواقف، وبمعنى أصح شراء مواقف".

وأضاف: "الحوثيون يريدون من السعودية أن تجمّد موقفها في حرب اليمن، والسعودية أيضا تريد أن تشتري أمنها من الحوثيين مقابل المال".

وأوضح: "الطرفان (الحوثي والسعودية) لديهم إستراتيجية ببقاء الحرب الداخلية"، مؤكدا أن الحوثيين "يريدون من السعودية الخروج ليشنوا حربا على اليمنيين، والسعودية تريد من الحوثيين أن يوقفوا هجماتهم عليها، لكنهما متفقان على أن هذه الحرب والفصل الثاني من هذه الأزمة تبقى مستمرة".

ويرى أن "الطرفين لا يتفاوضان على سلام؛ لأن السلام لا بُد له من طرفين، وهذان الطرفان لا يوجد فيهما حتى هذه اللحظة إلا طرف واحد وهو طرف الحوثي".

واستطرد: "السعودية تفاوض نيابة عن الشرعية؛ وهي في الأساس لا تريد للشرعية أن تصل إلى مرحلة سلام، بقدر ما تريد أن تشتري أمنها من الحوثي".

وبيّن: "السلام المنشود هو أن يذهب الناس لإزالة الأسباب التي قامت عليها هذه الحرب".

وأشار إلى أن "ثماني سنوات من هذه الحرب، ونحن في السنة التاسعة، وهناك مفاوضات تتحدث عن سلام"، متسائلا: "لماذا قامت هذه الحرب في الأساس؟".

- تخادم

وقال: "نحن أمام عدوانين (داخلي وخارجي)، هذا العدوان الداخلي استجلب العدوان الخارجي، واليوم يتفاوض العدوانان على اليمنيين".

وأكد أن "اليمنيين غير حاضرين في هذه المفاوضات، وغير حاضرين في هذا السلام، الذي يزعمون (العدوانان) أنهم ذاهبون إليه".

ويعتقد أنه لا يوجد سلام طالما الأسباب التي قامت لأجلها هذه الحرب لم تُزل ولم تناقش في الأساس.

ولفت إلى أن مليشيا الحوثي تتحدث اليوم فقط أنها تواجه الحظر الذي فرضه التحالف، لكنها تنسى بأنها فرضت حظرا بقطع الطرقات على المدن والمحافظات، معتبرا أن "قطع هذه الطرق يساوي ويوازي الحظر الجوي والبحري الذي فرضه التحالف؛ بمعنى أن هناك تخادما بطريقة أو بأخرى بين الطرفين".

وخلص الشجاع إلى أن كل طرف (الحوثي والسعودية) يريد أن يحيّد الطرف الآخر لكي يستفرد بالأطراف الأخرى.

واستطرد: "السعودية ليست داعما حقيقيا للشرعية، هي دعمت بشكل مباشر وغير مباشر الحوثيين؛ لأنها -خلال ثماني سنوات- لم تتعرض لقيادة الحوثيين لا من قريب ولا من بعيد، مشيرا إلى أن "كل هذا الدمار وهذا الخراب كان يستهدف بنية الدولة ومؤسساتها، ويستهدف القوى الوطنية التي كان سيكون لها دور حقيقي في مواجهة الحوثيين، وفي استعادة الدولة".

تقارير

معادلة السلام والحرب.. عودة للمسار السياسي وخفض التصعيد في البحر

يشير الواقع إلى أن مليشيا الحوثي، التي عطلت مسار جهود الحلول الأممية، خلال السنوات الماضية، وفق تصريحات الحكومة المتكررة، لا تمانع الآن من الدخول في تسوية محدودة مع السعودية، تسد حاجتها المالية والاقتصادية، وتخفف من أزمتها الداخلية.

تقارير

صفقة سعودية حوثية.. ترتيبات متقدمة وتحذيرات من النتائج

تتسارع الخطى نحو وضع اللمسات الأخيرة على خارطة الطريق الأممية، التي تحمل في مضمونها تفاهما وتقاربا حوثيا - سعوديا، لم يكن يتوقعه أحد، لا سيما إن استعدنا شريط الذكريات للعام الذي انطلقت فيه عاصفة الحزم، وتهديد الطرفين بالقضاء على الآخر، إذ تعهد الأول بإعادة الشرعية إلى صنعاء، فيما توعد الآخر بالحج ببندقيته في مكة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.