أخبار محلية

الضالع.. كارثة صحية تهدد سكان الحصين جراء ارتفاع نسبة الفلورايد في المياه

15/06/2025, 16:35:06
المصدر : محيي الدين الشوتري

إلى الشمال الشرقي من محافظة الضالع -جنوب اليمن، تقع مديرية الحُصين التي تشهد أزمة صحية حادة جراء ارتفاع نسبة الفلورايد في مياه الشرب إلى نسب مرتفعة، حيث وصلت إلى نسبة 11.2 وفق تقرير صادر عن وزارة المياه والبيئة في الحكومة المعترف بها دوليًّا في العام 2021، وهو ما خلق إصابات مهددة للعشرات من الأطفال والنساء المصابين بالكساح وتشوه العظام والأسنان في العديد من مناطق المديرية، دون وجود حلول ناجعة تُبعد شبح هذه الكارثة الصحية في مناطق المديرية.

يقول عبد الهادي ناجي، وهو ناشط مجتمعي ل"بلقيس"، إن العديد من مناطق مديريتي الحُصين والأزارق تعاني من ارتفاع نسبة الفلورايد في المياه، لكن قرى "لكمة الأشعوب، ومَرفد، وثوبة، والوَعرة، وحَجر"، تتركز فيها النسبة الأعلى من ارتفاع الفلورايد في المياه وحالات التشوهات التي تصيب الأسنان والعظام، حيث تجاوزت نسبة الفلورايد 11، في حين تحدد منظمة الصحة العالمية النسبة الصحية الطبيعية بـ 1.5، وهو الأمر الذي فاقم معاناة الأهالي خلال العشرات من السنوات الأخيرة، بعد اضطرار الأهالي لنقل الأطفال المصابين إلى المستوصفات الصحية، وإجراء فحوصات في المختبرات الطبية، واستخدام أجهزة طبية مكلفة تفوق قدرات السكان المالية، الذين يعتمد غالبيتهم على الدخل المحدود.

وأضاف ناجي: "جميع المبادرات والجهود التي بُذلت من قِبل بعض الهيئات المجتمعية الطوعية ووسائل الإعلام، للفت انتباه الجهات الحكومية والمنظمات الدولية، لم تُسهم حتى اللحظة في وضع حدٍ لمعاناة أهالي قرى المديرية، وما زال الأهالي يعتمدون على هذه المياه لعدم وجود مصادر مياه أخرى بديلة". 

وأشار ناجي إلى أن "الجفاف الذي عانت منه العديد من القرى، في السنوات الماضية، جعل البعض يعمل على تعميق حفر الآبار، وهو ما أدى إلى تزايد ارتفاع نسب الفلورايد، وهي لم تكن موجودة في السنوات السابقة، بيد أن عمليات تعميق حفر الآبار التي تجاوزت 700 متر في بعض المناطق، أدّت إلى اختلاط الفلورايد بالماء وتزايد هذه النسبة، وهو ما انعكس سلبًا من خلال خلق حالات التشوه لدى الأطفال".

ويتراجع نصيب الفرد في اليمن من المياه النقية سنويًّا، حيث تهبط معه نسبة توفير المياه بنسبة 25%، حيث تستهلك شجرة "القات"، التي يتم زراعتها في مختلف المناطق اليمنية، أكثر من 40% من المياه المستخدمة في البلد، جراء الحفر العشوائي لتلبية الطلب المتصاعد على إنتاج نبتة "القات".

بدوره، يقول أحمد مسعد، شخصية اجتماعية من سكان منطقة العقلة في الحُصين: "إن مرض تسوّس الأسنان، وهشاشة العظام، والكساح، تفشّى بشكل كبير خلال الخمس السنوات الماضية في المنطقة".

وأضاف لبلقيس: "لم تكن هذه الأمراض معروفة من قبل، ولا سيما في فئتي الأطفال والنساء، جراء مياه الشرب ووجود نسبة عالية من مادة الفلورايد بها، من خلال الفحص الذي تم لعيّنة المياه في مختبرات خاصة في العاصمة صنعاء، حيث اتضح أن النسبة العالية من مادة الفلورايد في المياه تجاوزت 7 ملغ لكل لتر من الماء، في حين أن المعدل الطبيعي يفترض ألا يتجاوز 1 ملغ لكل لتر ماء، وهذه من الأسباب التي أدت إلى تفشي هشاشة العظام".

وتابع: "تسبب الحفر العشوائي للآبار الجوفية في اختلاط مادة الفلورايد السامة بالماء، فأثّر سلبًا في ظل عدم وجود مياه نقية أخرى، فتفاقمت المشكلة، وأدى إلى تزايد عدد الأطفال والنساء المصابين في مناطق مديرية الحُصين والأزارق بهشاشة العظام والتسوّس والكساح".

وأكد أن "عدد المصابين تجاوز أكثر من 1200 مصاب خلال الخمس السنوات الماضية، جراء شرب المياه". 

وأوضح: "بعض الأهالي استغنوا عن هذه المياه وقاموا بشراء مياه صحية، فتحسّنت لديهم الحالات المصابة وانخفضت النسبة عمّا كانت عليه أثناء استخدام هذه المياه".

وأردف: "لا توجد حتى اللحظة خطط واضحة وجدية لمجابهة هذه الكارثة والتغلّب عليها، حيث وجدت بعض المنظمات الدولية صعوبة في استخدام فلاتر تنقية هذه المياه من الفلورايد نظرًا لكلفة استخدامها".

وزاد: "ولذا، فإن المعاناة ستستمر، خاصة إذا ما علمنا بضعف قدرات المواطنين في تحمّل كلفة الحفر في ظل الأوضاع المزرية".

وبيّن: "بعض الآبار، التي قامت بحفرها بعض المنظمات في السنوات الأخيرة، جفّت، ومخزونها المائي قليل جراء الحفر البسيط الذي كان يتم تنفيذه".

وحذّرت دراسة لمركز SOUTH24 للأخبار والدراسات أن الأزمة في مديريتي الحُصين والأزارق بالضالع وصلت إلى مستويات متقدّمة من الخطورة، ولوحظ ذلك في التشوهات الظاهرة على السكان من خلال لِين العظام وتلف الأسنان، مما قد يؤدي مع مرور الوقت إلى كارثة بيئية وصحية قد تتسبّب في الإعاقة الدائمة أو الوفاة على المدى المتوسط والبعيد. 

كما أن استمرار شرب المياه الملوثة في مديريات محافظة الضالع سيؤثر بصورة عميقة على مستوى الصحة الإنجابية.

وأشارت الدراسة إلى أن شجرة "القات"، التي يتم زراعتها في مختلف مناطق اليمن، تستحوذ على 40% من المياه المستخدمة في البلاد، إذ دأب المزارعون على حفر المزيد من الآبار الجوفية وتعميقها بصورة عشوائية لتلبية الطلب المتصاعد لإنتاج "القات"، وهذا الأمر سبّب أزمة صحية للسكان جراء أضرار "القات"، ناهيك عن استهلاك كميات أكبر من المياه على حساب نصيب الأفراد. 

وكشفت الدراسة بعض الأرقام، التي تعكس جانبًا مأساويًّا في الأزمة، من بينها حالات الوفيات جراء السقوط في المنحدرات أو في الآبار خلال رحلة البحث عن المياه بمديرية الأزارق، التي بلغت 30 حالة بين عامي 2022 – 2023. 

كما قالت الدراسة إن النساء يتحملن بنسبة 91% من مسؤولية جلب المياه.

 

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.