مقالات

من نافذة متاخمة للطيور

13/01/2023, 18:48:52

حين تقطن مدينة جديدة، غالباً ما يشرع صباحك بالقلق، لا قائمة مهام معتادة تباشرها، يختلف توقيت استيقاظك ومزاجك، الطعام الذي تتناوله يعتمد على الصدفة، وصداع خفيف نتيجة استبدال وسادتك وسريرك الاعتيادي، ربما رائحة المكان أيضا مختلفة وتسبب مشكلات غير متوقعة، الطعام المحلي الذي تحاول تجربته، ورحلة صباحية في طرقات المدينة الجديدة ربما أول ما سيخطر في بالك، ومن ثم أول ما تفضله، وربما أيضاً وبدون أن تشعر تدفعك غريزتك لأن تكون على دراية بمحيط لاكتشافه.

بالنسبة لي غالباً ما أخطط لكل ذلك، ولا أنفذ منه شيئا على الإطلاق، أفكر بشراء الأساسيات فقط ثم اترك نفسي مستلقياً على السرير لأطول وقت دون أن أبالي بالوقت. في الليلة السابقة، اشتري ماكنة صنع القهوة، وفنجان يصاحبها، عادة أقضي الليلة على البلاط، ثم أفكر بعد أيام باقتناء أثاث.  

تجربة الانتقال تجربة ساحرة، مسرح تستعيد من خلاله ترتيب ذاتك ولملمة خيباتك المتراكمة، ولكنها رغم ذلك تكشف لك المزيد عن ذاتك، وحتماً سوف تكتشف وتتعلم شيئاً مختلفاً.

شرب قدح من القهوة السوداء الغامقة أو قدحين لا يضر، وهذا ما أفعله الآن تحديداً، ولست وحيداً ولحسن الحظ، فالحياة في الولايات المتحدة تستحضر نفسها بكؤوس البُن الصباحية، مدن مثل نيويورك أو شيكاجو أو "سان فرانسيسكو " كؤوس القهوة تتجول مع الركاب عبر أنفاق القطارات، وبجانب مقاعد السيارات. فكرة الحياة مع قدح صباحي مخلوط بحليب الأبقار الطبيعي دون إضافات أخرى تختلف من صباح إلى صباح، ومن مدينة إلى مدينة، وسيختلف مذاقها في صباح يوم بارد يطل على حواف غابة تشاهدها لأول مرة كلياً.

الحياة هي مزيج من التنقل والاكتشاف، بدون ذلك تصبح شكلا روتينيا هزليا وأقل بهجة ومتعة. وفي بعض الأحيان تصبح مملة، وتنتهي في المحطة نفسها، وهذا ما لا أستطيع التفكير بحدوثه لي.

في التنقل - إن كنت مخططا ناجحا - لن تواجه أي صعوبات وعقبات الاكتشاف، وإن كنت محظوظاً سوف تحقق ما لن تحققه وأنت تقف في المكان نفسه، الذي لا تستطيع تغييره! لقد وجدت أفضل الفرص لأولئك الأشخاص الذين يغيّرون نمط حياتهم، إنها لعبة مزدوجة: قم بتغيير مكانك سوف تتغير فرصك.

من الأشياء المدهشة في التنقل إنه وسيلة ناجحة لفهم العالم حولنا، وقد يكون هذا صعباً في البداية، لكن سرعان ما نعتاد عليه ويصبح أسلوب حياة. وعلى ذكر الذكرى، كنت قبل سنوات أتسكع في ممرات المماشي المحاذية لسواحل وطرقات محطات قطارات بروكلين، ثم تعلمت التسكع في مانهاتن المتوهجة ليلاً والمزدحمة وقت الظهيرة، لازلت أتذكر وقوفي أمام تمثال الحرية تحت سماء نيويورك البرتقالية، شاهدت سواح يلتقطون الصور نفسها التي التقطتها، تحدث مع نفسي أن أواصل المشي وأن أراقب دون توثيق تلك اللحظات بأي شكل سوى ذاكرتي، ومن ثم تركت لنفسي أن أحصل على تجربة ثرية واترك لذاكرتي الدليل والعمل الوحيد على وجودي هناك. جادلت مع نفسي: "ستتلاشى الذاكرة، يجب أن التقط المشهد ، وأكتب كما كان أصدقائي ينصحوني بكتابة كتاب أو رواية أو ما شابه. فلسوء الحظ أصدقائي يتوقعون أني أمتلك القدرة على كتابة رواية أو كتاب مدهش، تعليقاً على تواضع الأعمال الأدبية اليمنية، لكني لا أتوقع لنفسي الكثير، شرعت في تلك الفكرة في وقت مبكر من حياتي، ولكن أحجمت عنها لاحقاً مرات ومرات! . تفاوضت:
- سأنجح!
-لا سوف أفشل!
ووقفت ساكناً دون فعل شيء مكتمل من هذه الناحية.

اعتقد أن الذكريات تتلاشى، وهذا صحيح، ولكن هل هذا سيئ أم لا؟ وهل نحتاج إلى غير الذاكرة حتى تكون التجربة مهمة؟ لا أظن ذلك!

اليوم أعيش في شمال ولاية تينسي، وتقطن العديد من الطيور بجوار نافذة شقتي الخلفية، أحياناً يوقظني أصوات زقزقتها، ثم اتجه إلى النافذة بشكل متكرر لرؤيتها. عند النظر إلى الطيور الشائعة في أمريكا، هناك استثناء مدهش في غنائها، في تشابهها، وهو أيضاً شيء يشبهنا، أقصد نشبه الطيور في التنقل والهجرة.

تواجه الطيور تحديات الطبيعة، تغادر مساكنها إلى مناطق أكثر أماناً، العالم العبقري "داروين" سمّى ذلك "توازن الحفاظ على النوع"، علمياً هذا مسألة لا جدال علمي حولها، ما يميزنا طبيعيا الحفاظ على النوع الاجتماعي، كل الكائنات، بحيث يمكن ملاحظة ذلك جينياً اليوم، وإنها دون شك
مسألة جيّدة لمواصلة  الوجود.

* ديسمبر ٢٠١٢ - تينسي

مقالات

حكاية الكافرة شجون ناشر (1-2)

في "سنة الجُدَري"، شاع الخبر في "قرية العكابر" بأن شُجُوْن ناشر كفرت بربّها، ودخل الشك إلى قلبها، وتوقفت عن الصلاة، وبدلاً من أن تصلي صارت تغنِّي، وأصبح الغناء صلاتها.

مقالات

العليمي: مأرب بوابة النصر القادم

بعد الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، أصبح من الواضح للجميع، سواءً على الصعيد الإقليمي أو الدولي بما في ذلك القائمون على مشاريع السلام الدولية في اليمن، بأنه بدون مأرب قلعة الصمود والاستبسال والاستعصاء فإن الحوثيين لن يتوقفوا حتى يصلوا إلى آخر نقطة على حدود عُمان.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.