منوعات

عُشبة الأساطير والزينة.. الشَّذاب رائحة المناسبات وروحانية الأمكنة في اليمن

19/01/2023, 09:18:02

"عُود شذاب ولا مئة كتاب"، بهذه العبارة تدخل الستينية فتحية للمشاركة في الحديث عن فوائد الشذاب، وأهمية وجوده في المنزل كحِرز، وحماية من السَّحر والشياطين.

جاءت الحجَّة فتحية من منطقة عصر، لشراء الشَّذاب لتضعه جوار حفيدها -ابن بنتها- حديث الولادة وأمِّه، معتقدة أن وجوده في المنزل يطرد الجن، لأنهم يفرون من رائحته، ويحميهما من العين، خاصة مع كثرة الزوَّار في أيام الولادة التي تستمر أربعين يوما.

- هُوية وموروث

الشَّذاب جزء من الهوية اليمنية، والموروث الثقافي لمختلف المجتمعات المحلية، وليس حكرا على "فتحية" أو محافظة صنعاء وحدها، ولا تكاد تجد مناسبة اجتماعية تخلو من رائحته، يفوح في  أرجاء المنزل حتى صار مقترنا بالأفراح والمناسبات، وتحرص الأسر على شرائه.

تعد نبتة الشَّذاب من النباتات العِطرية التي تسمى في اليمن "المشاقر"، التي تضعها النساء -ولا سيما القرويات- على جوانب خدودهن للزِّينة، ونشر الرائحة العَطرة في المكان، إلا أن الشَّذاب يتخطى حدود الزينة إلى جوانب رُوحية وعلاجية كثيرة.

ونظرا لارتباط الأسر اليمنية بالشَّذاب، تحرص العائلات على زراعته في مساحات صغيرة جوار المنازل، أو في أحواض صغيرة على الأسطح والشُّرفات، بغرض الاقتناء الشخصي، وليس البيع.

بحسب أكرم -بائع شذَاب- يتكاثر الشَّذاب عن طريق البُذور، وتُفضَّل زراعته في الأماكن المكشوفة، وينمو -في جميع المواسم- في أماكن كثيرة باليمن، إلا أن أكثر الأماكن، التي تشتهر بزراعته بكميات تجارية في محافظة صنعاء، هي "أرحب، الحتارش، وبني الحارث".

- تجارة شعبية

يتَّجه أكرم -صباح كل يوم- باكراً إلى "باب اليمن"، قبل أن يغادر تُجار الجملة، ويشتري كمية كبيرة من الشَّذاب، ليبيعها في جولات المرور -غرب أمانة العاصمة- إلى جوار نبات "العنصيف" أو ما يسمى "الخوعة".

يقول أكرم، في حديثه لـ"بلقيس": "يزرع الشَّذاب في مساحات واسعة، وعندما يحين قطافه يأتي أحد التجار الكبار لشراء المساحة كاملة، كما يحدث عند شراء القات، ثم ينقله إلى السوق الشعبية في باب اليمن، ليتم بيعه بالتجزئة، وينتقل منه إلى أماكن واسعة وسط المدينة وخارجها".

لا يعتبر "باب اليمن" السوق الوحيدة لتجارة عشبة الشَّذاب العطرية، التي تنمو إلى ارتفاع يصل إلى خمسين سنتيمتراً، وتنتشر تجارته في معظم الأسواق الشعبية، إلا أن السوق الشعبية في مدينة صنعاء القديمة تُعد الأبرز بتجارته.

الشاب العشريني "أكرم" يعمل في بيع الشَّذاب منذ طفولته، لكنه لا يهتم بما يتداوله الناس عن فوائده، وارتباطه بالموروث الثقافي، بقدر ما يهمُّه مقدار الكمية التي سيبيعها في اليوم، ليعيل أسرته المكوَّنة من أربعة أفراد.

يشتري أكرم مجموعة من الحُزم ب700 ريال للحُزمة الواحدة، ويبيعها بـ1000 ريال، ولهذا يعتقد أن عائدات بيع الشَّذاب مُجزية، ويُواظب على تجارته، لا سيما أنها تستطيع الصمود معه لأيام طويلة.

- نكهة الأفراح

على بُعد أمتار من "باب اليمن"، تجلس الستينية "عتيقة" بين عدد من النساء الكبيرات في السن، اللاتي يعملن في بيع الشَّذاب، إلى جانب البيض والدجاج البلدي، منتظرات أصحاب المناسبات والأفراح لشراء مبيعاتهن.

تؤكد "تقية" أنها تعمل في بيع الشَّذاب منذ زمن طويل، وهذا ما جعلها تعتمد على نفسها منذ وفاة زوجها، ولا تحتاج إلى مساعدة أحد من الناس.

 تقول تقية لـ"بلقيس": "الشَّذاب مرتبط بالمناسبات، وعندما يأتي شخص معه مناسبة، وخاصة الولاد، يأخذ كمية كبيرة، أما من يشترونه كهدية للزينة فيكتفون بحُزمة واحدة".

 تضيف: "بعض الناس لازم يشتروا الشَّذاب -لذي يجي عوده طويل- في العُرس، أما الولاد فيشتروا له الساق القصيرة، وبالنسبة للسعر لا يتغيَّر، لكنه أيام البرد يقل وجوده بالسوق، ويزيد السعر حاجة بسيطة".

 تسرد تقية العديد من فوائد الشَّذاب، التي لا تقف عند رائحته العِطرية القوية لأوراقه وزهراته الصفراء الزكية، التي تعطي الأفراح نكهتها الخاصة في بيوت اليمنيين منذ القِدم، وتحصِّنها من الجِن والشرور والسِّحر، والاستخدام كتعويذات مجرَّبة لا تستطيع الشياطين اختراقها، وكيف يُضاف إلى البخور لعلاج الشخص المصاب بالمسِّ.

-وظائف علاجية

يعتقد البعض -كالحجَّة تقية- أن عُشبة الشَّذاب تقوم بوظائف متعددة، وتعمل على  تطهير المنزل من الحشرات والنمل والصراصير، وتستخدم خلاصة أوراقها وزيتها في ترطيب البشرة، وفي إعطاء نكهة لبعض الأطعمة، خاصة "اللِّبى" والسَّلََطات.

وتؤكد بعض الدراسات الطبية على الفوائد العلاجية لنبتة الشَّذاب، التي تُستخدم كمنبِّه لعضلات الرَّحم، ومقوِّية للجهاز العصبي والبصر، ولتصفية السُّموم من الجسم، وتُساهم في خفض الضغط وطرد الديدان، لكنها تشدد على ضرورة تعاطيها بجرعات ووصفات مدروسة، حتى لا تكون لها نتائج عكسية.

منوعات

أجهزة طبية قطرية حديثة لمرضى القلب في تعز

الهلال الأحمر القطري يدشن بالشراكة مع قطر الخيرية، العمل بجهاز القسطرة القلبية Azurion 3 F15، في تعز وهو من الأجهزة المتطورة والحديثة المستخدمة في التشخيص الدقيق والعلاج الآمن لأمراض القلب والأوعية الدموية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.