تقارير
الدكتورة نجاة خليل لموقع بلقيس: اليمنيون يواجهون أزمات نفسية مركّبة وهناك تهديدات حقيقية تواجه الأجيال
يعيش اليمنيون على إيقاع الأزمات المتلاحقة منذ اندلاع الحرب عام 2014م، ولم يُتح المجال للحديث عن الصحة النفسية إلا في هامشٍ صغير من المشهد الإنساني.
الصراع الذي مزّق البلاد خلال السنوات الماضية وجّه الاهتمام نحو الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بينما ظلت الصحة النفسية تنهار بصمتٍ يومًا بعد يوم في بلدٍ يعاني من نقصٍ حاد في الأطباء النفسيين والمراكز المتخصصة، مما أدى إلى تفاقم مستويات التوتر والقلق والاكتئاب بين السكان، وظهور اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD).
تشير التقارير إلى أن نحو نصف السكان في اليمن يعانون شكلاً من أشكال الاضطرابات النفسية، في حين أن الدعم النفسي شبه معدوم، إذ لا يتجاوز عدد الأطباء النفسيين العشرات، معظمهم في المدن الكبرى.
تقول أستاذ علم النفس الاجتماعي، الدكتورة نجاة خليل، إن نسبة انتشار الاضطرابات النفسية في اليمن بلغت 27% للاكتئاب و25% للقلق، فيما يعاني 45% من السكان من اضطراب ما بعد الصدمة.
وتضيف في حوار خاص مع موقع بلقيس أن “سنوات الصراع والنزاعات والحروب المسلحة أثّرت بشكل كبير على الصحة النفسية لليمنيين، والدليل انتشار الاضطرابات والأمراض النفسية مثل القلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة. فمستوى الصحة النفسية لدى اليمنيين في أدنى مستوياته مقارنة بغيرهم”.
وأوضحت أن الحرب المستمرة منذ عام 2014م خلقت بيئة مثقلة بالضغوط في ظل انعدام البرامج الوطنية المتخصصة ونقص الخدمات العلاجية، مما يجعل اليمن أمام أزمة نفسية مركّبة تهدد النسيج الاجتماعي ومستقبل الأجيال.
كما أكدت خليل أن “غياب العدالة الاجتماعية في المجتمع فاقم الاضطرابات النفسية؛ فالشعور بالظلم والقهر ينعكس سلبًا على الحالة النفسية للفرد”.
وأوضحت أستاذ علم النفس الاجتماعي أن “الجهود المبذولة من قبل بعض المنظمات الدولية أو المحلية، والتي تسعى إلى سد الفجوة في تقديم خدمات الدعم النفسي للمحتاجين، ليست كافية في ظل استمرار الحرب”.
وتابعت: “تأهيل وتدريب الكوادر النفسية الموجودة حاليًا يمكن أن يُحدث فرقًا حقيقيًا في بلدٍ أنهكته الحروب، دون انتظار إصلاح شامل للنظام الصحي”.
وفي ردها على سؤال حول دور وسائل الإعلام اليمنية في رفع الوعي النفسي، أكدت الدكتورة نجاة خليل لموقع بلقيس أن “وسائل الإعلام لا تقوم بدورها في التوعية بأهمية الصحة النفسية للأفراد وكيفية الحفاظ عليها، بل إن بعض وسائل الإعلام تعمل على تعزيز الوصمة تجاه المريض النفسي”.
وأشارت إلى أهمية نشر الوعي للجميع باستخدام كافة الوسائل المتاحة من إعلامٍ ومدارس ومساجد، وتوفير البنية التحتية اللازمة، لتحويل مفهوم الصحة النفسية من ترفٍ فكري إلى حاجةٍ أساسيةٍ في السياسات العامة اليمنية.
يُذكر أن أستاذ علم النفس الاجتماعي، أ.د. نجاة خليل، قدّمت ورقة بحثية بعنوان “خارطة الصحة النفسية للمجتمع اليمني بعد ثمانية عقود من الصراعات” ضمن أعمال مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين المنعقد في مدينة إسطنبول، والذي تنظمه مؤسسة توكل كرمان.