مقالات

ألاعيب التاريخ مع الديكتاتوريات

07/05/2024, 16:32:23

التاريخ غريب في إعطاء الدروس للشعوب والحكام معاً، رغم ما تنتظمه من قوانين، أو  ما يمكن تسميته بالسُّننْ التاريخية، أو تقلبات التاريخ، وسقوط الدول، وتغيُّر الأنظمة عبر قرون طويلة وآلاف السنين منذ فجر التاريخ، وبقدر ما أصبحت مقدمة ابن خلدون خلاصة للتاريخ فهي أبعد ما تكون عن كل من يصل إلى السلطة.

والعجيب في أمر التاريخ أن لا أحد يعتبر من التاريخ ووقائعه وأحداثه ودروسه، ولا أحد يعتبر ممن سبقه أو انقلب عليه؛ لأن الوصول إلى السلطة والإحساس بنشوتها وسكرتها يُنسي جميع منظري السلطة الجديدة وقادتها النظر إلى الوراء، وأخذ العبرة والعظة والخبر.

لا يفكرون كيف يدخلون التاريخ النظيف من أوسع أبوابه لإقامة العدل والنظام ودولة القانون، خاصة وقد تهيأت لهم الأسباب جميعاً من أطرافها، وامتلكوا دولة بكل مقوِّماتها على طبق من الذهب الخالص، وهو أمر لم يفعله التاريخ القريب مع غيرهم على الإطلاق.

فحولوا البلاد والعباد والدولة والنظام بسلطاته الثلاث إلى ملكية خاصة وسلالة بعينها.

ومن مصادفات الأقدار أنْ وضعت قبلهم حاكماً جاهلاً لا يُفرِّق بين الذي والتي، حاقداً على شعبه كما لم يحدث من قبل على ظهر هذه الأرض، قاتلهم لسنوات طويلة حفاظاً على نظامه البائس المتهالك وديمقراطيته الكاذبة وهامش الحرية المصظنع والوهمي، ثم لمَّا ثار الشعب عليه، لم تنطفئ نار الانتقام من أعماقه إلا بتهيئة الأسباب والتحالف مع ألد أعدائه وأعداء نظامه السابق، وأعنف خصومه، الذين كان يقاتلهم حتى يكاد يقضي عليهم، وعلى فتنتهم، يصدر الأوامر لقادته بالتراجع، وترك ما تبقى منهم كخميرة لفتنة وورقة مستقبلية، كما كانت سياسته الحكم بالأزمات والحروب، وإذكاء الخصومات، طوال فترة حكمه، وذلك لحفظ -ما يسميها- بتوازنات كانت قد اختلَّت للأبد باعتراف الكثير من قادته العسكريين، وهو الذي كان يتباهى لسنوات طويلة بأنه الراقص على رؤوس الثعابين، وبكل أسف كان قد تحالف مع أناكوندا ألتفت بعد أقصر تحالف حول عنقه، وأخرجته من اللعبة والتهمت البلاد والعباد.

ولعلنا لا ننسى الفيلم الأمريكي  الراقص مع الذئاب لكيفن كوستنر، الذي تعايش مع الذئاب، وليت صاحبنا تعايش مع الثعابين لمصلحة اليمن، وليت الذين بعدهم يتعظون من ثعابين من سبقهم.

الراقص مع الثعابين أيضاً وجد نفسه في السلطة بعد فعلته الشنيعة، حيث استلمها على طبق من فضة ودم، ولقد عرفنا أن سلطة طبق الفضة هذا استمر 33 عاماً، والمُخيف والمُرعب اليوم كم سيحكم الذين استولوا على السلطة على طبق من ذهب.

في عام 2010، وما قبلها بقليل، كُنا قادرين على قراءة المستقبل، وأن التغيير قادم لا محالة، ولقد كتبنا في معركة بيننا وبين سلطان البركان في صحيفة "إيلاف" حول أن التغيير قادم لا ريب فيه.

الحتمية التاريخية لأنظمة الحكم ونهايتها تأتي كثيراً في غفلة من الزمن، وغفلة من الشعوب أيضاً، لكنها تأتي لأسباب لا يتخيلها عاقل أو حاكم، وأن نهايته كالذي يلاقي حتفه بظلفه وأفعاله، وللأسف هذا موجود بتواتر في مقدمة ابن خلدون، هذه المقدمة التي تفتقت في لحظات من التاريخ لرجل تنقل في السلطة وبلاط الحكم في دول عديدة، واستطاع، خلال أربعة أشهر من التفرغ في إحدى الجزر المعزولة عن العالم، أن يقول للحكام والأنظمة هكذا تسقطون، ولكنهم لا يعتبرون؛ لأن مقولة إن التاريخ أحياناً كثيرة يكرر نفسه، وحيناً لا يفعل، وخاصة مع حكام مغوليين وجدوا أنفسهم في غفلة من التاريخ نفسه، ومن الشعوب ومن العالم الحر، على رأس سلطة منحتهم ما لم يكونوا يحلمون به حتى في أحلامهم وأحلام يقظتهم.

والحماقات كثيرة وتتكاثر، وتأخذهم العزةُ بالإثم، وستأخذهم بعيداً لا ريب في ذلك، أم أنه مقدَّرٌ لليمنيين طول العناء والحياة بالحروب، والبقاء بالدم.

ستظل اليمن في دم كل يمني حر، سواء في الداخل أو الخارج..
"وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون".

مقالات

الإمامة هي المشكلة والجمهورية هي الحل

قديماً، في زمن كل الحروب: حروب العرب والإسلام والصليبيين والمغول والتتار وغيرهم، كان المنتصر فيها هو من يكتب التاريخ، وتصبح جرائمه وانتهاكاته وحتى مذابحه ملاحم وبطولات وأمجاداً يورِّثها لمن بعده ومن يليه ولأحفاده بعده، ولم تكن هناك رواياتٌ مغايرة لما جرى إلاَّ لماماً ونادراً، طالما تعرَّض أصحابها لضرب الأعناق وجزِّ الرؤوس وهدم البيوت وحرق الكُتب ومحو كل أثرٍ لأصحابها، ولا داعيَ لذكر المزيد.

مقالات

الحقيقة العارية: اليمن بين إدارة الفوضى وتجارة النفوذ

من يتأمل المشهد اليمني اليوم يدرك أنه لم يعد مجرد صراع داخلي بين قوى متناحرة على السلطة، بل تحول إلى عقدة جيوسياسية مفتوحة على احتمالات أبعد من جغرافيا اليمن وحدوده. فما يحدث ليس وليد لحظة عابرة، بل حصيلة تراكم طويل من التداخلات بين المحلي والإقليمي والدولي، حيث صار اليمن ساحة صراع تتقاطع فيها مشاريع الغير أكثر مما تتبلور فيها خيارات الداخل.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.