تقارير
اتهامات وتصريحات متضاربة.. ما خفايا الأنبوب النفطي في حضرموت؟
في ظل صراع الرؤوس الكبيرة داخل مجلس القيادة الرئاسي، تأتي فضيحة حضرموت، حيث كشف عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء فرج البحسني، ومن خلال نزول ميداني، عن وجود أنبوب نفطي غير قانوني متصل بخزانات حقل الضبة، إذ يتم تحويل النفط مباشرة عبره إلى مصفاة غير مرخصة وفق ادعائه.
الصدمة التي أحدثها البحسني وجدت صداها لدى محافظ حضرموت، مبخوت بن ماضي، الذي أكد وجود وحدة تكرير في محطة الريان تحت مظلة التنسيق الرسمي، بعد مخاطبة الجهة العليا واطلاعها على الأمر وبالتنسيق مع وزارة النفط وشركة بترو مسيلة.
في المقابل نفت شركة بترو مسيلة أي صلة لها بالأنبوب المكتشف، والمرتبط بوحدات تكرير النفط بالقرب من ميناء تصدير النفط الخام في الضبة، وأكدت أن لا صلة لها بأي أعمال إنشائية أيا كانت تتم خارج حدود وأسوار ميناء الضبة ومنشآته.
من جانبها، أكدت وزارة النفط في الحكومة الشرعية، أن الأنبوب جزء من مشروع رسمي متوقف منذ سنتين.
تضارب التصريحات يعكس صراع المصالح بين السلطات، ويكشف عن ثغرات كبيرة في إدارة الموارد النفطية، ما يزيد المشهد تعقيدا ويطرح تساؤلات حول مدى الشفافية في إدارة هذه المنشآت، خاصه في ظل غياب المساءلات الفعلي.
قضية فساد أم مناكقات
يقول المحلل السياسي والخبير النفطي حسن مغلس، المشكلة اليوم، أننا نتكلم عن قيادات كبيرة في الدولة، وليست سهلة، الأول عضو مجلس الرئاسة، والثاني محافظ محافظة حضرموت، فالقضية أصبحت في هرم السلطة، ولم نعد ندري هل هي قضية فساد أم مناكفات.
وأضاف: البحسني هو عضو مجلس رئاسة، والآن يبحث عن بعض الأشياء اللي تخص المحافظة، ومن حقه كعضو مجلس الرئاسة أن يبحث ليس في حضرموت فقط، فأي عضو مجلس رئاسة، فهو لليمن عليه أن ذهب إلى عدن وإلى المخا وتعز ومأرب، لكن أن يتخصص البحسني في حضرموت وبدأ يضايق السلطة المحلية
وتابع: الشيء الحاصل في موضوع مضايقة السلطة المحلية، أن كل شخص يبدأ يبحث للآخر زلات، والمشكلة هي تقريبا خاصة، لكن هل فعلا الموضوع موضوع أنبوب؟ وهل ما كشف عنه صحيح؟ أم أنه أنبوب قديم؟
وأردف: أنا أعتقد أن ما قاله المحافظ مبخوت بن ماضي، هو الصحيح، وما قالته وزارة النفط أيضا، لكن هل البحسني عندما كان محافظا لحضرموت، كان لا يعرف بأن هناك أنبوب؟ لماذا حضر الموضوع الآن؟
وزاد: هذا الأنبوب غير مربوط بميناء الضبة مباشرة، إنما إلى ما قبل الميناء، وهو معطل، وإذا كانت هناك مصفاة تشغيلية صغيرة مرخصة مرتبطة به، كما تقول وزارة النفط، فهذا من حق حضرموت.
وقال: من حق اللواء فرج البحسني، أن يبحث ويراقب لكن توجيه التهم والتوجيه بتوقيف واعتقال للمدراء، بهذه السرعة خطأ، كان يفترض أن يقوم بذلك إذا كان معه أدلة حقيقية يقدمها للقضاء.
وأضاف: العملية لم تكن تحتاج إلى هذا الصخب كله، إذا كان هناك فعلا فساد، نحن قبل كم أسبوع ناقشنا موضوع سبع قضايا فساد على مستوى الجمهورية، هل تم البحث في واحدة من هذه القضايا؟
قضية فساد
يقول الصحفي عبد الجبار الجريري، إن هذه المشكلة وهذه القضية هي قضية فساد بشكل واضح جدا وهذه القضية قد تحدث عنها حلف قبائل حضرموت، من قبل، وتحدث بأن هناك تهريب للنفط، ونهب للنفط الخام وتصدير بشكل غير شرعي وغير دستوري.
وأضاف: ما يحدث الآن أن قضية الأنبوب أخذت حيزا من الاهتمام، وهي بحد ذاتها ليست القضية الأساسية، بل القضية الأساسية هي قضية إنشاء مصافي لتكرير النفط بشكل غير شرعي وغير دستوري، في الريان.
وتابع: هذه المصافي التي أعلنت السلطة المحلية، أن هناك بيان رسمي لها، بأنها أنشأتها من أجل تعزيز كمية الديزل لكهرباء حضرموت، هذا يتناقض تماما مع ما يحدث وهو أن الديزل الذي تحصل عليه كهرباء المكلا من شركة بترومسيلة.
وأردف: وجود هذه المصفاة النفطية يضع علامات استفهام كثيرة، متى تم إنشاء هذه المصفاة النفطية؟ وما حجم الكميات من النفط التي تقوم هذه المصفاة بإنتاجها؟ وأين تذهب هذه الكميات؟ وأين تذهب عائداتها؟
وزاد: أنبوب النفط المكتشف هذا يتعلق بما تم التوقيع عليه في عام 2023 من قبل الحكومة اليمنية ممثلة بوزير النفط مع شركه مليح الإماراتية، وقضت تلك الاتفاقية أن شركة مليح الإماراتية عليها إنشاء مصافي في الضبة، وهذه المصافي بعد 15 سنة من توقيع هذه الاتفاقية تمنح للحكومة اليمنية عائدات وقدرها 2% من فوائد هذه المصافي، وهذا الأنبوب يتعلق بهذا الموضوع وبهذا المشروع.
وقال: بدأ إنشاء هذا الأنبوب، لكن المشروع، لم يكتمل بشكل كامل لأن تلك الصفقة التي وقعت آنذاك كانت مشبوهة وغامضة، واليمن ستخسر منها.
وأوضح: هذا الأنبوب يتعلق بهذا الجانب، أما فيما يتعلق بالقضية الأساسية التي تشهدها اليوم حضرموت وهي قضية تهريب النفط الخام وتصدير النفط الخام وتصفية هذه النفط في ظل أن هناك حديث حكومي وحديث للسلطة المحلية سابقا، أن هناك كميات هائلة من النفط الخام موجودة في ميناء الضبة ولا يتم تصديره، لأن الحوثيين في عام 2022، هددوا بقصف الميناء، بل وقصفوا بعض الأماكن في الضبة، ومنعوا تصدير النفط منذ ذلك الوقت.
وأضاف: كل ما قالته الحكومة والسلطة المحلية، من أنه لا يوجد عملية لتصدير النفط، اتضح أنه كلام كاذب وعار عن الصحة، بدليل أن هناك الآن يتم تصفية النفط الخام في هذه المنشآت غير الدستورية، التي أنشئت بشكل مفاجئ وتم الإعلان عنها ايضا حتى أثير الرأي العام في حضرموت.
وتابع: نحن في حضرموت لم نسمع من قبل عن افتتاح مصافي لتكرير النفط في هذه الأماكن، وبالتالي الإعلان عن وجود هذه المصافي، وجه صفعة للرأي العام لأن البترول والديزل، يباع في السوق المحلي ب 1500 ريال للتر الواحد، والسلطة دائما تتحدث عن هذه الكميات الموجودة في السوق المحلي، بأنه يتم استيرادها من الخارج.
وأردف: الموضوع الآن اتضح أن النفط الخام يصفى في هذه المصافي ويتم بيعه كديزل وبترول للمواطنين في محافظة حضرموت بسعر تجاري، وهذه كارثة بذاتها، تستوجب تدخل المجلس الرئاسي، لمعاقبة هؤلاء المتورطين في نهب خيرات البلاد وهدر هذه الطاقة.
تهم سقطت
يقول الكاتب السياسي ورئيس تحرير صحيفة عين الأهلية عبدالحكيم الجابري، بالنسبة لهذا الموضوع تم إثارته في الأيام الأخيرة وتصدر المشهد اللواء فرج البحسني عضو مجلس القيادة، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، ومن حق كل محافظ محافظة أن يجتهد في توفير الإمكانيات التي يجب أن تسير الحياة.
وأضاف: هذا ما قاله محافظ محافظة حضرموت، مبخوت بن ماضي، في توضيحه الأخير للرأي العام حول ما أثير عن هذا الجانب حول المصفاة، وكذلك أوضحت وزارة النفط في بيان تفصيلي بشأن ما أثير من لغط حول وجود أنبوب، قيل أنه يمتد من خزانات ميناء الضبة التابعة لشركة ميترومسيلة، إلى أحد الأحواش.
وتابع: لكن وزارة النفط في بيانها التفصيلي أثبتت أن لا وجود لمثل هذا الأنبوب الذي يأخذ الوقود من داخل خزانات ميناء الضبة إلى مكان آخر، إنما هو أنبوب قديم، لمشروع سابق تعثر ولم يتم تنفيذه.
وأردف: الضجيج الآن يجري حول عملية تكرير النفط في المصفاة المكتشفة، وما أكد أيضا صحة بيان وزارة النفط، هو البيان الأخير الذي صدر من شركة بترومسيلة، الذي أكدت فيه أنه لا وجود لأنبوب يأتي من خارج سور ميناء الضبة، وبالتالي هذه التهم تسقط وتتفكك.