تقارير
اغتيال إفتهان المشهري.. بيان المكتب السياسي لطارق صالح يشعل الجدل والاتهامات
تحوّلت جريمة اغتيال إفتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة بتعز، إلى شرارة لاحتجاجات شعبية واسعة، وسط تبادل للاتهامات السياسية.
مهاجمون وجّهوا أصابع الاتهام إلى حزب الإصلاح، معتبرين أنه المسؤول عن الانفلات الأمني بالمحافظة، فيما يتهم آخرون طارق صالح ومن خلفه الإمارات باستغلال القضية لتكريس نفوذه داخل مجلس القيادة الرئاسي.
وأصدر المكتب السياسي التابع لطارق بيانًا يؤيد مطالب المحتجين، وهو ما اعتبره البعض دليلاً على وجود مؤامرة تستهدف تعز وحزب الإصلاح.
- ضد الجريمة
يقول رئيس فرع المكتب السياسي للمقاومة الوطنية بتعز عبد السلام الدهبلي: «بيان (المقاومة الوطنية) لم يكن موجهًا ضد حزب أو قبيلة أو ضد قيادات عسكرية أو أمنية أو ضد السلطة المحلية».
وأضاف: «نحن نتعامل من منطلق أن الجريمة لا وطن لها ولا حزب ولا قبيلة، ومن هذا المنطلق والمعيار تعاملنا مع الحدث، ولسنا ضد أي حزب إطلاقًا؛ نحن ضد الجريمة أينما وجدت، وأينما حلت، وأينما ظلت».
وأوضح: «لم يوجّه البيان ولم يشِر إلى أنه ضد حزب أو جماعة أو قبيلة أو مخلاف، إلا إذا كان هناك تسييس لهذا العمل، أو تحليل، فهذا شيء آخر».
وتابع: «فهو يعني انضمامنا إلى مطالب الناس، ولكنه أيضًا ثمّن دور قيادة السلطة المحلية والأمنية والعسكرية في القبض على الجناة؛ هذا ما حواه البيان».
وزاد: «كلٌّ يقول ما عنده، لكن جريمة الشهيدة إفتهان المشهري كانت في تعز وفي نطاق السلطة المحلية والقوات الأمنية والعسكرية؛ لا نحاول أن نضيف التهمة إلى فلان من الناس أو قيادة، نحن لم نتهم أحداً».
وأردف: «نحن لا نتهم الإصلاح ولا نتهم قياداتهم، نحن ضد أي جريمة سواء كانت في تعز أو في الساحل».
ونفى أن تكون تعز محاصرة من قوات طارق، مؤكدًا: «نحن من فك الحصار عن تعز بمشروع مياه، ونحن مع أبناء تعز، والإشارة إلى الجريمة أو إدانتها ليست إدانة لهم أو إشارة إليهم»، مشيرا «لدينا 300 قاتل يسرحون ويمرحون في تعز، لدينا منازل ومنشآت مغتصبة».
وقال: «نحن مع الجيش الوطني ودعمه، ورفع رواتب أفراده؛ لأنه هو حامي تعز، وبوابتها الشرقية والغربية، وهو مَن حماها وقاتل، ونريد أن نصونه حتى لا يشوّهه بعض أفراده بارتكاب الجرائم».
وأضاف: «نحن ضد أي جريمة؛ والجريمة ليست مرتبطة بقبيلة ولا بحزب إلا إذا كانوا هم مع هذه الجرائم يشعرون أن كل من اتهم الجريمة اتهمهم».
وتابع: «أريد لهذه المدينة أن تتعافى، على يد الإصلاح أو الناصري أو الاشتراكي لا فرق بين هذا وذاك، إلا في حدود مدى التزامهم بالقانون؛ يحق لنا أن نقول نريد مدينة آمنة خالية من الشبهات والانحرافات».
وأردف: «هناك كشوفات للمجرمين، وكشوفات للقتلة، فليبدأوا بتجرّد؛ تعالوا نمسك القتلة والمجرمين أينما كانوا، تعالوا نُخلي المنشآت المغتصبة في الساحل أو في المدينة؛ تعالوا نرى البيوت المغتصبة، في الساحل أو في المدينة».
وأشار إلى أخطاء الماضي: «المؤتمر تحالف مع الحوثي في وقت ما نكاية بالإصلاح، والإصلاح أيضًا تحالف مع الحوثي من قبل نكاية بالمؤتمر».
وقال: «يجب أن نقول كلنا أخطأنا؛ كلنا نبحث عن الوطن، اليوم نحن في جبهات واحدة ضد الحوثي؛ لا نرجع إلى الماضي».
وأكد: «لا نحتاج للتبرير لفلان أو فلان؛ نحن حققنا في نطاقنا (في المخا) أمنًا يمكن أن يُقتدى به على مستوى اليمن، ولسنا ضد الإصلاح أو ضد جماعة معيّنة؛ نحن مع أمن تعز واستقرارها سواء في الساحل أو هنا (المدينة)».
وقال: «الكل أخطأ: الإصلاح أخطأ، المؤتمر أخطأ، عبد ربه منصور أيضًا أخطأ، والمجتمع الدولي أخطأ عندما تعامل مع الحوثي كونه مكافحًا للإرهاب واعتبر الباقين إرهابيين»، موضحًا: «الكل أخطأ ويجب أن يعتذر، ويجب أن نبدأ صفحة جديدة اليوم».
وأكّد: «هناك استغلال للأحداث، يجب على كل واحد أن يصفي المنطقة التي تحت سيطرته من الجريمة والقتلة والمجرمين».
- فشل السلطة
من جهته؛ يقول الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي: «البيان الصادر من المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في الحقيقة يشير إلى أنه يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، لكنه لم يوفّق في التعبير عن ذلك بدقّة».
وأضاف: «كان واضحًا أن المكتب السياسي يريد أن يقول إن هناك مشكلة في تعز، مشكلة لا تتعلق فقط بحادثة آنية، وإنما تتحدّث عن مشكلة سلطة، وهذه السلطة تحتاج إلى إصلاح وإلى تغيير».
وأوضح: «من الواضح أن هذا البيان يريد أن يحمّل حزبًا بعينه مسؤولية فشل السلطة في تعز، أو على الأقل يريد أن يعطي للحراك محمولات ثورية هدفها التغيير».
وتابع: «يريد (البيان) أن يتعامل مع الحراك، الذي حركته مظلومية الشهيدة إفتهان، وجرّه إلى حراك شامل هدفه إصلاح الوضع الإداري والسياسي في تعز»، مؤكدا: «هذا الأمر مبالغ فيه إلى حد كبير؛ لأنه يتأسس على مغالطات كثيرة».
وأردف: «أعتقد أن أطرافًا خارجية وداخلية صممت وضعًا خاصًا لمدينة تعز؛ يشير إلى أن الذي يتحكم بتعز هو حزب الإصلاح، وكل من يقف مع الإصلاح والقيادات التنفيذية، التي لديها سلطة المال والقرار، لا تستطيع أن تعمل شيئًا؛ لأن الإصلاح وأمنه وعسكره هم من يتحكمون بتعز».
ويرى: «هذا الأمر يعبّر عنه أكثر من طرف داخلي وخارجي مع أنه بالإمكان اليوم أن تحدث تغييرات؛ يعني أطيح بعبد ربه منصور هادي، وأُوتي بمجلس قيادة رئاسي بدون أي تفويض دستوري من الشعب تقريبًا، ومشت الأمور».
ولفت: «في تعز يستطيع مجلس القيادة الرئاسي الذي عُيّن في الرياض أن يغيّر المحافظ ويغيّر مدير الأمن ويغيّر أشياء كثيرة».
واستدرك: «لكن أن تبقى الأمور محل منازعات سياسية بهدف إبقاء تعز مشلولة وتوجيه الإدانة باتجاه طرف واحد؛ من أجل تحريض الناس على هذا الطرف ومن ثم إسقاطه معنويًا وسياسيًا، ليس إلا وسيلة للتحكم بالمشهد كما يحلو للأطراف التي تريد أن تُخضِع تعز لشروطها وأولوياتها السياسية»، مؤكدًا «هذا جانب من المغالطات».
وزاد: «الجانب الثاني من المغالطات يتعلق بإخفاء البُعد الحقيقي لمشكلة تعز: أنها محاصرة؛ محاصرة سياسيًا، محاصرة ماليًا، محاصرة عسكريًا وأمنيًا».
وأشار: «تقريبًا كل القوى التي تحاصر تعز تتمتع بإمكانيات ووفرة مالية كبيرة؛ الحوثيون لديهم موارد وموانئ وأموال وقوات وصواريخ؛ لديهم كل شيء تقريبًا، ويمكنهم العمل بما يريدون».
وأضاف: «المكتب السياسي أو المقاومة الوطنية، التي رأسها العميد طارق، أيضا لديها إمكانيات كبيرة جدًا؛ الجنود الذين يعملون معه مرتباتهم عالية جدًا؛ من 1000 إلى 1500 ريال سعودي، بينما قوات الأمن وقوات الجيش الذين يدافعون عن مدينة تعز لا تزيد مرتباتهم عن 100 ريال سعودي، تُصرف كل ثلاثة أو أربعة أشهر».
وأكّد: «هذه هي الإشكالية التي تعاني منها تعز: تعز تريد أن تتحرر من الحصار، ومسألة التجاوزات الأمنية والانفلات هي واحدة من التداعيات الناجمة عن هذا الحصار القاسي جداً».
وبيّن: «طبعًا الجرائم لا تُبَرَر بأي شكل من الأشكال، وأبناء تعز كلهم يتفقون حول هدف إنهاء الانفلات الأمني ومظاهر الفوضى التي شهدتها تعز خلال الفترة الماضية».
وشدّد: «مقتل الشهيدة إفتهان لا ينبغي أن يخضع للمزايدة مطلقًا؛ فقد تم التعامل معه بطريقة تليق باقتدار الدولة، وتم تعافي الأجهزة الأمنية والقضائية في المحافظة بسرعة قياسية، وتم الوصول إلى المتهمين وإلى منفذ جريمة القتل نفسه؛ وسط تأييد ومباركة كل أبناء تعز».
وقال: «هذه الجريمة لا ينبغي أن نخضعها للنقاش الآن؛ فهناك جرائم كثيرة ينبغي الوقوف أمامها بغض النظر عمّن ارتكبها؛ هناك مئات الضحايا الذين قتلوا في مدينة تعز — بعضهم ضحية انفلات أمني، لكن بعضهم كان ضحية جريمة سياسية موّلت من الخارج ونفّذت بواسطة عناصر إرهابية».
وأوضح: «هناك أكثر من 300 عسكري وضابط قُتلوا بأيدي عناصر إرهابية؛ هذه العناصر عندما خرجت من مدينة تعز اتجهت غربًا».
وكشف: «هناك عناصر موجودة الآن في المخا، وينبغي أن تكون هناك شفافية ومصداقية بشكل واضح»، مؤكدًا: «الناس في تعز وفي اليمن يعرفون ضحايا هذه الجرائم؛ معظم الضحايا كانوا من الجنود الذين يعودون من الجبهات إلى منازلهم فتعترضهم العناصر الإرهابية التي أسست دولة أنصار الشريعة في تعز».
وقال: «نحن أمام نموذجين: النموذج الرسمي — طارق اليوم عضو مجلس قيادة رئاسي ويستطيع ورئيس مجلس القيادة تقديم الكثير من الحلول لمحافظة تعز عن طريق الإجراءات السياسية والدستورية والقانونية، هذا النموذج الأول».
وأضاف: «النموذج الآخر مرتبط بالإجراءات الإماراتية، ويعبّر عنه الناشطون والإعلام — الاستهداف المباشر وغير المباشر للقوى السياسية وفي مقدّمتها التجمّع اليمني للإصلاح».
واعتبر: «استغلال الأحداث المأساوية والمؤسفة بهدف شيطنة هذا الطرف السياسي أو ذاك ومحاولة إظهار أن تعز محتلة من قِبل حزب سياسي هذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً؛ لأن الذي يحكم تعز هو نبيل شمسان، ونبيل شمسان على علاقة وثيقة مع العميد طارق، ونريد أن تنعكس هذه العلاقة الوثيقة بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في تعز، لا أن يستمر نبيل شمسان في تصدير فكرة أنه يريد أن يعمل شيئًا لكن حزب الإصلاح منعه من ذلك».
ونوّه: «هذه الأمور ينبغي أن تنتهي؛ الإصلاح حزب موجود أيضًا في السلطة، وله ممثلون فيها، وشريك فيها؛ مثل طارق، وربما الإصلاح هو أكبر مكوّن سياسي في الشرعية، ودوره على المستوى الوطني أقوى بكثير، ولا يحتاج للدفاع أو للتبرير».
واستدرك: «لكن الإصلاح في الحقيقة كان هدفًا للعمليات العسكرية للتحالف — للأسف الشديد، ورأينا كيف استُقدِم مقاولو قتل أجانب إلى عدن بتمويل من الإمارات — للأسف».
وأردف: «إذن نحن لا نتحدث عن مؤامرة فحسب، بل عن إجراءات وعن قتل سياسي مستمر حتى هذه اللحظة؛ نريد أن نتجاوز هذه الملفات السوداء».
وقال: «نرى منشآت عسكرية تُنفذ في محافظة تعز وفي باب المندب وفي جزيرة ميون — منشآت عسكرية لا علاقة لها بالدور السيادي للجمهورية اليمنية؛ هذه منشآت عسكرية مُجرّدة بالكامل للنفوذ الأجنبي الخارجي».
وأضاف: «أعتقد أن هذا النوع من المنشآت العسكرية يكرّس الأطراف اليمنية كبيادق على طاولة الشطرنج — للأسف — سواء في تعز أو في الساحل أو في عدن».
وأوضح: «كلهم يخضعون للنفوذ الخارجي، ويتم التحكم بهم، وهذا السبب الذي يجعلنا نبدوا متناقضين عندما نتحدّث عن تصالح وحسن نية بينما في الحقيقة رسائلنا السياسية والإعلامية تقول عكس ذلك تمامًا، وتمارس نوعًا من تصفية الحسابات».