تقارير

احتياج محلي أم فرض خارجي.. ما الجديد الذي يحمله بن مبارك لليمنيين؟

10/02/2024, 07:02:55

بعد فترة من التكهنات والتسريبات، أُعلن عن تعيين أحمد بن مبارك رئيسا جديدا لمجلس الوزراء خلفا لمعين عبدالملك.

لطالما كانت الانتقادات توجَّه لمعين عبدالملك من أكثر من مكان، حتى من شركائه في الحكومة، وتصاعدت مؤخرا مع الانهيار الكبير للعملة الوطنية، وما تبعه من تدهور اقتصادي.

تعيين بن مبارك على رأس الحكومة الشرعية احتياج محلي أم مفروض من الأطراف الخارجية؟!

- الوقت والمكان الصحيحين

يقول المحلل السياسي الدكتور عبدالوهاب العوج: "تعيين الدكتور أحمد عوض بن مبارك جاء في الوقت الصحيح وفي المكان الصحيح"، مرجعا ذلك لعدة أسباب".

وأضاف: "أنا أعرفه منذ وقت طويل، ومنذ أيام دراستنا للدكتوراة، هو رجل قيادي، يمتلك كاريزما القيادة، خريج إدارة واقتصاد، كنا في جامعات بغداد، مشهود له -حينما كنا في صفوف حزب البحث- بأنه رجل متمكن، يؤدي الأعمال في وقتها، تلا ذلك تعيينه أمينا عاما للحوار الوطني، أثبت نجاحات، وكان أحد رجال الساحات في صنعاء، وكنا على تواصل دائم".

وتابع: "أنا على قناعة تامة أنه يمتلك كثيرا من الأوراق، التي ستخدم عملية التغيير".

وأشار إلى أن "التغيير لم يكن بعصا سحرية، وتغيير فجائي وكبير، لكنه سيكون أفضل حالا بكثير من ما ارتكبه الدكتور معين عبد الملك، الذي أحدث خللا كبيرا في الأوامر المباشرة، وفي ضرب القوانين".

وزاد: "الفساد صاحب مرحلته (معين)، سواء في الاتصالات أو في قضايا الشراء المباشر، المشتقات النفطية، قضية الكهرباء كثقب أسود، قضية العقود النفطية، وقضية بيع ميناء قشن لشركات، وكان يسند لشركات لم تكن موجودة، ولا تشتغل في المجال".

ويرى أن "الدكتور أحمد بن مبارك جاء أيضا في ظرف تغيّر المشهد، وهناك توجه أمريكي - بريطاني لإصلاح الحال بحيث يكون لهذا اليمن استقرار، وأن لا يتحول إلى صومال آخر يهدد الملاحة الدولية والوضع على المستوى الإقليمي والدولي".

يتوقع الدكتور العوج أن "أمريكا وبريطانيا ستفرضان نوعا من التدخل على السعودية والإمارات بتقليل المشاكسات فيما بينهم، والاهتمام بالوضع اليمني؛ لأن القضية خرجت عن السيطرة، ولا يريدون لمليشيا الحوثي أن تسيطر على باقي الجغرافيا اليمنية" حسب قراءته.

وخلص إلى القول إن "الدكتور أحمد عوض بن مبارك يمتلك عدة أوراق تؤهله لأن ينجح، ويكون هذا النجاح شاملا كاملا، لكنه سيكون تدرُّجيا أفضل ممن سبقه، خاصة وأن ملفات الفساد، التي صاحبت الدكتور معين عبدالملك، هو مطلع عليها، ويفهم تفاصيل الوزراء، ونقاط القوة والضعف في الحكومة، وسيعمل عليها بوجود دعم سعودي واضح؛ لأن الانتقالي أراد أن يعين أحد أعضائه كرئيس للحكومة" حسب وجهة نظره.

وأضاف: "هناك عوامل ستلعب دورها في اليمن، وهذه العوامل المؤثرة على الساحة المحلية هي انعكاس أيضا للعوامل المحلية والاقليمية والدولية"، مشيرا إلى أنه "يجب قراءة الواقع قراءة صحيحة لا قراءة تشاؤمية".

وأوضح أن "الأمريكان والبريطانيين والسعوديين والإماراتيين يريدون أن تستقر اليمن بالحد الأدنى، وأن لا تتحول إلى صومال جديد ينفرط عقدها"، مستدركا: "اليمن منفرط عقدها منذ 2014، لكنهم لا يريدون لهذا الانفراط أن يخرج عن السيطرة".

وتابع: "الحوثي حينما يخرج عن الخطوط الحمراء ستضطر أمريكا وبريطانيا أن توعزا للإمارات والسعودية بتخفيف التشاكس داخل اليمن، ومحاولة إيجاد حكومة نوعا ما تحاول أن تنجح في الملفات الاقتصادية، وأن تقلل الفساد الموجود في الحكومة السابقة، وتحاول أن تعمل توازنا بحيث تجابه المليشيات الحوثية من خلال القوة اليمنية".

واستطرد: "الأمور تغيرت دوليا وإقليميا، وهناك عامل مؤثر كبير جدا هو أن الحوثيين يهددون الملاحة الدولية، وليس فقط أمريكا وإسرائيل فقط"، مؤكدا أن "الحوثيين متفقون مع الأمريكان لتدويل البحر الأحمر..".

وزاد: "هناك دول وازنة، مثل روسيا والصين واليابان والاتحاد الأوروبي ستتأثر بهذا الأمر، ولهذا يجب أن نستفيد من هذا الأمر ونستغله في الوقت المناسب ولا ننتظر الأيام، ويكون لدينا الاستعداد لتقديم التضحيات".

وأشار إلى أن "اليمن لن يتحرر من مليشيا الحوثي بأن تأتي قوات أمريكية لتحرره"؛ قائلا: "نحن من نحرر أنفسنا بدعم، والغرب عموما هو يؤمن بمنطق القوة والسيطرة على أرض الميدان".

- المسألة ليست في الأشخاص

بدوره، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، الدكتور عبدالباقي شمسان: "نحن في وضعيةِ -على المستوى المحلي وعلى المستوى الدولي- صناعةِ واقعٍ جديد، ومتغيراته على المستوى الإقليمي وعلى المستوى المحلي".

وأضاف: "المشكل في اليمن ليس بمعين ولا بأي رئيس وزراء، حتى لو جينا بمهاتير محمد يدير الشأن اليمني، المشكل الآن هو أنه لا بُد عندما نؤسس لحكومة -في هذا التوقيت- أن تكون لهذه الحكومة مؤسسات، وجغرافيا، ورؤية للمحلي والإقليمي والدولي".

وأوضح متسائلا: "كيف يمكن لرئيس حكومة جديد أن يدير أو يصنع القرار والقرار في المناطق الجنوبية خارج نفوذه، وفي مناطق هيمنة الحوثي خارج النفوذ، وفي ما يسمى بالشرعية محل تضارب مصالح، هذا على المستوى المحلي".

وتابع: "وعلى المستوى الدولي، هناك صراع على الممرات الدولية، بمعنى أن هناك طريق الحرير الصيني، وبالتالي هناك طريق بن جوريون، وهناك طريق يمر من الإمارات يمر على السعودية وعلى الأردن وعلى إسرائيل منافس لقناة السويس".

وزاد: "هذا يعني أن البحر الأحمر لا بُد منطقيا أن يظل لفترة طويلة خارج السيطرة، وبالتالي سيظل القصف للحوثيين قصفا لمخازن السلاح أو مواقع تنفيذ الهجوم؛ لأن هناك تخطيطا دوليا للعودة إلى الجغرافيا في الشرق الأوسط، ولا بُد أن توجد قوات بريطانية وأوروبية في كل الممرات الدولية".

ويرى أن "هناك تحولا يشبه سايس بيكو في المنطقة، وهناك صراع على تحديد نفوذ إيران ونفوذ إسرائيل في المنطقة، بحيث يتم تأسيس مشروع أبراهام، الذي يقوم على التطبيع مع إسرائيل مقابل خفض تهديد إيران، هذا واقع دولي".

وتابع: "الواقع المحلي، كيف يمكن أن نعول على أن معين عبدالملك، سواء كان سكرتيرا للسفير السعودي أو لغيره، أن يحدث فارقا بينما رئيس الحكومة ينبغي أن يكون لديه مؤسسات، وما يسمى بمؤسسة السيادة وإدارة الإدارة العامة، وهو لا يستطيع أن يحمي سكنه الخاص؛ لأن هناك مشروعا آخر إماراتيا في المناطق الجنوبية، وهناك صراع سلطنة عُمان مع دول خليجية أخرى على بعض المناطق في اليمن، وهناك الحضور السعودي".

ويرى أن "المسألة ليست في ارتباط الأشخاص، المسألة الآن هل هناك سلطة وطنية قادرة على أن تكون ممثل الإرادة الوطنية، وتدرك التحولات الدولية".

وبيّن أن "الموضوع الخارجي والموضوع الداخلي، لا معين عبدالملك ولا رشاد العليمي، ولا حتى بن مبارك هو قادر على أن يدير الشأن".

واستطرد: "لا بد لأي شخصية أن تدير الشأن اليمني أن يكون لديها رؤية ما فوق وطنية، رؤية وطنية، رؤية لما قبل وطنية، بإدراك كامل وسلطة لممارسة السيادة".

وقال: "نحن في مرحلة في غاية الخطورة، هناك صراع دولي على المنطقة، هناك تواجد عسكري دولي في البحر الأحمر وغيره".

وأضاف: "البحر الأحمر سيظل محل صراع ومحل انفلات أمني؛ لأنه خلال هذه الفترة سيتم فتح طريق بن جوريون، وسيتم فتح طريق بري بين السعودية والإمارات والأردن إلى إسرائيل، وبالتالي تظل اليمن غير مستقرة".

وتابع: "العليمي وبن مبارك هما مجرد موظفَيْن لدى دول التحالف، وعلاقاتهما بالغرب وبدول التحالف مرتبطة بالممول"، قائلا: "لا أعتقد أن العليمي أو بن مبارك شخصيات تمثل الإرادة الوطنية، أو أنها قادرة على تغيير القرار الدولي".

تقارير

عودة مساعي السلام في اليمن.. نوايا جادة أم إعادة تدوير الأزمة؟

هل بالإمكان تحقيق السلام في اليمن عبر الحوار والحلول السياسية بعد نحو عشر سنوات من جولات الحوار الفاشلة وجهود السلام التي كانت نتيجتها الوحيدة إطالة أمد الحرب وتعقيد فرص السلام وتعطيل الحسم العسكري؟ لعل من الأمور المحيرة في الأزمة اليمنية ذلك النفس الطويل الذي يتمتع به دعاة السلام في اليمن، فدول عظمى، وأخرى إقليمية، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، تدعو إلى تحقيق السلام في البلاد، وترسل المبعوثين وتعقد اللقاءات لأجل هذا الغرض، رغم أنها جميعا تعلم أن الأزمة اليمنية لم تعد قابلة للحل السياسي، وأنه كلما طال أمد الحرب ازدادت الأوضاع تعقيدا، وازدادت معها العقبات أمام مساعي تحقيق السلام. في 19 نوفمبر الجاري، اختتم المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارته إلى العاصمة العمانية مسقط، التي أجرى خلالها مباحثات مع الشيخ خليفة علي عيسى الحارثي، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، بالإضافة إلى عقد لقاء آخر مع محمد عبد السلام، مسؤول فريق التفاوض التابع للحوثيين، في إطار الجهود الهادفة إلى دفع عملية السلام واستعراض آخر مستجدات الملف اليمني. بدوره، جدد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هاميش فالكونر، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة المؤقتة عدن، في 20 نوفمبر الجاري، تأكيد التزام بلاده بدعم جهود السلام في اليمن. - السياق الإقليمي ووهم السلام بدأت مساعي السلام في اليمن منذ ما قبل اندلاع الحرب بسنوات، وتحديدا في صيف 2011، عندما وصل أول مبعوث أممي إلى اليمن، جمال بن عمر، لكن تلك المساعي لم تحقق نتيجة تذكر، وفشلت في احتواء التوترات ومنع اندلاع الحرب، وبعد اندلاعها لم تفلح مختلف المساعي في إجبار الحوثيين على القبول بعملية السلام. وبعد كل سنوات الحرب تلك وما تخللها من مساعٍ لتحقيق السلام باءت جميعها بالفشل، وتعقد الأوضاع محليا وإقليميا، فإنه ما زال هناك من يراهن على تحقيق السلام في اليمن عبر الحوار والحلول السياسية، رغم أن السياق الإقليمي بعد الحرب على قطاع غزة لا يشجع على التسوية السياسية السلمية في اليمن وإنما زادها تعقيدات إضافية إلى تعقيداتها السابقة. فإذا كانت مليشيا الحوثيين ترفض القبول بالسلام في سنوات سابقة، فكيف ستقبل به بعدما أصبحت ترى أن الأمور آلت لمصلحتها، وتعتقد أنها باتت فاعلا إقليميا بعد انخراطها ضمن المحور الإيراني خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ووظفت هجماتها الرمزية على الكيان الإسرائيلي لتعزيز وضعها في الداخل اليمني. وبالتزامن مع مساعي السلام في اليمن، ظل السلاح الإيراني يتدفق للحوثيين بلا انقطاع، حتى أصبحت مناطق سيطرتهم بمنزلة قاعدة عسكرية إيرانية متقدمة، تستخدم لتهديد الملاحة الدولية عبر البحر الأحمر، فضلا عن تهديد بعض دول الجوار، مع توظيف القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية. وفي الوقت الذي يتشكل فيه مزاج إقليمي ودولي ضد إيران ومليشياتها في المنطقة، لكن ما يبدو حتى الآن أن هذا المزاج لا ينعكس بالضرورة على الملف اليمني، وأصبح الحديث عن السلام في اليمن والجهود التي تُبذل في هذا الجانب وكأنها صفقات ضمنية تُمنح للحوثيين بحجة "الحفاظ على التهدئة" أو "ضمان عدم توسع الحرب"، وتحول الملف اليمني من قضية حرب وسلام إلى مساحة للمساومات، وأحيانا إلى ورقة بيد لاعبين إقليميين يفضلون بقاء الوضع معلقا على أن يصل إلى مواجهة مكلفة. وليست مبالغة القول إن جهود السلام في اليمن، الإقليمية والدولية، منحت مليشيا الحوثيين مساحة واسعة للمناورة، فبدلا من أن تُعامل على حقيقتها كمليشيا انقلابية مصنفة إرهابية ومرتبطة بسياسة إيران التخريبية في المنطقة، يعاد تدويرها كطرف سياسي على أمل التفاهم معه، رغم أنها ترفض أي عملية سلام حقيقية تقوم على التنازل المتبادل أو المشاركة الفعلية في الدولة. وفي الواقع، فإن مساعي السلام التي استهلكت الوقت وأجلت الحسم العسكري، كان واضحا أنها رسخت هيمنة الحوثيين على الأرض، ومنحتهم فرصا إضافية لتعزيز قوتهم العسكرية. وكلما طال هذا التراخي، يصبح الحديث عن "حل سياسي" مجرد ترف لغوي لا مكان له في معادلة الصراع. وتكمن المشكلة الرئيسية لدعاة السلام في اليمن في غياب الإرادة والجرأة على التعامل مع الطرف الذي يعطل السلام، ولذلك تبدو تلك الجهود وكأنها تطبيع مع الأمر الواقع، والنتيجة أن مساعي السلام ستظل تدور في الحلقة نفسها: جهود لا تثمر أي نتيجة، وواقع محلي وإقليمي يفضل تأجيل مواجهة الحقيقة. وما لم يُكسر هذا النمط، ستبقى مساعي السلام مجرد عنوان تضليلي لحرب معلقة تستمد أسباب استمرارها من التواطؤ مع الحوثيين أكثر مما تستمده من الوقائع على الأرض. - لماذا التسوية السياسية مستحيلة؟ رغم أن الحرب في اليمن استنزفت الجميع، ولم يعد لدى مختلف الأطراف ما يكفي من الحماس للعودة إلى معارك واسعة كتلك التي كانت في بداية الانقلاب الحوثي وعملية "عاصفة الحزم"، إلا أن هذا الإرهاق العسكري لا يخلق بالضرورة بيئة صالحة للتسوية السياسية. فالحرب التي عجزت عن تمكين أي طرف من تحقيق أهدافه كاملة، لن يعوض فشلها باتفاق سياسي هش، يقوم على قاعدة "لا رابح ولا خاسر"، بينما الوقائع على الأرض تقول العكس، فهناك أطراف حققت مكاسب ميدانية كبيرة أو حصلت عليها عبر التنازلات، وأطراف بلا مكاسب ميدانية تُذكر، وأخرى لا تملك أي شيء أصلا، ولذا كيف يمكن إقناع من لديه مكاسب كبيرة بالتنازل ولو نسبيا لمصلحة أطراف أخرى؟ ومع هندسة التحالف السعودي الإماراتي للوضع في اليمن عسكريا وسياسيا، وتفتيت السلطة الشرعية بين أطراف متنافرة، بقيت السلطة الشرعية بمفهومها القانوني الحلقة الأضعف في معادلة الصراع، يجسد ذلك الانقسامات بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، الذي يبدو عاجزا عن إدارة موقف موحد ضد مليشيا الحوثيين. كما لا يمكن إغفال أن مساعي السلام مكنت الحوثيين من أن يجعلوا كلفة السلام على خصومهم أعلى بكثير من كلفة الحرب، ذلك أنهم أعادوا تعريف أولويات المفاوضات، وحولوا القضية الوطنية إلى ملفات صغرى: فتح طريق هنا، أو صرف رواتب هناك، أو فتح مطار، أو تخفيف حصار ميناء. والعجيب في الأمر أن الأطراف الأخرى ودعاة السلام انساقوا وراء الحوثيين في تجزئة القضية الوطنية، وتغافلوا عن مسألة السلاح والسيطرة وفرض الحوثيين للأمر الواقع. وإذا توفرت إرادة سياسية حقيقية، فإن الحسم العسكري المفضي إلى سلام دائم قد يتحقق خلال أسابيع قليلة بكلفة معروفة ومحدودة نسبيا، بينما السلام القائم على التنازلات المتتابعة سيظل يراوح مكانه لسنوات، ويغذي حالة اللاحرب واللاسلم، قبل أن تنفجر الأوضاع مجددا في معركة قد تكون أشد كلفة من خوض الحسم في اللحظة الراهنة، وهي معركة قادمة لا محالة، وسيبادر الحوثيون إلى إشعالها بعد أن يراكموا مزيدا من القوة العسكرية حتى يروا أنها أصبحت كافية لخوض معركة واسعة. هذا السيناريو الأكثر احتمالا يؤكد أن أكبر عقبة أمام السلام في اليمن تتمثل في بنية مليشيا الحوثيين نفسها، فهي تحمل مشروعا عقائديا مغلقا، طائفيا وسلاليا، يرفض وجود الآخرين أصلا، فضلا عن مشاركتهم في السلطة، ولذلك فهي لا تريد تسوية دائمة، وإنما هدنة مقنعة تسمح لها بتعزيز قواتها، تمهيدا لجولة قادمة من الحرب، ستكون أشد عنفا من سابقاتها، وستجبر الآخرين على الانخراط في المعركة الحاسمة. الخلاصة، قبل أي حديث عن تسوية سياسية في اليمن، يجب الاعتراف أولا بأن "لحظة النضج" التي تجبر مختلف الأطراف على التفكير بالحل السلمي والقبول به لم تولد بعد، وهذه اللحظة لا تأتي إلا عندما تتغير معادلة القوة على الأرض، فيتراجع الطرف القوي ويصعد الطرف الضعيف، وتبدأ مرحلة الألم المتبادل التي تجعل الجميع يدرك أن الحسم مستحيل. لكن في ظل الوضع الراهن في اليمن، لا توجد مؤشرات على أن أي طرف وصل إلى هذا الإدراك، ولا توجد بيئة تدفع نحو حل وسط أو استعداد حقيقي للخروج من دائرة الحرب، فالجيوش والمليشيات متقابلة في خطوط التماس، والفاعلون الأجانب لا يرغبون في الحسم العسكري وليسوا جادين بشأن السلام الذي لا يمكن أن يتحقق تحت فوهات البنادق.

تقارير

لم يبقَ له شيء.. مأساة مستثمر يمني يتجرد ظلمًا من الممتلكات والهوية في السعودية

بعد سنوات طويلة من العمل والغربة، وادخار رأس مال لافتتاح مشروعه الخاص، وجد المغترب في المملكة العربية السعودية بليغ محمد صالح المقرمي نفسه ضحية لظلم النافذين الذين لم يتحملوا رؤيته يسطر قصة نجاحه بعرق الجبين وكفاح السنين، فحاكوا حوله المؤامرات ليسلبوه كل ما حققه من إنجاز.

تقارير

إغلاق المحلات وشلل تام.. تجار الأقمشة في صنعاء يواجهون قرارات مليشيا الحوثي الضريبية

أشعلت القرارات الضريبية والجمركية، التي فرضتها مليشيا الحوثي، توتراً واسعاً داخل العاصمة صنعاء، بعدما اتخذت النقابة العامة لتجار الملابس والأقمشة قراراً بالإضراب الشامل، احتجاجاً على ما وصفته بـ«إجراءات جائرة» تستهدف القطاع التجاري وتضاعف من معاناة الأسواق والمستهلكين. وأكدت النقابة أن خطواتها الاحتجاجية مرشحة للتصعيد، ما لم تتراجع سلطات المليشيا عن القرارات الأخيرة الصادرة عن وزارة المالية.

تقارير

الملف اليمني في واشنطن.. لماذا تراجع خلف إيران وغزة والبحر الأحمر؟

كثير من الأسئلة رافقت زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن، وكان أبرزها متعلقًا بملف الأزمة اليمنية، حيث لم ترد حتى الآن أنباء واضحة عن توجهات الطرفين بشأن هذا الملف. عادة ما تُناقش الملفات الأمنية في جلسات مغلقة، مما يصعّب الوصول إلى معلومات دقيقة حول موقفهما من اليمن.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.